ولد الأمين العام السابق لحزب الله الشهيد السيد عباس الموسوي عام 1952 في الشياح، من أبويين هاشميين لتظهر الرفعة الإنسانية والأخلاق العظيمة والجرأة بالمواقف في سلوكه وتصرفاته، فكان قريباً للناس متودداً لهم منذ صغره خاصة أولئك المستضعفين المعذبين.
وإيماناً بالقضية الحقّة للشعب الفلسطيني التحق بالمقاتلين وهو في العاشرة من عمره، حيث تلقى التدريب العسكري في عدة مواقع منها أحد المخيمات في دمشق، وأصيب في احدى التدريبات في ساقه، لم تمنعه من مواصلة النصرة لقضية يؤمن بها ويتابع أخبارها، حتى أصبح للقضية محوراً خاصاً في حياته.
لمس السيد موسى الصدر شخصية السيد الموسوي المميزة فاقترح عليه الالتحاق ب "معهد الدراسات الإسلامية" ليتعمّم وهو في سن ال16، ليسافر بعدها إلى العراق ويكمل دراسته على يد السيد محمد باقر الصدر.
بعد خمس سنوات أتمّ السيد دراسته وعاد إلى لبنان عام 1973، ليعود في نفس العام إلى العراق، ويكون اللقاء الأول مع الشيخ راغب حرب، ويعيش مع زوجته حياةً زاهدة صابرة، خاصة مع ممارسات النظام العراقي حينها، فكان يقضي جلَّ وقته بالقراءة والبحث والتبليغ، إضافة للندوات واللقاءات العلمية والثقافية التي كان يجريها مع الطلاب من كافة البلدان.
لعب السيد الموسوي دوراً هاماً في مجابهة النظام العراقي والاحتلال الإسرائيلي للبنان،وكان صلة الوصل بين السيد محمد باقر الصدر وبين السيد المغيّب الامام موسى الصدر، حيث كان يأتي إلى لبنان كل عام في شهر محرم، ليُطلع الأخير على ظروف العلماء في النجف.
عام 1978 أمر صدام حسين بإنهاء المسيرات العاشورائية فتم قصفها بالطائرات، فيما توجهت قوّة لاعتقال وقتل السيد الموسوي لكنه كان قد غادر العراق بطلب من السيد محمد باقر الصدر بعد تعرضه للملاحقة والمراقبة المستمرة.
بعد عودته إلى لبنان جمع الطلبة والعلماء الذين استبعدوا من العراق بحوزة "الامام المنتظر" ليكملوا دراستهم.
عام 1980 استشهد السيد محمد باقر الصدر الذي كان قد أوصى بتعيين السيد عباس الموسوي وكيلاً له لبنان.، ليبدأ حينها بتأسيس "تجمع علماء المسلمين" من البقاع ويكون أول تجمع علمائي في لبنان. ثم أنشأ وزوجته حوزة "السيدة الزهراء" إيماناً منه بعظمة دور المرأة في المجتمع وبهدف بناء نموذج المرأة المسلمة وكان لذلك الأثر البالغ على امتداد الساحة البقاعية.
وضمن سعيه لتوحيد الأمة الإسلامية حول القضية الفلسطينية وضرورة بناء الوعي لمواجهة المخاطر التي تهددها، زار السيد باكستان في آذار عام 1990 حيث جال على أكثر من 17 قرية، ومن هناك انتقل إلى أفغانستان لزيارة المقاتلين ضد الوجود السوفياتي ثم إلى كشمير.
كشمير، شكلت محطة ثالثة لجولات السيد الموسوي، التي زارها للاطلاع على أحوالها، وهناك كان له لقاء مفتوح بالإذاعة خاطب فيه كل أهالي كشمير وأكد على وقوف ومساندة الشعب الحر في تحرير مصيره ضد الاحتلال.
بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران زار السيد الموسوي، الامام روح الله الخميني ليعود بعدها إلى لبنان، وينمّي الوعي السياسي والجهادي لدى الشباب اللبناني، فيما التحق بأول دورة تدريبية للحرس الثوري الإيراني في "جنتا-البقاع" رغم كل التدريبات التي تلقاها سابقاً، وكان قائداً ميدانياً مقداماً.
عام 1982 تأسس "حزب الله" وكان السيد عباس الموسوي من أبرز المؤسسين والداعمين له مع ثلة من القادة والكوادر.
بعد الاجتياح غادر السيد منزله في بعلبك إلى الجنوب حيث التقى بالشيخ الشهيد راغب حرب، الذي ترك خبر استشهاده عام 1984، أثراً كبيراً في نفس السيد.
عام 1985 تسلّم السيد مسؤولية شورى الجنوب في حزب الله، فيما اضطر لمغادرة الجنوب بعد سنتين.
سعى السيد دائماً لمحاصرة دعوات الفتنة التي انتشرت في ذلك الوقت لإحداث شرخ بين الشعبين اللبناني والفلسطيني، وتعدّت اهتماماته بتعميق الوحدة بين العلماء المسلمين هذه المنطقة الجغرافية لتصل إلى العديد من بلدان العالم.
عام 1991 انتُخب السيد الموسوي أميناً عاماً لحزب الله ليُنجز الكثير من الأمور بمختلف المجالات السياسية والثقافية والوطنية رغم أنّ هذه المدة التي قضاها في الأمانة العامة قبيل استشهاده لم تتجاوز ال 9 أشهر. فانخرط مع الشعب بشكل كبير واستمع لهواجسه وكان يردد دائماً: "أنا بخدمتكم لكن لي عندكم وصية حفظ المقاومة".
في شباط عام1992 وبعد مشاركة السيد عباس الموسوي بإحياء ذكرى شهادة الشيخ راغب حرب، وأثناء عودته استهدف الاحتلال الإسرائيلي سيارته ليستشهد مع زوجته وطفلهما.
المصدر: موقع المقاومة الاسلامية
الكاتب: غرفة التحرير