اختار المرشح الرئاسي دونالد ترامب عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الجمهوري في أوهايو، جي دي فانس، مرشحاً لمنصب نائب الرئيس. وهو الاسم الذي أثار جدلاً واسعاً كونه كان من أشد معارضي ترامب سابقاً حتى أنه وصفه بـ "الأحمق والجاهل والسخيف" في كتابه الذي حقق نجاحاً لافتاً. ثم نعته بأحد التعليقات بـ"هتلر أميركا". كل ذلك، كان بالنسبة لترامب ماضياً يمكن تجاوزه خاصة وأن دي فانس بدّل تموضعه إلى جانب الرئيس السابق بعد أن خسر الجولة الانتخابية الماضية. لكن التساؤلات حول أسباب هذا الترشيح يمكن تلخيصه بما صرّح به بايدن في حديث إلى الصحفيين: " إنه نسخة من ترامب". وهذا بالضبط ما يريده الأخير فعلاً.
يقول فانس أنه "أدرك تدريجياً أن معارضته للرئيس السابق كانت متجذرة في الأسلوب وليس في الجوهر". وهاجم "وسائل الاعلام التي كانت تشوه الحقائق" خلال ولاية ترامب. ولزوم التموضع الجديد، اتخذ مواقف "متطرفة" كتلك التي قال فيها بأنه "لم يكن ليصادق على نتائج انتخابات 2020 لو كان نائباً للرئيس". "على استعداد لدعم ترامب في أي موقف تقريباً".
يمكن تلخيص المشهد بأن ترامب اختار جي دي فانس نائباً له لأنه سيفعل ما لم يفعله مايك بنس في 6 كانون الثاني/ يناير -أي عند اقتحام مبنى الكابيتول-. وفانس "على استعداد لدعم ترامب في أي موقف تقريباً"، على حد تعبير رئيس حملة بايدن الانتخابية، جين أومالي ديلون.
كما أن محاولة الاغتيال كانت فرصة إضافية ليعلن فانس عن أنه قد يذهب بعيداً في مواقفه. ففي الوقت الذي كان المشهد السياسي مشحوناً بعيد الحادثة، كتب على منصة X أن "خطاب حملة بايدن أدى مباشرة إلى محاولة اغتيال الرئيس ترامب".
وراء الكواليس، ساعد فانس في إقناع المتبرعين من كبار المتمولين بدعم ترامب. حيث ساعد فانس في تنظيم حملة لجمع التبرعات في منطقة الخليج في حزيران/ يونيو استضافها أصحاب رأس المال الاستثماري ديفيد ساكس وتشاماث باليهابيتيا.
من ناحية أخرى، تُظهر استطلاعات الرأي أن ترامب فاز بنسبة 61% من أصوات المحاربين القدامى في عام 2016، ولكن 54 في المائة فقط في عام 2020. كان هذا الانخفاض البالغ 7 نقاط مهماً في الولايات التي خسر فيها: 81000 صوت في ولاية كيستون. 155,000 في ميشيغان؛ وفقط 21000 في ولاية ويسكونسن. إذا استطاع جني 7% بين قدامى المحاربين فإنه يفوز بولاية ويسكونسن وميشيغان بسهولة، ويغلق الفجوة في ولاية بنسلفانيا وكذلك الولايات المتأرجحة الأخرى. ولهذا الأمر أيضاً كان اختيار ترامب لفانس مدروساً.
اذ أن فانس، الذي عمل في سلاح مشاة البحرية، وتحدث عن مذكراته في كتابه "Hillbilly Elegy"، سيعمل على حصد أكبر عدد من الأصوات في تلك الولايات، بعد أن يخاطبهم بلغته الخاصة كقدامى محاربين. وهذا ينطبق أيضاً على تجربته كمحارب في العراق عام 2005. وهو بالنسبة لهم يدرك ما يعنيه ارتداء الزي العسكري في منطقة حرب. فهو حذر من إلزام القوات الأميركية بأي معركة. لذلك، يعتبر خبراء متابعون أن اختيار ترامب لهذا السناتور الشاب -يبلغ من العمر 39 عاماً- كنائبٍ له خطوة ذكية.
ثمة من يقول أن ترامب أراد أيضاً بوصول فانس إلى البيت الأبيض كمساعد له في إدارته، أن يرسخ نهجه داخل الحزب الجمهوري، ودافعاً قوياً لاستمرار حركة MAGA إلى ما ولاية ترامب. وكأنها جزء من ارثه السياسي. وقد بدا فانس بتصريحاته واضحاً بشأن التزام مواقف ترامب حيال بعض القضايا، كالإجهاض وضبط الحدود ثم العلاقة مع الدول الحليفة والخصوم على حد سواء.
وتسأل صحيفة واشنطن بوست في هذا الصدد، إلى أي مدى تحول الحزب عن رونالد ريغان وجورج بوش الأب وجورج دبليو بوش؟. بعد أن صرح فانس بأنه لا يولي اهتماماً لما يحدث في أوكرانيا. كما أنه أظهر شكوكاً في القضية الأوكرانية، عندما دعا في لإلغاء العقوبات المفروضة على روسيا، والمناورة لمنع حزمة المساعدات العسكرية في مجلس الشيوخ وحتى السفر إلى مؤتمر ميونيخ للأمن لانتقاد أوكرانيا.