بينما كان كيان الاحتلال والولايات المتحدة الأمريكية والسلطة الفلسطينية ومصر والأردن يجتمعون في العقبة، في إطار مؤتمر "أمني" لمناقشة استراتيجيات "وأد المقاومة الفلسطينية"، كان أحد أبناء هذه المقاومة في الضفة الغربية يهندس خطّة قتلت ضابطًا في وحدة خاصة بالجيش ومستوطن عند حاجز "حوارة" في نابلس، واخترقت رصاصاته مقررات الاجتماع التي سرعان ما أجهضت قبل ولادتها فعليًا. ليضع الشاب الفلسطيني الاحتلال أمام الاشكالية القديمة – الجديدة " كيف يمكن التعامل مع فرد قرّر وخطط وحده لتنفيذ عملية.. كيف يمكن توقّع هذا؟" فلا "العقبة 2003" ولا "العقبة 2023" توقف الانتفاضة الفلسطينية!
في سياق استمرار المقاومة رغم "الاجتماعات" الاسرائيلية – الأمريكية، صرّح النائب الثاني لرئاسة المجلس التشريعي الفلسطيني، حسن خريشة أنّ "قمة العقبة ستفشل فشلاً ذريعاً في ظل تصاعد المقاومة ولن يكون بمقدور أحد مجابهتها لأن المقاومة باتت ثقافة شعب يرزح تحت الاحتلال". وشدّد عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي نافذ عزام أن "ما يسمى بالمجتمع الدولي يعطي إسرائيل مزيداً من الوقت ليرتكب جرائمه رغم قناعة العالم بأن تلك السياسات التي تنتهجها دولة الاحتلال فاشلة، وأن الشعب الفلسطيني متمسك بحقه في مواصلة رحلة كفاحه ونضاله".
وعلى وقع العملية، بدأت الانتقادات داخل أوساط الاحتلال لهذا الاجتماع، اذ ادعى وزير "هجرة الاحتلال، أوفير سوفر أنه "على الوفد الإسرائيلي الانسحاب فوراً من اجتماع العقبة". ورأى المحلل العسكري يوني بن مناحيم أن "اللقاء الأمني في العقبة مضيعة للوقت". فيما وجّه مراسل موقع "واللاه" العبري انتقاداته الى الحكومة التي "وعد قادتها بمحاربة الإرهاب (المقاومة) بكل قوتهم، واتهموا أسلافهم بالتراخي، لم يعد بإمكانها أن تقف مكتوفة الأيدي أمام 13 قتيلاً خلال شهر، لقد وعدتم، لذا التزموا".
وإن زعم الاجتماع "تعزيز فبضة" السلطة الفلسطينية مقابل تراجع جيش الاحتلال في مناطق الضفة، فقد دُحضت هذه التوصيات مع قرار الجيش "تعزيز" منطقة الضفة بكتيبتين إضافيتين، كما زيادة عمليات "التفتيش الأمني" على الطرق من وإلى نابلس. كما أشارت إذاعة "كان" العبرية الى أنه "لا يوجد أي قيود على عمل جيش الاحتلال في أعقاب قمة العقبة، وقد تقرر زيادة حواجز التفتيش حول مدينة نابلس، وتعزيز نشر قوات الجيش عند الطرق والمفترقات".
ارهاب المستوطنين خطر على أمن الكيان نفسه
ما وضعه وزير أمن الاحتلال ايتمار بن غفير على جدول مخططاته منذ توليه المنصب، بدأ يُترجم عمليًا. عصابات ارهابية مسلحة من المستوطنين خارج إطار الجيش والمستوى العسكري تشكّل خطرًا على الكيان نفسه، وقد تعزّزت بفعل إقرار الحكومة لآلاف من طلبات ترخيص السلاح.
اذ خرج المستوطنون ليلاً بعد عملية حاجز "حوارة" ليمارسوا إرهابهم في مناطق الضفة الغربية، فأحرقوا منازل وممتلكات الفلسطينيين وعمّت الفوضى وسط دعوات شعبية للتصدي. وسجّل الهلال الأحمر الفلسطيني: شهيد و390 إصابة خلال اعتداء المستوطنين وقوات الاحتلال على المواطنين في حوارة، وبيت فوريك، وزعترة، وبورين بنابلس.
علّق رئيس وزراء الاحتلال السابق وزعيم المعارضة حاليًا يائير لابيد أن "ميلشيات سموتريتش تقوم بحرق منازل الفلسطينيين في حوارة لنسف قرارات قمة النقب في العقبة، هذه الحكومة تشكل خطراً على أمن إسرائيل". ووصّف المراسل العسكري لقناة "كان" العبرية، إيتاي بلومنتال أن "بلدة حوارة جنوب نابلس تبدو كأنها ساحة حرب". فيما قالت صحيفة "معاريف" العبرية أن "ما يحدث في حوارة هو فقدان للسيطرة للنظام الأمني، مسؤولون في جيش الاحتلال يقولون إنه لا توجد قوات كافية في المنطقة للسيطرة على الوضع.
على الرغم من إرهاب المستوطنين على مدى ساعات، لا تزال قوات الاحتلال تشدّد حصارها لمدينة نابلس، وتغلق حواجز "حوارة" و"عورتا"، وطريق المربعة وزعترة، ومدخل مدينة "بيتا" وتعيق حركة الفلسطينيين على مدخل بلدة صرة جنوب غرب المدينة، وتنتشر على مداخل المدينة.
أمّا في قطاع غزّة، فقد خرجت المسيرات نصرةً لحوارة ونابلس ورفضاً لاعتداءات المستوطنين، وخاصة في مخيم النصيرات ومخيم المغازي (وسط القطاع) وفي رفح أيضًا جنوبي القطاع. وعند الحدود نشطت فعاليات الارباك الليلي.
الكاتب: مروة ناصر