يشكل تطور القدرات الصاروخية لحركات المقاومة قلقًا دائما بالنسبة لكيان الاحتلال، وهذا ما توقعه رؤساء وقيادات إسرائيلية منذ قيام هذا الكيان، حيث باتت تعتبرها "تهديدا وجوديا" يصعب التعامل معه، في ظل إداركها ان السلاح البري الإسرائيلي غير قادر على خوض الحرب والجوي قد فشل.
موقع غلوبس العبري أكد في مقال له ان "إسرائيل تحولت إلى الطرف الأكثر عرضة في العالم لتهديد الصواريخ، بحيث بنت إيران في الـ 15 عاماً الأخيرة وتوابعها منظومة صواريخ مؤلفة من أكثر من 250.000 صاروخ ومقذوفة صاروخية ومسيرات انتحارية"، كاشفا عن ان" المساعدة الخارجية الأميركية للسنوات القادمة تقدر بـ9 مليارات دولار تركز كلها تقريباً على شراء طائرات لسلاح الجو، وتقريباً لا شيء من أجل تعزيز الجيش البري كما كان ينوي كوخافي أن يفعل في خطة "تنوفا". معتبرا ان ذلك بمثابة "ضربة قاسية جداً للتوازن الصحيح بين ذراع الجو والفضاء وذراع البر".
النص المترجم:
في العام 2017، كتب الدكتور عزرائيل لوربر (عمل سابقاً مساعد كبير لمدير عام وزارة العلوم والتكنولوجيا) أنه يوصي الجيش الإسرائيلي بإقامة سلاح صواريخ ضد التهديد الوجودي لصواريخ العدو، والتي تتفاقم مثل حلقة خانقة حول "إسرائيل".
ورغم القوة الكامنة في إطلاق الصواريخ نحو "إسرائيل" التي تعتبر في أيامنا هذه هي أخطر بعشرات الأضعاف مما كانت عليه أثناء كتابة هذا التقرير، لم يدرك هذا المستوى القيادي الأعلى لسلاح الجو والجيش الإسرائيلي، ولم يتم إنشاء سلاح الصواريخ حتى يومنا هذا.
وبدلاً من التطلع إلى المستقبل وإعداد الجيش لمواجهة التهديد الوجودي، تواصل القيادة العليا للجيش الإسرائيلي الاستعداد لمواجهة الحروب الماضية. الأمر يتعلق بجمود مفاهيمي يحمل الكثير من الغرور والـ "أنا".
أيضا في كتاب للواء إسرائيل طال، "أمن قومي"، الذي صدر عام 1996، كتب: "إنّ وجود صواريخ بعيدة المدى في دول قريبة وبعيدة من شأنه أن يقوض قدرة الردع التاريخية لإسرائيل. إن هذه التهديدات الجديدة من شأنها أن تحدّ من قدرة سلاح الجو على أداء مهمته الاستراتيجية. في عصر الصواريخ البعيدة المدى، قد ينشأ واقع استراتيجي جديد في الساحة: الصواريخ من شأنها أن تمنح العرب قوة ردع استراتيجية وفعالة وسلب قدرة الردع الاستراتيجي من إسرائيل. يجب على إسرائيل أن تعتمد على قوات ووسائل هجومية إضافية طويلة المدى. إن القوة الجوية لم يعد بالإمكان أن تعمل بمفردها كركيزة استراتيجية حصرية لإسرائيل".
ما فهمه اللواء طال منذ نحو 30 عاماً، حتى قبل دخول الصواريخ إلى منطقتنا، لم يفهمه كبار قادة الجيش الإسرائيلي وسلاح الجو ولم يستوعبوه حتى يومنا هذا، على الرغم من أن تنبؤات طال والدكتور لوربر تحققت.
تحولت "إسرائيل" إلى الطرف الأكثر عرضة في العالم لتهديد الصواريخ، بحيث بنت إيران في الـ 15 عاماً الأخيرة وتوابعها منظومة صواريخ مؤلفة من أكثر من 250.000 صاروخ ومقذوفة صاروخية ومسيرات انتحارية. لم يستطع المستوى القيادي الأعلى في الجيش الإسرائيلي وسلاح الجو تقديم رد هجومي أو دفاعي، وهم مستمرون بالاعتماد بشكل شبه حصري على الطائرات.
والأخطر من ذلك، في الخطة المتعددة السنوات لرئيس الأركان أفيف كوخافي "تنوفا"، تم التحدث بصراحة عن ضرورة زيادة القوة النارية بواسطة الصواريخ الدقيقة والطائرات المسيرة، وأن يتم تزويد الكتائب المقاتلة بوسائل قتالية تسمح لها بالتعامل مع نطاق متعدد الطبقات وتدمير قوات العدو (المصطلح هناك "كتائب كإتروج").
عملياً، الخطط شيء والأفعال شيء آخر، المساعدة الخارجية الأميركية للسنوات القادمة تقدر بـ9 مليارات دولار تركز كلها تقريباً على شراء طائرات لسلاح الجو، وتقريباً لا شيء من أجل تعزيز الجيش البري كما كان ينوي كوخافي أن يفعل في خطة "تنوفا".
هكذا لا يمكن الانتصار في الحرب
هذه ضربة قاسية جداً للتوازن الصحيح بين ذراع الجو والفضاء وذراع البر؛ وبالتالي هكذا لا يمكن الانتصار في الحرب. فعالية سلاح الجو، التي كانت كبيرة ضد طائرات العدو في الحروب السابقة، ليست فعالة على الإطلاق ضد مئات الآلاف من الصواريخ أرض - أرض والقذائف الصاروخية.
الكثير من هذه الصواريخ دقيق، يتم إطلاقها لمدى بمئات الكيلومترات وتحمل مئات الكيلوغرامات من الرؤوس الحربية؛ حتى أن البعض يغير مكانه طوال الوقت. ستطلق صواريخ العدو وقذائفه الصاروخية في الحرب متعددة الساحات القادمة نحو الجبهة المدنية الإسرائيلية (الجبهة الداخلية) بمعدل وسطي 3000 صاروخ وقذيفة صاروخية يوميا.
فقد سلاح الجو تفوقه الاستراتيجي في الحفاظ على "السماء" كما تنبأ بالضبط اللواء طال منذ نحو 30 عاماً. على الرغم من وجود ميزة واضحة اليوم للإيرانيين وحلفائهم أمامنا، يواصل قادة سلاح الجو والجيش الإسرائيلي اتباع نفس المسار الثابت وكأنه لم يتغير شيء، ببساطة لا يمكن فهم ما يدور في أذهانهم. هذا الفشل هو الأخطر في تاريخ أمن "إسرائيل".
وللتذكير إنّ سلاح الجو لم ينجح حتى في وقف نيران الصواريخ التي أطلقتها "حماس" و"الجهاد الإسلامي" من غزة نحو غلاف القطاع وبئر السبع وأشدود وعسقلان وغوش دان في عملية حارس الأسوار وفي كل جولاتنا القتالية السابقة ضدهم.
السؤال الذي يطرح نفسه حول سبب قيام القيادة العليا لسلاح الجو والجيش الإسرائيلي بذر الرمال في عيون الجمهور والقول بإن سلاح الجو سيقوم بالعمل في الحرب القادمة المتعددة الساحات، فإذا كان هو غير قادر على الرد على خلية في منطقة صغيرة في غزة مقابل "حماس" في ظل اجواء مفتوحة وخالية من طائرات العدو، ومن صواريخ الدفاع الجوي؟ فإن الحرب المتعددة الساحات ستجري في آن واحد ضد هؤلاء الأعداء: حزب الله في لبنان والجهاد الإسلامي وحماس في غزة والميليشيات في اليمن والعراق وسوريا، وأيضا قد تدخل إيران وسوريا في هذه المعركة.
ستدور الحرب المتعددة الساحات في مناطق شاسعة على بعد مئات الكيلومترات، وسيكون هناك خطر كبير على طائراتنا من صواريخ أرض - جو وصواريخ دقيقة سيتم إطلاقها نحو قواعد سلاحنا الجوي.
أي شخص عاقل لا يستطيع أن يفهم ومن الصعب جداً عليه أن يفهم ما الذي قاد المستوى الأمني والسياسي في السنوات الأخيرة إلى الانغلاق والجمود الفكري وعدم المسؤولية الفاضح حيال أمن "مواطني إسرائيل". هل تملي القيادة العليا لسلاح الجو على الجيش الإسرائيلي ما ينبغي أن يستثمر فيه؟ حتى عندما تكون قدراته على تقديم الرد المناسب على الصواريخ أرض - أرض والصواريخ المجنحة لدى العدو، نقطة في بحر مقارنة بقدراته في الحروب الماضية ضد طائرات العدو.
هل من الممكن أن نفهم لماذا لم يستثمر الجيش الإسرائيلي في الهجوم عبر صواريخ أرض- أرض وعبر الدفاع بـ"الليزر" في السنوات الـ 15 الأخيرة؟ عندما تم تخصيص معظم المساعدات الخارجية الأميركية للطائرات، كان الجيش يتدهور ويتراجع إلى الخلف.
هل يمكن أن نفهم كيف تخلى المستوى السياسي والأمني عن الجبهة المدنية (الجبهة الداخلية) التي ستكون الجبهة الرئيسية في الحرب القادمة؟ هذا انغلاق صارخ وعدم مسؤولية يذكرنا تحديداً بما حدث على جبل "ميرون". إذا لم يستيقظ قادة الجيش وإذا لم يعدّوه لمواجهة تهديد متعدد الساحات، فمن شأن الحرب القادمة أن تجلب على "إسرائيل" كارثة مؤكدة.
المصدر: موقع غلوبس العبري
الكاتب: غرفة التحرير