الخميس 02 تشرين أول , 2025 04:15

ما سبب تعثر الاتفاق الأمني ما بين نظام الشرع وإسرائيل؟

لقاء الشرع الجولاني مع رئيس المؤتمر اليهودي العالمي رونالد س. لاودر

رغم كل الإشارات التي رفعت من حظوظ توقيعه، في أواخر شهر أيلول / سبتمبر 2025، خلال انعقاد الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة، إلا أن الاتفاق الأمني الإسرائيلي السوري تعثّر، بالرغم من تأكيدات الرئيس المؤقت لسوريا أحمد الشرع الجولاني، وتلميحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتوقعات المبعوث الأمريكي إلى سوريا توماس برّاك.

وأشار تقرير لوكالة رويترز إلى أن سبب تعثر التوصل إلى اتفاق في اللحظات الأخيرة هو تمسك الكيان المؤقت بإنشاء ممر يصل بين فلسطين المحتلة ومحافظة السويداء السورية، لكن هذا الأمر لا يفسر وحده سبب التعثر، خاصةً مع الضغوط الأميركية الكبيرة للإسراع بإنجازه.

لكن على ما يبدو، فإن السبب الحقيقي لتعثر الوصول الى اتفاق بين الطرفين، يعود الى تصاعد حدة الخلافات ما بين إسرائيل وتركيا (التي تعدّ الراعي الرسمي للنظام السوري الجديد). فخلال الأسابيع الماضية، حصلت العديد من الحوادث والتصريحات العدائية ما بينهما، أخطرها قيام إسرائيل باستهداف مباشر لقوات ومعدات عسكرية تركية (قيل بأنها أنظمة دفاع جوي)، وكان الانزال الإسرائيلي في منطقة الكسوة بهدف تدمير هذه المعدات.

وفي سياق متّصل، أشارت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية في تحليل لها صدر بعد الإعلان عن تعثر توقيع الاتفاق الأمني الإسرائيلي السوري، إلى أن كيان الاحتلال الإسرائيلي يمتلك حاليا تفوقا عسكريا واستخباراتيا، وأن أي اتفاق يتضمن فقط الهدوء مع سوريا يعني منح تركيا هدية لتواصل هيمنتها دون "حصول إسرائيل على أي تعويض". ورأت يديعوت أحرنوت أن إسرائيل تريد مقابل الهدوء في سوريا خطوات تركية شاملة مثل تطبيع العلاقات الدبلوماسية وتجديد التعاون الاقتصادي. كما يؤكد الكيان بشكل مستمر معارضته لإقامة قواعد عسكرية تركية في سوريا، لاعتقاده بأن هذه القواعد ستضر بحرية الحركة الإسرائيلية، بما فيها الحد من قدرة سلاح الجو الإسرائيلي على استباحة الأجواء السورية. ويحذر خبراء إسرائيليون من السماح لنظام الشرع الجولاني تشكيل جيش جديد، خاصة بعد أن وقع الشرع اتفاقية تعاون عسكري مع الجانب التركي للاستفادة من التدريب والاستشارات اللازمة لبناء المؤسسة العسكرية. وعلى المستوى الاستراتيجي، تريد إسرائيل منع نشوء جيش لتحقيق أهدافها ومشاريعها في سوريا خاصةً على صعيد التقسيم وبناء أقاليم وكانتونات طائفية ومذهبية وعرقية، ولذلك يهمها بقاء الميليشيات العسكرية ذات الأيديولوجيات المختلفة، من أجل ضمان فرص حصول مجازر دموية فتنوية، لا تضرّ بمصالحها بل العكس تماماً.

لقاء الشرع مع رئيس المؤتمر اليهودي العالمي

لكن وبالرغم من عدم لقاء الشرع الجولاني بنتنياهو مباشرة كما كان مرجّحاً بشكل كبير، فإن الرئيس المؤقت لسوريا خلال زيارته للولايات المتحدة الأمريكية لحضور اجتماعات الجمعية العامة الثمانين للأمم المتحدة، قد عقد لقاءًا مباشراً مع رئيس المؤتمر اليهودي العالمي رونالد س. لاودر، التي اعتبرتها العديد من وسائل الإعلام في كيان الاحتلال الإسرائيلي خطوة كبيرة في "إصلاح علاقة سوريا مع إسرائيل والشعب اليهودي". ووصف الإعلام الإسرائيلي هذا اللقاء بأنه لقاءً جوهريًا وعلنيًا بين زعيم يهودي بارز والرئيس السوري الانتقالي الجديد، وأنه يُبرز رغبة الجولاني في "تغيير بلاده واستعداده لإظهار انفتاح سوريا على التعايش والشراكات الناشئة". كما ذكرت تقارير إعلامية، أن الاجتماع ركّز على "الدبلوماسية السورية الإسرائيلية الحديثة، حيث يعمل مسؤولون من كلا البلدين معًا للتوصل إلى اتفاقية أمنية".

وهذا ما أكّده به لاودر عقب اللقاء على مواقع التواصل الاجتماعي حيث قال: "أجرينا نقاشًا إيجابيًا للغاية حول التطبيع بين إسرائيل وسوريا".

حصول الاتفاق لا يزال وارداً

وعليه وأمام كل هذه المؤشرات، يمكن الترجيح بحصول اتفاق أمني ما بين الطرفين، خاصةً بفعل الضغوط الأمريكية لحصول ذلك. وما يزيد من ترجيح ذلك هو ما ورد في خطاب نتنياهو أمام الأمم المتحدة حينما أكّد يأن فكرة "السلام مع سوريا أصبحت واردة بعد أن كانت مستبعدة"، وأن "عقد اتفاق سلام مع سوريا من الممكن أن يحفظ سيادتها، ويلبي مصالح إسرائيل".


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور