تعد الانتخابات الأميركية موسماً خصباً لتأجيج مشاعر الكراهية والشحن العنصري بين الناخبين. اذ ان البلاد التي تعاني من أزمة العنصرية على مدى عقود، لا يزال ساستها يوظفون هذه الازمة لمصالحهم كلما دعت الحاجة إلى ذلك، دون الالتفات لجرائم القتل والاعتداء التي ستترتب عن هذا الحقن المستمر. وتعد الانتخابات النصفية للكونغرس -التي تبعد حوالي 20 يوماً- مسرحاً مفتوحاً لمختلف أنواع الخطابات العنصرية لدى الحزبين الديموقراطي والجمهوري.
مع احتدام الحملة في الأسابيع الأخيرة قبل الانتخابات النصفية لشهر تشرين الثاني/ نوفمبر، ظهرت أيضاً دعوات علنية للعداء العنصري والتمييز. ويبدو أن التصريحات السامّة تلقى رواجاً لدى مؤيدي كلا الحزبين.
ويقول الرئيس السابق للجنة الوطنية الجمهورية، مايكل ستيل، "بعدما لاحظت صمتًا يصم الآذان في الحزب، يمكن لأي شخص حصل على لقب في الحزب أن يقول شيئًا ما، سناتور، حاكم، أي شخص، أن يقف ويقول هل يمكننا إيقاف هذا من فضلك؟ "لكنهم لن يفعلوا"، وقد جاءت ردة الفعل هذه ردا على وصف تومي توبرفيل، للديموقراطيين بأنهم "مؤيدون للجريمة"، خلال مسيرة نيفادا التي نظمها الرئيس السابق، دونالد ترامب، في بلدة ميندين، لكبار المرشحين الجمهوريين في الولاية، وتابع القول بأن الديموقراطيين "يريدون الجريمة... لأنهم يريدون السيطرة على ما حصلت عليه. يريدون السيطرة على ما لديك. إنهم يريدون تعويضات لأنهم يعتقدون أن الأشخاص الذين ارتكبوا الجريمة مدينون بذلك". ورد مراقبون كلام توبرفيل إلى ان الأخير يقاتل للفوز بمقعد واحد في مجلس الشيوخ.
من جهته، قال النائب دون بيكون – وهو جمهوري من نيب- في برنامج "Meet the Press" على قناة NBC عندما سئل عن التعليق: "لن أقول إنه عنصري...لكنني لن أستخدم هذه اللغة، كن أكثر تهذيباً". ولم يرد متحدث باسم توبرفيل على طلب للتعليق.
وللمفارقة، ان الهجمة التي طالت توبرفيل، جاءت في وقت يتعامل فيه الديمقراطيون مع فضيحة خاصة بهم في لوس أنجلوس، حيث سُجل أعضاء مجلس المدينة الديمقراطي وزعيم عمالي يدليان بتصريحات عنصرية. استقال اثنان منهم هذا الأسبوع، بعد أن دعاهم ديمقراطيون بمن فيهم الرئيس بايدن إلى القيام بذلك.
جاءت هذه الاستقالات لتوفر فرصة للمزايدة ولإعطاء الديموقراطيين مادة لتطويعها في الحملة الانتخابية. حيث علقت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، كارين جان بيير، على الاستقالات بالقول: "هذا هو الفرق بين الديمقراطيين والجمهوريين... عندما يقول ديمقراطي شيئًا عنصريًا أو معادٍ للسامية، فإننا نحاسب الديمقراطيين... لكن، عندما يقول أحد الجمهوريين شيئًا عنصريًا أو معادٍ للسامية، يتم احتضانه من قبل الجماهير المبتهجة".
بعد يوم من تعليق توبرفيل، بدا أن النائبة مارجوري تايلور جرين، استندت إلى نسخة من نظرية المؤامرة "البديلة" في اجتماع حاشد لترامب في أريزونا لمرشح الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ بليك ماسترز وجمهوريين آخرين. وقالت للحشود "هناك خمسة ملايين من الأجانب غير الشرعيين لجو بايدن على وشك استبدالك، واستبدال وظائفك واستبدال أطفالك في المدرسة، وهم قادمون من جميع أنحاء العالم، يستبدلون ثقافتك". ويأتي هذا الحديث طبقاً لنظرية مؤامرة قومية بيضاء، تدّعي أن النخب، وأحيانًا اليهود بشكل أكثر تحديدًا، يستوردون المهاجرين ليحلوا محل البيض..."وهذا ليس رائعًا بالنسبة لأمريكا".
ويقول الرئيس التنفيذي لرابطة مكافحة التشهير، جوناثان جرينبلات، "ليس بالأمر الجديد أن نرى معاداة السامية أو عنصرية صريحة في السياسة... ما هو جديد بعد سنوات ... انه من الواضح ان السياسيون الذين يتمتعون بالمسؤولية في الحياة العامة، وكان عليهم رفض التحيز، قاموا بتطبيعه الآن بطرق مذهلة حقًا". كما انتقد جرينبلات المرشح الجمهوري لمنصب حاكم ولاية بنسلفانيا دوغ ماستريانو، الذي هاجم خصمه اليهودي لإرسال أطفاله إلى مدرسة نهارية يهودية النخبة ونشر إعلانًا على موقع التواصل الاجتماعي اليميني المتطرف، حيث اتهم الرجل بقتل 11 شخصًا. في كنيس في بيتسبرغ في عام 2018.
من جهتهم، عبّروا "قادة الحقوق المدنية" في التقرير الذي نشرته صحيفة واشنطن بوست، عن قلقهم، وقالوا "إنهم يأملون في أن تتحسن البيئة بعد الانتخابات النصفية لكنهم قلقون من أن كل هجوم جديد يزيد من تآكل المعايير الخاصة بكيفية حديث الناس في الحياة العامة عن العرق والدين. وقال جرينبلات: "لا أعرف ما إذا كان سيكون من السهل جدًا إعادة الجني إلى الزجاجة".
الكاتب: غرفة التحرير