يتعرّض الأسير والمحامي الفلسطيني صلاح الحموري لممارسات الاحتلال غير القانونية والتعسفية التي يفرضها على الشعب الفلسطيني وعلى أكثر من 5000 معتقل عبر ما يسمى الاعتقال الإداري، والذي يذرّع به الاحتلال لاعتقال الفلسطينيين دون تهم واضحة وبزعم "ملفات سرية" لا يطّلع عليها سوى "القاضي" الإسرائيلي.
اعتقل الاحتلال الحموري في آذار / مارس الماضي بتهمة الانتماء الى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وفيما كان قرار الاعتقال محدّد لـ 3 أشهر مدّد الاحتلال اعتقاله في حزيران / يونيو الماضي ثمّ مدّده مرّة أخرى في أيلول / سبتمبر الماضي.
أصدر الاحتلال قراراً بترحيل الأسير الحموري الى فرنسا في الرابع من الشهر الحالي، على اعتبار أنّه يحمل الجنسية الفرنسية، لكن هذا القرار أُرجئ مؤقتاً. في حين عبّرت الخارجية الفرنسية عن عدم رضاها على قرار الاحتلال لافتةً الى أنه يتسنى للحموري "يعيش حياة طبيعية في القدس" وأنها تتابع وضع الحموري عن كثب منذ اعتقاله.
إفراغ القدس المحتلّة: سياسة إسرائيلية ممنهجة
وفي حديثه لموقع "الخنادق" أوضح عضو اللجنة المركزية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، هاني الثوابتة، أن "هذا الاعتقال يأتي ضمن سياسة لتفريغ الأرض الفلسطينية من أهلها وإبعادهم عن حياتهم الطبيعية"، وخاصة أن الأسير الحموري، هو ابن مدينة القدس المحتلّة وبالتحديد القسم الشرقي منها الذي يدعي الاحتلال السيطرة عليه، ويحاصر سكانه بهدف تهويده بالكامل.
وشدّد "الثوابتة" أن الاحتلال "لم يستطع ان يثبت التهمة على الأسير الحموري، فلجأ الى هذه السياسة العنصرية، وأدار ظهره للقوانين والأنظمة الدولية ولم لا يحسب أي حساب لموقف المؤسسات الدولية ومؤسسات حقوق الانسان عندما يمارس الجريمة والإرهاب المنظّم بحق الفلسطينيين".
وحول قرار إبعاد الأسير الحموري الى فرنسا دون تهمة محدّدة، لفت "الثوابتة" الى أن هذه "سابقة خطيرة اذ ما نُفّذت حالياً فإنها ستفتح الباب لإمعان الاحتلال في مثل هذه السياسات"، داعياً المؤسسات الدولية والحقوقية الى العمل بجدية أكثر تسمح بالارتقاء من الموقف الى الدور الفاعل لتجريم وملاحقة زعماء هذا الاحتلال على ما يرتكبونه بحق الشعب الفلسطيني وبحق الإنسانية، على اعتبارها ممارسات ضد القانون الدولي وباعتبارها ممارسات تتنافى والمواثيق والأعراف الدولية".
كذلك أكّد "الثوابتة" على أهمية التضامن الشعبي والوطني مع قضية الأسير الحموري وخلق حالة رفض واسعة وشاملة بهدف تظهير مظلومية الأسير وحقوقه الإنسانية وفضح الوجه الحقيقي البشع للاحتلال.
المحامي الحموري: تاريخ من الاعتقالات
يعمل المحامي والاسير الفلسطيني الحموري في مؤسسة "الضمير"، وهي منظمة فلسطينية للمساعدة القانونية وحقوق الأسرى، صنّفها جيش الاحتلال "إرهابية" في تشرين الأول / أكتوبر عام 2021 إلى جانب خمس منظمات مجتمع مدني فلسطينية أخرى، ويزعم الجيش أنها مرتبطة بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
وللحموري، البالغ من العمر 38 عاماً، تاريخ من الاعتقال في سجون الاحتلال، اذ اعتقل أوّل مرّة عام 2001 لمدّة خمسة أشهر، ثمّ اعتقله إدارياً عام 2004 لمدّة أربعة أشهر. امّا في العام 2005 فقد اعتقل الاحتلال الحموري بتهمة محاولة اغتياله للحاخام عوفاديا يوسف، مؤسس حزب "شاس" الصهيوني الديني المتطرّف، وأمضى الأسير 7 سنوات في السجون قبل أن يطلق سراحه في صفقة "وفاء الأحرار"، صفقة تبادل الأسرى التي تمت عام 2011 بين حركة حماس وكيان الاحتلال.
الا أن الاحتلال أعاد اعتقاله إدارياً في العام 2017 لمدّة 13 شهراً ومنعه من دخول الضفة الغربية لمدّة سنتين. وفي العام 2016 أبعد الاحتلال زوجة الحموري (إلسا لوفور) وهي فرنسية، إلى فرنسا.
في العام 2021، ألغى الاحتلال تصريح إقامة الحموري في القدس الشرقية، بذريعة "معلومات سرية"، وفي هذا السياق قال زياد الحموري، مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، وهو ابن عم والد صلاح، إنّ "أكثر من 16 ألف مقدسي جردوا من إقاماتهم في غضون العقود الثلاثة الماضية، والحديث هنا يتعلق بعائلات وليس بأفراد فقط".
ولم يكن اعتقاله الإداري الأخير وقرار إبعاده الى فرنسا، المرّة الأولى التي يتجاوز بها الاحتلال كل القوانين الدولية في تعامله مع الأسير، اذ سبق وأن اخترق الاحتلال عام 2021 هاتف الأسير الحموري مستعيناً بشركة “إن إس أو" الإسرائيلية للتكنولوجيا، وهي شركة تكنولوجيات إسرائيلية معروفة باستخدامها برنامج "بيغاسوس" التجسسي.
وتعرّضت الشركة الإسرائيلية لقضايا من قبل الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، والرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان بسبب اختراقها لخصوصية الأسير.
الكاتب: مروة ناصر