يدرك الشعب الفلسطيني جيدًا معاناة الشعبين السوري والتركي بعد الزلزال الكبير الذي أودى بحياة 21 ألف شخص حتى الساعة وترك عشرات الآلاف دون مأوى. فالشعب الفلسطيني لا يزال يقاسي مشاهد انتشال الجثث من تحت الأنقاض بفعل غارات جيش الاحتلال. ولا يزال يعيش حياة التهجير والشتات في مخيمات اللجوء داخل فلسطين المحتلّة أو خارجها. ولا يزال يتلقى المساعدات الدولية، ويرزح الشعب في قطاع غزّة تحت حصار مستمر لأكثر من 16 عامًا. لذا كان لابدّ من الوقوف الى جانب الشعبين في هذه الكارثة الإنسانية.
وصلت عدّة فرق للتدخل والاستجابة العاجلة تتألف من أطباء من مختلف التخصصات وممرضين ودفاع مدني والهلال الأحمر الفلسطيني الى كلّ من سوريا وتركيا عبر الحدود الأردنية للمشاركة في عمليات البحث والإنقاذ وتقديم المساعدة.
كما أطلقت وزارة الأوقاف الفلسطينية حملة "أغيثوهم" لمساعدة المنكوبين من خلال جمع التبرعات في المساجد بعد صلاة يوم الجمعة، أو من خلال حسابات بنكية. وقد صدحت المساجد في مختلف مناطق الضفة الغربية المحتلّة بالدعوات للتبرّع للشعبين السوري والتركي. وفي القدس المحتلّة، وتحديدًا في بيت حنينا أطلقت أيضًا حملة شعبية تحت عنوان "سوريا تستغيث" من أجل دعم ومساندة ضحايا الزلزال المدمر الذي وقع في سوريا.
وقد تبرّع فلسطينيون في قطاع غزّة وفلسطينيون مقيمون في تركيا بالدم من أجل الجرحى. كذلك تطوّع أكثر من 700 شاب فلسطيني في سوريا وتركيا، للمشاركة بعمليات الإنقاذ وتوزيع الطعام على المشردين.
وفي تركيا تحديدًا شكّلت الجالية الفلسطينية حملة "فلسطين معكم"، 27 فريقاً من ألف شاب للعمل في المناطق المتضررة، إلى جانب فتح 5 مراكز استقبال للتبرعات العينية. وأوضحت الحملة في بيانٍ لها، أنّ "18 مؤسّسة خيرية واجتماعية فلسطينية انضوت تحت الحملة وفتحت باب التبرع للمتضررين، مع تأمين مشاركة مئات الفلسطينيين في حملات التبرّع بالدم في تركيا". وأشارت إلى شراء كميات كبيرة من أدوات التدفئة وتوزيعها على المنكوبين من الزلزال، إلى جانب تأمين سكن طارئ لـ 100 عائلة فلسطينية وتأمين سكن نحو 60 طالباً فلسطينياً نزحوا من مناطق الزلزال".
تنديد بحصار سوريا
أكّد رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس في القدس المحتلة المطران عطا الله حنّا أن "الحصار المفروض على سوريا يمثّل جريمة حرب وانتهاكاً لأبسط حقوق الإنسان، وإمعاناً في استهداف سوريا وشعبها، ويجب رفعه خاصة في هذه الظروف المأساوية، وعلى الدول الصديقة وكل الأحرار أن يقدموا لسوريا كل ما تحتاجه لتجاوز تداعيات هذه الكارثة". معتبرًا أنه "في الوقت الذي تتغنّى فيه دول الغرب بحقوق الإنسان نراها تحجب المساعدات عن سوريا، وهذه وصمة عار في جبين الإنسانية، وخطأ جسيم يجب تصحيحه بأسرع ما يمكن، منعاً لتفاقم معاناة الشعب السوري".
بدوره اعتبر رئيس الفعاليات الوطنية الفلسطينية في الأراضي المحتلة عام 1948، الشيخ سلمان عنتير أن "الإجراءات القسرية الظالمة المفروضة على سوريا تمثل جريمة بحق الإنسانية تزيد من معاناة شعبها ويجب رفعها".
في قطاع غزّة، نظّمت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وقفة منددة بالحصار على سوريا و ما يمسى "قانون قيصر" في ساحة الجندي المجهول وسط غزة، ورفع المشاركون الأعلام السورية الى جانب الأعلام الفلسطينية. وخلالها شدّد عضو اللجنة المركزية العامة للجبهة الشعبية، ماهر مزهر "الذي يحاصر سوريا اليوم هو ذاته الذي يحاصر فلسطين، ومن يقوم بذبح الشعب السوري المكلوم بالعقوبات وبقانون قيصر ويمنع عنه الخبز ومعدات إنقاذ الضحايا من بين الركام هو نفسه الذي يحاصر شعبنا اقتصادياً ومعيشياً"، مؤكدًا على "وقوف الشعب الفلسطيني "إلى جانب الشقيقة الكبرى سوريا".
وتابع "مزهر" أن "المجتمع الدولي يُسيّر جسوراً جوية لدعم أوكرانيا بالسلاح والصواريخ المُحرمة دولياَ، في الوقت الذي يُساهم في تجويع شعب بأكمله في سوريا".
الفصائل الفلسطينية تتضامن مع دمشق
وجّه الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة رسالة للرئيس السوري بشار الأسد، أعرب فيها عن "كامل تضامنه وتضامن حركة الجهاد الإسلامي، والشعب الفلسطيني مع سوريا الشقيقة جرّاء الزلزال المدمر الذي ضربها". وبدروه تقدّم رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية للأسد بالتعزية والمواساة، معلنًا "عن كامل تضامننا ووقوفنا ووقوف شعبنا الفلسطيني بجانبكم، وجانب الشعب السوري الشقيق، الذي عبّر عن أصالته العروبية والإسلامية، بوقوفه ودعمه الدائم والمستمر لشعبنا في الماضي والحاضر".
وقد ذكرت آخر أرقام وزارة الخارجية الفلسطينية أن 72 فلسطينيًا قضوا في الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا.
الكاتب: مروة ناصر