يأتي يوم الأسير في السابع عشر من شهر نيسان / ابريل في سنة شكّلت قضية الأسرى محطة اهتمام استثنائي في الساحة الفلسطينية لما عصفت بها من مستجدات وأحداث لها أبعاد على مجمل الصراع مع الكيان الإسرائيلي المؤقت، ولابدّ من التوقّف عندها وقراءتها.
نفق الحرية
شكّلت العملية البطولية "نفق الحرية" التي استطاع فيها 6 أسرى وهم القائد محمود العارضة، محمد العارضة، يعقوب القادري، مناضل نفيعات، أيهم كممجي وزكريا الزبيدي، تحرير أنفسهم من أكثر سجون الاحتلال تشدداً في الإجراءات الأمنية والحراسة "جلبوع" الملقب بـ "غوانتنامو إسرائيل" و "الخزنة الحديدة"، ولا تزال مؤسسات وأجهزة الاحتلال تقف عند حلّ معضلة تجاوز الاسرى كلّ هذه "التحصينات". وقد مثّلت قضيتهم ومسؤولية حمايتهم نقطة إجماع فصائلي ووطني فلسطيني. وعلى الرغم من إعادة اعتقالهم الا أن أسماءهم وضعت على رأس القائمة في صفقة التبادل القادمة.
معركة الأمعاء الخاوية
بعد نجاح العملية، تعرّض الاسرى في مختلف سجون الاحتلال لإجراءات انتقامية وتنكيلية حيث مارست مصلحة السجون سياسة العزل وتقليص الفورة وفرض الغرامات المالية وسحب الكثير من حقوق الأسرى بالإضافة الى منع زيارات الأهل، فخاض الاسرى إضراباً جماعياً مفتوحاً عن الطعام ضمن برنامج يتدرّج في التصعيد لوقف هذه الهجمة التعسفية، وبلغ التهديد حدّ إعلان سرايا القدس النفير العام في صفوفها والتدخّل – كما الفصائل الأخرى – لو أمعن الاحتلال بممارساته. لكنّ الأسرى انتصروا في معركتهم من داخل السجون واستطاعوا انتزاع مطالبهم.
كذلك خاض سبعة معتقلين إداريين معركة الأمعاء الخاوية لأكثر من 100 يوم، وهم كايد الفسفوس، مقداد القواسمة، علاء الأعرج، هشام أبو هواش ورايق بشارات، شادي أبو عكر وحسن شوكة، ولاقت قضيتهم اهتماما شعبياً واسعاً خاصة مع تدهور وضعهم الصحي، واستطاعوا الحفاظ على "الأمعاء الخاوية" سلاحاً فعالاً لنيل الحرية.
نضالات الأسرى مستمرة
يستمر الاسرى الاداريون – البالغ عددهم حوالي الـ 500 - في مقاطعة محاكم الاحتلال لليوم 108 على التوالي في خطوة احتجاجية على اعتقالهم التعسفي. فيما يخوض الأسير خليل العواودة لليوم الـ 47 إضراباً مفتوحاً عن الطعام رفضاً لاعتقاله الإداري. وتشغل قضية الأسير أحمد مناصرة الشارع الفلسطيني ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتقله الاحتلال منذ سبع سنوات عندما كان في 13 من عمره وهو يعاني اليوم من حالة صحية جسدية ونفسية متأزمة ومتدهورة مع استمرار الاحتلال في حرمانه العلاج وتعذيبه في التحقيقات لإجباره على الاعتراف بأمور لم يرتكبها.
أما في الإحصاءات والأرقام، فلا يزال كيان الاحتلال يحتجز 8 جثامين لشهداء الحركة الأسيرة ويسجّل 277 شهيداً ارتقوا على أيدي قوات الاحتلال جراء التعذيب في التحقيقات أو بفعل سياسة الإهمال الطبي منذ العام 1967. ويتواجد في سجون الاحتلال حالياً 4400 اسير فلسطيني في ظروف إنسانية صعبة بالإضافة الى 34 سيدة أسيرة كما 18 أسيراً صحافياً، وحوالي 160 طفلاً أسيراً لم يتجاوز عمرهم الـ 18 سنة.
عمداء ورموز الاسرى
_ الأسير محمود عيسى، عميد أسرى حركة حماس في سجون الاحتلال، كان قد أسس الوحدة الخاصة 101 في كتائب القسّام لأسر جنود الاحتلال، وكان منفّذ أول عملية أسر جندي (نسيم توليدانو) عام 1992 بهدف مبادلة وإطلاق سراح الشيخ الشهيد أحمد ياسين. قضى عيسى 12 عاماً في السجن الانفرادي وحاول الهروب عام 1996 من سجن عسقلان. رفض الاحتلال الافراج عنه في صفقة التبادل عام 2011. وعيسى معتقلاً منذ العام 1993 ومحكوم بالسجن 3 مؤبدات و49 عاماً.
_ الأسير زيد البسيسي، أمير الهيئة القيادية لحركة الجهاد الإسلامي في سجون الاحتلال، كان قائد سرايا القدس في طولكرم، اعتقله الاحتلال عام 2001 وحكم عليه بالسجن المؤبد بالإضافة الى 55 عاماً.
_ الأسير كريم يونس، عميد الأسرى الفلسطينيين حيث يستمر الاحتلال باعتقاله منذ 40 عاماً (منذ عام 1983) وحكم عليه بالسجن المؤبد بتهمة الانتماء لحركة فتح وحيازة السلاح وقتل جندي إسرائيلي.
_ الأسير سائد سلامة، عميد الاسرى المقدسيين في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، اعتقلته قوات الاحتلال عام 2001 وحكمت عليه بالسجن 24 عاماً بتهمة الانتماء "للشعبية" والعمل في مجموعاتها العسكرية.
تحرير الأسرى: قضية الفصائل
ومن ناحية ثانية، يأتي يوم الأسير مع استمرار المفاوضات بين حركة حماس وكيان الاحتلال بالوساطة المصرية لاتمام صفقة تبادل أسرى جديدة (وفاء الأحرار 2)، اذ تحتفظ الحركة بـ 4 جنود إسرائيليين منذ أكثر من 7 سنوات لكنّ الاحتلال يراوغ لأنه غير مستعدّ لتقديم التنازلات. فيما تبقى "حماس" على وعودها بتحرير الأسرى وقد هدّد رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية أن "حماس" على استعداد لزيادة الغلّة وإجبار الاحتلال على إبرام الصفقة. وفي مناورة "درع القدس" للقسّام ومناورة "الركن الشديد" للغرفة المشتركة تمّت خلالها محاكاة عمليات أسر جنود.
وتُجمِع فصائل المقاومة، في يوم المناسبة، على متابعة قضية الأسرى وحقوقهم، حيث قال مسؤول ملف الشهداء والجرحى والأسرى في حركة حماس زاهر جبارين “لن نخذل الأسرى بأي معركة نخوضها مع الاحتلال، وسنكون الدرع الحامي لنضال الأسرى وتضحياتهم والعمل معهم لنيل حقوقهم"، وبدورها أكدت حركة الجهاد الإسلامي "أن حرية أسرانا البواسل ستبقى هدفا شاخصا أمام أبصارنا، لن نكل ولن نمل من العمل على تحقيقه مهما كلف ذلك من ثمن".
الكاتب: غرفة التحرير