يحتل حزب الله في منظومة محور المقاومة والممانعة مركزًا هاما، وللحزب تأثيره القوي سواء على صعيد تفعيل العلاقات بين مكونات هذا الفريق او على صعيد الدور الذي يلعبه بمواجهة المخططات والاخطار الاستكبارية التي تستهدف المنطقة بشكل خاص والعالم بشكل عام.
لكن لماذا يحتل حزب الله هذه المكانة وما هي الاسباب التي تجعل منه فاعلا في نسج العلاقات بين مكونات محور المقاومة وتطويرها؟
لا شك ان حزب الله بما حققه تاريخيًا من انتصارات على الكيان الاسرائيلي وخلال السنوات الاخيرة بمواجهة الجماعات التكفيرية الارهابية، والأداء السياسي والعملي اللافت في صدقه وإخلاصه جعل من الحزب وقياداته وأفراده محط إعجاب لدى الكثير من مكونات شعوب المنطقة وبالتحديد تلك التي ترفع لواء الدفاع عن القضية الفلسطينية، ومقاومة الاحتلال الاسرائيلي والداعمين له دوليا وإقليميا، وهذه الثقة جعلت مختلف القوى المقاومة والممانعة –سواء دولا او فصائل أو تيارات- تتعاطى بارتياح وانفتاح مع حزب الله.
ولذلك نرى منذ سنوات طويلة ان حزب الله يتمتع بعلاقات ممتازة مع كل الاطراف في محور المقاومة بدءا من إيران وسوريا وصولا لكل حركات المقاومة خاصة الفلسطينية(على تنوعها) وصولا للمقاومة العراقية التي تصدت للاحتلال الاميركي منذ العام 2003 واستمرت حتى تأسيس الحشد الشعبي بمواجهة احتلال تنظيم "داعش" الارهابي.
كما ان لحزب الله علاقات مميزة مع الشعب اليمني المقاوم الذي يتصدى للحرب السعودية الاميركية منذ اكثر من 7 سنوات، والحزب لا يفوّت مناسبة إلا ويؤكد فيها على مظلومية هذا الشعب ومساندته بمقاومة العدوان ويقدر تضحياته وصموده في ظل إنكفاء الكثير من مدّعي الحريات دولا وتيارات عن مناصرة اليمنيين تحت وطأة الضغط السعودي المالي والسياسي، وفي ظل الغطاء الاميركي والغربي لهذه الحرب الظالمة والعبثية، خاصة ان حزب الله يواجه اليوم بسبب مواقفه من الحرب على اليمن هجمة شرسة تحاول تشويه صورته والضغط عليه.
وهذا الدور الذي يقوم به حزب الله يمكن رصده عبر ما يقوم به بشكل متواصل بدون أي تأثيرات سياسية او غير سياسية عليه، فلو أخذنا مثلا العلاقة مع الفصائل الفلسطينية: فإن الحزب لم يوفر فرصة لتقديم الدعم لها وتطوير قدراتها بمقاومة الاحتلال الاسرائيلي، وبهذا السياق قدم الحزب أبرز قيادته على طريق القدس وفلسطين على رأسهم القائد الجهادي الكبير الشهيد الحاج عماد مغنية، ناهيك عن تطوير قدرات المقاومة الفلسطينية بمختلف التقنيات والاسلحة التي ساعدت برسم قواعد ردع للكيان الاسرائيلي.
وبذات السياق، تعاطى الحزب مع المقاومة العراقية بُعيد الاحتلال الاميركي في 2003، فالحزب قدّم كل ما يمكنه لتفعيل المقاومة وتوحيدها وتطوير قدراتها ورفدها بالخبرات العسكرية خدمة لمشروع التحرير من الاحتلال الاميركي وإعادة بناء الدولة.
أما بخصوص العلاقة مع سوريا، فقد تطورت هذه العلاقة بشكل كبير خاصة بعد مشاركة حزب الله بمواجهة الحرب التي شنت عليها والوقوف بوجه الجماعات التكفيرية، جنبا الى جنب مع الجيش والشعب في سوريا، علما ان العلاقة مع سوريا كانت أصلا مميزة جراء دعم القيادة السورية ومساندتها للمقاومة بمواجهة العدو الاسرائيلي.
أما عن علاقة حزب الله بايران فهناك الكثير من الشواهد التي تؤكد مدى صلابة هذه العلاقة منذ مطلع ثمانينات القرن الماضي، وكل طرف طالما واجه الكثير من الضغوط جراء علاقته بالآخر، وكمؤشر على عمق هذه العلاقة يمكن الاشارة الى ما خرج الى الاعلام عن العلاقة الودية والاخوية التي كانت تجمع القائد الشهيد قاسم سليماني بالامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، ونفس الامر بالنسبة للشهيد ابو مهدي المهندس وغيره من قيادات محور المقاومة بالعلاقة مع قيادة الحزب.
وبالتالي حزب الله يحتل مكانة يستطيع فيها المساهمة بتقريب وجهات النظر بين مكونات محور المقاومة، فيما لو وقع اي اختلاف وعامل مساعدة على تطوير هذه العلاقات، ومنها مثلا ما سبق ان مرت به العلاقات بين بعض قوى المقاومة الفلسطينية والقيادة السورية في فترة معينة، حيث عمل الحزب على رفع منسوب الثقة والتواصل بين الطرفين بما يخدم القضية الاساس للمحور اي القضية الفلسطينة لمنع اي خلاف داخلي يصب اولا واخيرا في مصلحة المشروع الاميركي الاسرائيلي.
كما ان حزب الله كان عامل تفاعل وتوفيق في فترات معينة بين بعض الجهات العراقية للتقريب بينها في مسائل عدة، في حين نسج وطوّر العلاقات بين مختلف قوى المقاومة مع الجمهورية الاسلامية الايرانية عبر فتح قنوات الاتصال والتمهيد للقاءات ولتقريب وجهات النظر بين مختلف الاطراف.
هذا الدور المحوري للحزب قد يفسر جانبا من الضغوط الاميركية والغربية والخليجية التي يتعرض لها في الاعلام والسياسة، ولماذا تشن كل هذه الحملات ضده، كما ان هذه العلاقات البناءة والهادفة بين مكونات محور المقاومة تفسر لماذا يحقق هذا المحور كل هذه النجاحات رغم قوة وتكاثر الاعداء في كثير من الاحيان.
الكاتب: غرفة التحرير