انحسرت أعمال الشغب في إيران - التي يصفها البعض بالاحتجاجات، أو بـ"الثورة" وفقاً لتعبير أعداء الجمهورية الإسلامية- بشكل ملموس، وثمة مؤشرات على أنها تسير باتجاه الهدوء التدريجي لا سيما مع غياب التظاهرات وعدم تجاوب الناس مع دعوات المعارضة التي تنشر عبر وسائط التواصل الاجتماعي، ومن العوامل المؤثرة في تراجع الاحتجاجات، ما تم من معالجات مهمة من قبل الجهات الرسمية (التي عاملت الشق الداخلي بحكمة عالية)، لاسيما القوى الأمنية والعسكرية التي تصرفت بمسؤولية، بالرغم مما قدمته من شهداء وتضحيات كبيرة.
لكن هذه الحرب التركيبية، كما وصفها قائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي، ستخضع بالتأكيد للدراسة والتدقيق، من قبل الجهات الرسمية المعنية في الجمهورية الإسلامية، بسبب تخللها العديد من الأنماط التي شبهها وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، بتلك التي استخدمتها أمريكا ومعسكرها في سوريا وليبيا.
أبرز الأنماط المستخدمة
1) القتل: كان لافتاً لجوء مثيري الشغب منذ البداية، إلى القتل والعنف، كي يثيروا الاهتمام بهم، بسبب افتقارهم إلى القاعدة الشعبية الكبيرة. فكلما كانت حالة تماسك المجتمع أكثر قوة، كلما زادت في المقابل الحاجة إلى إثارة الصدمة والاستغراب. لذا، فإن القتل هو أفضل خيار لذلك، من خلال عمليات قتل قادة أمنيين من جهة وقتل المتظاهرين من جهة أخرى، عبر عملاء الداخل التابعين لأجهزة الاستخبارات الخارجية خاصة لل CIA والموساد.
2) رواية القصص: هذا القتل والعنف، يستلزم مواكبة إعلامية ضخمة تقوم ببناء سرديات مضللة ومشوّهة للحقائق، بل حتى ببناء قصص وأخبار كاذبة.
ولم يقتصر هذا الأمر على قناة BBC البريطانية فقط، بل شارك معها في ذلك أيضاً، العديد من الوسائل الإعلامية كقناتي العربية وإيران إنترناشيونال السعوديتين (خاصةً على منصاتهما الناطقة باللغة الفارسية) وغيرهما.
فعلى سبيل الذكر لا الحصر، أعلن حرس الثورة الإسلامية اليوم الإثنين، عن اعتقال زعيم الخليّة الرئيسيّة قناة إيران إنترناشيونال في مدينة خوي التابعة لمحافظة أذربيجان الغربية، والذي كانت مهمته التخريب وزعزعة الأمن العامّ للمدينة، من خلال إصدار دعوات تحريضيّة على مواقع التواصل.
3) الهاشتاغ: من أجل تسويق الأخبار الزائفة والمضللة قدر الإمكان، وأن تطغى على الأخبار الحقيقية، وعندها تكوين رأي داخلي وخارجي إما مُضلّل أو أقله صامت، تم الاستعانة بخاصية "الهاشتاغ" التي أصبحت لغة احتجاج العصر الجديد، لكي تصبح ترند عالمي ومحلي، مستخدمين في ذلك الروبوتات والجيوش الإلكترونية التابعة لهم أمريكية كانت أم خليجية.
4)استخدام المشاهير من ممثلين وفنانين ورياضيين وما يُعرف بـ"الإنفلونسيرز"، من إيران ومن دول العالم، وتحويلهم الى أبطال وهميين وقيادات لهذه الاحتجاجات، واستغلال أي مناسبة اجتماعية أو فنية أو سياسية لا سيما الأجنبية، بهدف التسويق لهذه الشخصيات، كما حصل مع "مسيح علي نجاد" و"علي كريمي" وغيرهما.
فمع كريمي مثلاً، قاموا بإغراق حساباته الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي بعشرات آلاف المتابعين والمعلقين والداعمين، لكي يتشجع أكثر فأكثر على إطلاق مواقف غير معتادة منه وعدائية لبلده، وصل البعض منها الى حد الإساءة للرموز الدينية لأكثرية الشعب الإيراني.
5) صناعة الشعارات: وهو ما برز في العديد من الثورات الملونة سابقاً، لإعطاء معنى إنساني لهذه التحركات، وصبغ الاحتجاجات بالمفردات الغربية، كحقوق المرأة والحرية والاستقلال، تكون قابلة للاستخدام والترديد في المظاهرات (في لبنان استخدم سابقاً في العام 2005 شعار: حرية سيادة استقلال، ولاحقاً في العام 2019: يسقط يسقط حكم الأزعر...)، وهذا ما سيساعد في تضليل الفئات الشابة من جهة، وتضليل الرأي العام العالمي من جهة أخرى وبالتالي زيادة تعاطفه معهم.
6) الاستهداف بشتى الوسائل للتنوع الديني والعرقي والسياسي للشعب الإيراني.
الكاتب: غرفة التحرير