لمعرفة حقيقة ما يجري في الجمهورية الإسلامية في إيران، من أحداث تدور في فلك الثورات الملونة والمخملية، مثل المشاهد التي انتشرت لأشخاص يلقون بعمامات رجال الدين على الأرض، يجب علينا في البداية، العودة الى دليل معهد كانفاس للحراك اللاعنفي، المنشور في العام 2007، والذي يستند بشكل أساسي على كتاب المفكر السياسي الأمريكي الشهير "جين شارب": "من الديكتاتورية الى الديمقراطية".
فبالعودة الى هذا المنهج، فإن ما يطلقون عليه بالمؤسسة الدينية، تعتبر واحدة من ركائز النظام المُستهدف في هكذا ثورات. فكيف بالحال مع نظام منبثق من رؤية إسلامية للحكومة بمعناها العام، وهذا ما لم يخفه الإمام الخميني منذ ما قبل انتصار الثورة الإسلامية بسنوات، بل وتم إقراره من خلال استفتاء شعبي عقد بعد شهر من الانتصار في آذار / مارس من العام 1978.
ولذلك فإن استهداف رموز هذه المؤسسة الدينية، عبر السخرية وإقامة المحاكم الصورية لرموزها وتسقيط قيمتها المعنوية لدى الجمهور، هو أحد الأساليب التي يجب على الثوار اللاعنفيين استخدامها. وهذا ما فشلوا باتباعه في إيران، لأن المجتمع هناك بطبيعته وأكثريته متديّن ويحترم رجال الدين ويجلّهم، لذلك فإن أي استهداف لهم بهذه الطريقة، سيكون بمثابة استهداف عنفي سيقابله الجمهور بردة فعل عكسية أقلها تضامنية مع رجال الدين، بل وربما عنفية ضد المعتدين.
كما لا يخفى على أحد، مقدار الاستغلال الغربي لما انتشر من صور وفيديوهات تظهر فيهم هذه الاعتداءات، لمحاولة الترويج والتسويق بأن النظام الإسلامي (الذي لطالما وصفوه بنظام الملالي أو نظام العمائم)، يتلقى ضربات قاسية من شعبه الذي بات يرفضه.
لكن الواقع في كل المناطق الإيرانية، يثبت بأن هذه الجهود المالية والإعلامية تبوء بالفشل مجدداً، لأن حجم التفاعل أقل وأقل بكثير مما تطرحه وسائل الإعلام العربية والغربية التي تدور في فلك أمريكا. كما أن بعض الفيديوهات ظهر سريعاً بأنها مفبركة، وتم اعتقال منفذيها بسرعة من قبل الأجهزة الأمنية المختصة.
لكن هناك بعض الفيديوهات الصحيحة لكنها لحالات نادرة، تم إلقاء القبض على كل المعتدين فيها، وتم العفو عنهم بطلب من العلماء، الذين كان من بينهم نائب بالبرلمان أيضاً.
خلفيات الاعتداء على العمامة
_ التسويق لفكرة رفض الشعب لولاية الفقيه ولكل علماء الدين، فنجد أن هناك تركيزاً على محاولة تسقيط رمزية قائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي، من خلال الشعارات وإحراق الصور وشن حملات السخرية والاستهزاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي. كما يرفع البعض شعارات رفض وجود الفقهاء في إيران، مدّعين بأنهم لم يعودوا يريدونهم بعد اليوم، ولم يعد المجتمع يريدهم كولي أو شيخ أو وصي عليه (أيضاً عبر الصور ومقاطع التسفيط والاستهزاء المنشورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي).
_رفض النظام الإسلامي، ورفع شعارات التهجم ضد الحكومة الإسلامية والجمهورية الإسلامية التي يرفعون شعارات موتها.
_ الترويج لما يسمى بالحقوق المدنية، من رفض لحجاب المرأة وحق المثلية الجنسية ورفض لكل القيم الدينية.
الكاتب: غرفة التحرير