الجمعة 21 تشرين ثاني , 2025 10:54

كيف تناولت الصحف الأميركية زيارة بن سلمان إلى واشنطن؟

 يعود تاريخ العلاقات السعودية الاميركية إلى عقود خلت، شهدت فيها العلاقة بين الطرفين مساراً متعرجاً، مزدهراً حيناً وضبابياً حيناً أخر. وعلى الرغم من الوصف المتبادل لطبيعتها على أنها ضرورة للأمن القومي، يمكن القول أنها أصبحت في أروقة البيت الابيض تقيّم على أسس مختلفة، وكأنها ليست علاقة طبيعية بين دولتين، بل دولة بين إدارتين. ولا نبالغ اذا قلنا بأن الحاجة السياسية التي أخذت بيد بايدن إلى الرياض خلال ولايته، لم تغير من تقييم الديموقراطيين للمملكة، بعد أن حرصت أوساطهم الصحفية على تلخيص مشهد الزيارة بعبارة "المنبوذ يفوز".

في قراءة سريعة للصحف الأميركية، يمكن تلخيص ما ورد بنقطتين، يوضحهما الانقسام بين اوساط الجمهوريين والديموقراطيين. اذ اندرجت التغطية تحت عنوانين، الأول بحجم الاتفاقيات التي عقدت أو قيل بأنها قيد الدراسة، من الاستثمارات السعودية في واشنطن إلى صفقة طائرات الـ F35 و"التعاون النووي"، ثم تبرئة البلاط من دم الصحفي المعارض جمال خاشقجي. في حين وصف البعض رد ترامب على سؤال الصحفيين بشأن عاشقجي بأنه متوقعاً، نظراً للمكاسب الشخصية التي يحققها من هذه العلاقة التي يسعى دائماً إلى استغلالها إلى أبعد الحدود. قائلا: "الكثير من الناس لم يحبوا ذلك السيد الذي تتحدث عنه" رد ترامب. "سواء أعجبتك به أم لا، تحدث هذه الأمور".

 الثاني: تقييم الزيارة بما عالجت من قضايا. اذ اعتبرت صحيفة واشنطن بوست أنه "حتى في غياب التطبيع بين إسرائيل والسعودية، هناك وضع طبيعي جديد يسيطر على الشرق الأوسط.. حيث أوضحت الزيارة الأولويات الجيوسياسية لكلا البلدين". فعلى الرغم من مطالبة بن سلمان لترامب وضع انهاء الحرب في السودان على جدول أعماله، (والتي قرأها البعض مطالبة لتقييد دور الامارات المتعاظم فيها)، لم تحضر حرب الابادة الاسرائيلية على قطاع غزة والتطهير العرقي في الضفة الغربية بقوة على طاولة النقاش. اذ أن بن سلمان الذي لطالما طالب بمسار ينتهي بإقامة دولة فلسطينية كمقدمة للتطبيع مع كيان الاحتلال، تسلم مراراً الجواب الاسرائيلي، بعدم الموافقة، وقد شرعن ذلك، بقرار مجلس الأمن قبل أيام من الزيارة.

المفاوضات مع إيران، والحرب في السودان وغزة وسوريا، والعلاقة مع اسرائيل، وملفات أخرى كانت حاضرة على الطاولة، منها ما قيلت أمام وسائل الاعلام وأخرى بقيت في الأروقة. غير أن صفقات ترامب المتزايدة، غلبت على تغطية عدد من الصحف الأميركية أيضاً.

وبحسب صحيفة واشنطن بوست فإن "استغلال العلاقات السياسية لتحقيق مكاسب شخصية أمر معتاد في الخليج العربي، حيث تمتلك العائلات الحاكمة الوراثية سلطة شبه كاملة، ولا يحمل مصطلح "تضارب المصالح" وزناً كبيراً.

لكن الخلط بين السياسة وتحقيق الأرباح خلال فترة الرئيس ترامب الثانية حطم الأعراف الأميركية، وصدم العلماء الذين يدرسون الأخلاقيات والفساد على حد قولها. مشيرة إلى أن مصالح عائلة ترامب العقارية وغيرها من الأعمال ازدهرت في السعودية خلال ولايته الثانية.

منذ انتخاب ترامب قبل عام أعلنت دار جلوبال، الشريك التجاري لمنظمة ترامب عن ما لا يقل عن أربعة تطورات تحمل علامة ترامب في السعودية. من بين الروابط التجارية في المملكة:

الدرعية: تخضع منظمة ترامب للمفاوضات حول عقار يحمل علامة ترامب وهو من أكبر مشاريع العقارات الحكومية في السعودية، والذي تبلغ قيمته 63 مليار دولار.

مشاريع تحمل علامة ترامب: يخطط لبناء برج ترامب في مدينة جدة الساحلية، كما تم الكشف عن مشروعين في الرياض. في أيلول/سبتمبر، أعلنت دار جلوبال أنها ستبني أيضاً مشروع "ترامب بلازا" في جدة، واصفة إياه بأنه مشروع بقيمة مليار دولار يضم "مساكن فاخرة" ومساحات مكتبية و"عمود فقري أخضر مستوحى من سنترال بارك".

جولف: استضاف دوري LIV Golf المحترف المدعوم من صندوق الثروة السيادي السعودي، بطولات في نادي ترامب الوطني دورال للجولف بالقرب من ميامي.

جاريد كوشنر: ساهم صندوق الثروة السيادي السعودي بمبلغ 2 مليار دولار في صندوق استثماري يديره جاريد كوشنر، صهر ترامب. وفي أيلول/ سبتمبر، تعاونت شركة كوشنر والصندوق السعودي السيادي مع مستثمر آخر في اتفاق لجعل شركة نشر ألعاب الفيديو إلكترونيك آرتس خاصة. تقدر قيمة تلك الصفقة بحوالي 55 مليار دولار. إذا تم إتمامها، فستكون أكبر عملية شراء بالرافعة المالية على الإطلاق.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور