أعلن جيش الاحتلال منطقة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلّة "منطقة عسكرية" مغلقة" وذلك بهدف قطع الطريق أمام مسيرات أو جولات لـ "حقوقيين" بعد الحادثة التي وقعت في الخامس والعشرين من شهر تشرين الثاني / نوفمبر الماضي، اذ تعرّض مستوطنون يساريون لاعتداءات على يد جنود الجيش من اليمين المتطرّف.
هذه الحادثة أثارت لدى المحللين في الصحف ووسائل الاعلام العبرية تساؤلات حول الجيش وأداء قيادته في ظل تصاعد اليمين المتطرّف بعد نتائج انتخابات "الكنيست" وصلاحياتهم في المناصب الحسّاسة التي سيحصلون عليها في حكومة بنيامين نتنياهو المقبلة.
وفي هذا السياق، اعتبرت صحيفة "هآرتس" العبرية أن "قطاع الخليل معقد للغاية... لهذا السبب هو بحاجة إلى قائد ممتاز... فيما الكولونيل روسيليو بعيد كل البعد عن ذلك".
من هو روسيليو؟
يشاي روسيليو هو ضابط في الجيش برتبة مقدم، وهو قائد "لواء يهودا" (منطقة الخليل) منذ مطلع العام 2022، وقبل ذلك كان قائد فرقة المظليين وقائد فرقة IOS بين عامي 2020 و2022 (فرقة منطقة يهودا والسامرة - فرقة 877 هي فرقة إقليمية واحتياطية في القيادة المركزية للجيش، قائدها الحالي هو آفي بلوت).
درس روسيليو في المعهد الديني اليهودي "ناحاليم"، والمعهد "هار براخا" التابع للحاخام اليعازر ميلاميد، وهو أحد أكثر الحاخامات الصهيونية تطرفاً، كما درس في كلية "هرتسوغ" (هي كلية لتدريب المعلمين، مرتبطة بمدرسة جبل عتصيون الدينية. تأسست عام 1973، ويرأسها الحاخام البروفيسور يهودا براندز). ومن هنا تكوّنت خلفيته اليمينية المتطرفة.
التحق بعدها في الجيش وتطوع في المظليين. خضع لعدّة دورات أولاً كمقاتل، ثمّ دورة قناص مشاة ودورة ضابط مشاة. بعدها تم تعيينه قائدا لسرية "رأس الحربة" في الكتيبة 101. شغل فيما بعد منصب نائب قائد وحدة "ماجلان"، وقائد مدرسة تدريب المظليين. ويتبنّى روسيليو سياسة العنف المفرط بشكل عام ومع الفلسطينيين بشكل خاص.
في تفاصيل الحادثة التي وقعت أواخر الشهر الماضي، قال أحد اليساريين إنه عندما كانوا يسيرون في شارع في الخليل، بدأ أحد جنود الاحتلال بشتمهم، وقال الجندي إنه "ممنوع أن نقف هنا وهناك، ووجه السلاح نحو الناشطين وراح يشتم ويصرخ"، وفق ما نقلته صحيفة "هآرتس". وأوضح ناشط آخر، يدعى ميخائيل مينكين، أنه "منذ أن أدرك الجنود أننا يساريون قالوا إنه يوجد خط وهمي يحظر أن نتجاوزه وأن علينا الانصياع للأوامر". وقال جندي آخر لليساريين إن "بن غفير سينظم الوضع في هذا المكان. انتهى أمركم". وأظهرت مقاطع مصوّرة أن أحد الجنود دفع بأحد اليساريين على الأرض ولكمه على فمه. وفي مقطع آخر، ظهر جندي يضع على سترته العسكرية ملصقاً رسمت عليه جمجمة وعبارة "طلقة واحدة، ميتة واحدة لا ندم، أنا من يقرر".
وعلى إثر هذه الحادثة التي وقعت تحت نظر قائد لواء الخليل روسيليو، عنونت "هآرتس" أن روسيليو "كان يجب أن يُقال منذ مدّة".
هذه ليست المرة الأولى التي يدخل فيها جيش الاحتلال بالإخفاقات والتصرفات الفاسدة أو المتطرفة في ظل قيادة روسيليو، فقد حُوكم سابقاً بسبب سلوكياته الفاسدة. تحت قيادته للواء المظليين، وقعت حادثة سقوط مروحية أثناء التدريب قتل فيها جنديان غرقاً. حاول روسيليو تضليل التحقيق ودسّ شهادات الزّور عبر إقناع أحد أعضاء فريق الجندي المقتول أفتار يوسفي بالاعتراف في التحقيق بأنه المسؤول عن سقوط المروحية.
فصل رئيس أركان جيش الاحتلال افيف كوخافي روسيليو عن منصبه كجنرال وجمّد ترقياته لمدة عام. بالإضافة إلى ذلك، أدين روسيليو بعدم الامتثال للتعليمات التي تلزمه بالخدمة في الجيش وحُكم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ، لكن في تشرين الثاني / نوفمبر من العام الماضي أعاد كوخافي تعيينه.
كذلك فإن روسيليو يعتبر من بين المتطرفين الذي يشجعون ويدعمون التوسّع الاستيطاني جنوب الضفة الغربية المحتلّة، وكان شريكاً عبر مناصبه بالجيش بارتكاب الجرائم بحق الشعب الفلسطيني.
إنّ وصول اليمين المتطرّف ورموزه الى مفاصل القيادة في جيش الاحتلال يهدّده بالتفكك، وهو ما عبّرت عنه مؤخراً صحيفة "يديعوت أحرنوت" من خلال رسم كاريكاتورياً يظهر ان ايتمار بن غفير الطامع بحقيبة الأمن في الحكومة الجديدة هو من سيحدّد سياسة وقرارات الجيش. كذلك ادّعى وزير أمن الاحتلال الحالي بيني غانتس في حديثه مع الاعلام العبري أن الجيش قد يفقد هيكليته "النظامية" ويتحوّل الى ميليشيات وعصابات مع صعود اليمين المتطرّف.
الكاتب: مروة ناصر