منذ بداية العدوان الإسرائيلي على إيران، عبّر العديد من الشخصيات الإعلامية والفكرية والفنية الإيرانية المحسوبين على المعارضة الإيرانية داخل إيران وخارجها، عن إدانتهم للجرائم الإسرائيلية، ودعوا إلى تعزيز وحدة الصف والتماسك الشعبي بين الإيرانيين.
اللافت في هذه المواقف أنّها صدرت عن أفرادٍ اشتهروا بانتقادهم للنظام الإيراني، ما يعكس طبيعة الإرادة الشعبية الوطنية، وعمق الوعي الوطني، والانتماء الصادق إلى الهوية القومية في مثل هذه اللحظات الحساسة.
يمكن فهم هذه المواقف التي أطلقها المعارضون الإيرانيون، بالاستناد إلى مصطلح "الالتفاف حول العَلَم" الذي يوحّد الشعوب في وجه التهديد الخارجي مهما كانت خلافاتهم الداخلية عميقة. وصاغ "جون مولر" هذا المصطلح في السبعينات، حين درس كيف أن تأييد الرأي العام الأميركي للرئيس يرتفع عادةً خلال النزاعات والأزمات الدولية، واعتبر أن فكرة "الالتفاف حول العَلَم" تجسّد جانباً أساسياً من السلوك الاجتماعي البشري: وهو غريزة الاتحاد في مواجهة التهديد المشترك، ففي أوقات الخوف أو عدم اليقين، يسعى الناس بشكل طبيعي إلى التضامن وإلى قيادة واضحة.
فيما يلي أبرز هذه المواقف:
المفكّر الإيراني المعارض للنظام الإيراني عبد الكريم سروش:
في بداية الثورة الإسلامية في إيران، انضم سروش إلى النظام الثوري وكان من المقربين من آية الله الخميني. تم تعيينه عضوًا في مجلس الثورة الثقافية، وكان له دور مهم في "أسلمة" الجامعات الإيرانية بعد الثورة. بدأ يبتعد تدريجياً عن الخط المتشدد، وأصبح من أبرز النقّاد لولاية الفقيه وسياسات النظام الإيراني. ودعم حركة الإصلاحيين، لا سيما خلال عهد الرئيس محمد خاتمي، وكان يُنظر إليه كرمز للمفكرين الإصلاحيين. بعدها غادر إيران إلى الخارج واستقر في الولايات المتحدة.
موقفه من العدوان على إيران: "أكثر ما يؤلم، عندما نرى مجموعةً من المرتزقة، لا يحملون من هويّتهم الإيرانية إلا اسمها، بينما هم إسرائيليّون في الحقيقة، يحتفلون بينما الناس في عزاء. يعربون عن بهجتهم، ظنّاً منهم أنّ هؤلاء المجرمين المغتصبين، قادرون على وهب الحريّة للإيرانيّين، وأنّهم قادرون على إيجاد وطنٍ آمنٍ لنا، وأنّ بإمكانهم أن يكونوا رسل السلام والأمن لنا. هم لا يعلمون أن لا أحد أقرب إليهم من أبناء الوطن. ولا يمكن لأيّ أجنبيٍّ أن يحلّ محلّ ابن جلدتهم. ولا يمكن لمن لا يشاركنا اللغة والدين أن يحتلّ مكان إخواننا في اللغة والدين".
"نحن ندين هذه الجرائم، وهذه الاعتداءات وهذه المجازر، وهذه الإبادات. ونتقدّم بالعزاء لشعب إيران، ونشاركهم الحداد، على ما قدّموه ويقدّمونه من الشهداء، ونفتخر بأنّ في إيران رجالاً يمضون على طريق الشهادة والتضحية، وهم يدافعون بوجودهم وإيمانهم عن أرضهم ووطنهم ودينهم".
الأكاديمي الإيراني صادق زيبا كلام المعروف بمعارضته الشرسة للنظام الإيراني:
أكاديمي ومحلل سياسي إيراني معروف، وأستاذ في جامعة طهران. يتميز بمواقفه الليبرالية وانتقاداته الصريحة للنظام السياسي في إيران. يشكك زیباکلام في جدوى البرنامج النووي الإيراني، ويرى أن الإنفاق الهائل عليه لا يخدم الاقتصاد ولا المواطن الإيراني. وينتقد أداء الحكومة الإيرانية والمؤسسات القضائية والأمنية.
بالإضافة إلى أنه يعارض بشدة السياسات التي تنتهجها إيران تجاه الغرب، خاصة الولايات المتحدة وإسرائيل. وله كتب ومؤلفات تتناول الفكر السياسي الإيراني، منها ما ينتقد النظام ومنها ما يعرض رؤيته للتغيير والإصلاح.
علق على العدوان على بلده: "مندهش من نتنياهو وترامب والأمير رضا بهلوي يريدون مني الاصطفاف معهم ضد بلدي!" وأضاف: "ما من أحد كتب ضد النظام أكثر مني لكني لن أكون مع أعداء إيران في هذه الظروف".
الكاتب والمفکّر المعارض للنظام الإيراني محسن كديور:
مفكر وفقيه شيعي إصلاحي بارز، وأحد أبرز الأصوات الدينية الناقدة للنظام الإيراني من داخل المنظومة الدينية، يقيم حالياً في الولايات المتحدة. ينتقد ما يعتبره "تدخل" إيران في شؤون الدول الأخرى مثل سوريا واليمن ولبنان. ومن أبرز المنتقدين لمبدأ ولاية الفقيه المطلقة. ويرى أن على إيران أن تركز على الإصلاح الداخلي لا تصدير الثورة.
قال عن إسرائيل بأنها "ممقوتة أكثر من أي وقت مضى". ودان العدوان الإسرائيلي على إيران. إذ قال: "يُدان العدوان الإسرائيلي على الأراضي الإيرانية بشكل مطلق ومن جميع الزوايا".
وأضاف: "إسرائيل، تحت ذريعة الدفاع عن النفس، لا تعترف بأي حقوق أو احترام لأي طرف تعتبره عدواً أو تهديداً. إن الكيان الصهيوني يُعد مثالاً واضحاً للطغيان، والشيطنة، وسقوط الإنسانية".
الكاتب والمحقق الإيراني محمد علي همايون كاتوزيان:
أكاديمي إيراني بارز ومتخصص في الاقتصاد والتاريخ السياسي. ويُدرّس حالياً في معهد الدراسات الشرقية بجامعة أكسفورد. ويختلف مع النظريات التي تنسب كل المشاكل في إيران إلى عدو خارجي.
علّق على العدوان: "أُدين الاعتداء الإسرائيلي على وطني وأبناء وطني. لستُ راضيًا عن طريقة تعامل الحكومة مع الشعب، لكن اليوم هو يوم الدفاع عن الوطن وعن أرواح وممتلكات شعبنا العزيز والمُعذب. علينا أن نضع القضايا الداخلية جانباً في الوقت الراهن، وأن نُفكّر في الوطن والأمة".
المؤرخ والفيلسوف الإيراني المعارض حمید دباشي:
أستاذ الدراسات الإيرانية والأدب المقارن في جامعة كولومبيا في نيويورك. في خطابه انتقادات واضحة وشاملة وبنيوية للجمهورية الإسلامية الإيرانية.
تعليقه على العدوان:
- "إن العدوان العسكري للكيان الاستعماري الحاكم في فلسطين المحتلة على أرض إيران المقدسة هو أحدث صفحة في التاريخ المشؤوم للكيان الصهيوني قاتل الأطفال".
- "إن الشعب الإيراني، بكل معتقداته السياسية وأيديولوجياته، سواءً أكانت معارضة أم مؤيدة للنظام الحاكم، يعتبر أرض أجداده أهم من حياته".
- "إن أمتنا المثقفة والمتعلمة ترى وتعرف أصدقاءها وأعداءها بوضوح - وهذه الأمة نفسها ستخرج من هذا الاختبار التاريخي بفخر وانتصار".
النائبة السابقة والمعارضة الإيرانية فاطمة حقيقتجو:
شخصية إصلاحية بارزة في إيران وعضوة سابقة في البرلمان. تعتقد ان الطريق الوحيد لإنقاذ إيران هو الانتقال من الجمهورية الإسلامية إلى نظام ديمقراطي غير أيديولوجي وعلماني.
علقت على العدوان على الشعب الإيراني: "إن ادعاء نتنياهو بأن هدفه ليس الشعب الإيراني بل النظام الإيراني ليس إلا كذبة. هدف إسرائيل هو وحدة أراضي إيران".
المحامية والناشطة ضد قانون الحجاب مهرانجيز كار:
من أوائل المحاميات المناديات بحقوق النساء في عصر ما بعد الثورة.
قالت: "عندما أرى الغارات الإسرائيلية على إيران اليوم، أشعر أنني أرى منزلي يحترق. إنهم (إسرائيل) يستهدفون وطني. وهذا غير مقبول".
الممثلة الإيرانية كلشيفته فراهاني:
من الشخصيات التي اتخذت موقفاً صريحاً ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وأيدت احتجاجات 2022 بشدة واصفة إياها باللحظة التاريخية.
علّقت على الاعتداء على الشعب الإيراني والإنذار بمغادرة طهران بالتالي: "إنذار إخلاء طهران مجرد شعار ديماغوجي لإظهار أن ليس لديهم نية قتل الشعب الإيراني، لكنهم (الشعب) لم يغادروا ساحة المعركة بأنفسهم. كيف يُمكن لأكثر من 9 ملايين شخص، بلا وقود، وغالباً بلا مدخرات كافية للانتقال، وبلا منزل ثانٍ في مدينة أخرى، أن يُخلوا طهران؟ إن كنتم تنوون قتل الشعب الإيراني، فعلى الأقل كونوا صادقين ولا تُخفوا عبء المسؤولية".
الكاتب: غرفة التحرير