في الانتخابات النصفية للكونغرس عام 2018، خسر الجمهوريون في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب 41 مقعداً لصالح الديموقراطيين. السيناريو نفسه تكرر في عهد باراك أوباما عام 2010، حين خسر الديموقراطيون 63 مقعداً لصالح الجمهوريين. فقد أصبح من المتوقع دائماً -في مشهد يشبه التقليد- ان تشهد الانتخابات تراجعاً لعدد المقاعد التي يشغلها الحزب الحاكم وتكون بمثابة استفتاء شعبي على أداء الرئيس. وعلى ما يبدو ان الرئيس جو بايدن لن يخرج عن هذا التقليد في الانتخابات القادمة في نوفمبر/تشرين الثاني 2022. مرغماً لا يملك رفاهية إحداث طارئ، يُثقل كفة الميزان لصالحه نتيجة التحديات الكبيرة التي تقف بطريقه كحجر عثرة.
مع وجود فارق ضيق بين الحزبين في مجلسي الشيوخ والنواب، ينصب الاهتمام في الولايات المتحدة على قدرة بايدن على تجنب خسائر التجديد النصفي التي كانت مصدر ارباك وقلق لأسلافه، على أبواب الانتخابات النصفية.
تحديات تُثقل إدارة بادين
-التضخم يسجل أعلى مستوياته منذ 40 عاماً: خلال مايو/ أيار، سجل التضخم رقماً قياسياً بلغت نسبته 8.6% مقابل 8.3% في أبريل/ نيسان، بحسب مؤشر أسعار المستهلكين الذي أصدرته وزارة العمل الأمريكية.
-أزمة الطاقة والأمن الغذائي: رُصِدت أعلى زيادة سنوية في أسعار الطاقة والمواد الغذائية، فبلغت 34.6% في الطاقة، وهي أعلى زيادة منذ أيلول/ سبتمبر عام 2005. فيما وصلت أسعار المواد الغذائية إلى 10.1% وهو الرقم الأعلى منذ آذار/ مارس عام 1981.
-زيارته للسعودية ومصافحة ولي العهد محمد بن سلمان: وهو ما اعتبر رضوخ بايدن لمنتهك حقوق الانسان. وعلى الرغم من ان بايدن صافح بن سلمان بقبضة مغلقة تجنباً لتوثيق لحظة المصافحة تلك، إلا ان ذلك لم ينجح في إخماد نيران الانتقادات لدى الشعب الأميركي.
-الاتفاق النووي: من الواضح ان التردد الذي لوحظ في أداء الإدارة الأميركية أثناء المفاوضات النووية في العاصمة النمساوية فيينا والعاصمة القطرية الدوحة، كان نتيجة قلق بايدن من انعكاس ذلك على أسهمه في الانتخابات النصفية. في حين، يرى مراقبون ان المماطلة الأميركية لمتابعة المفاوضات تأتي نتيجة الرغبة في تمرير الانتخابات أولاً.
إضافة إلى القرارات التي اتخذها بايدن واحبطت. مثل رفض المحكمة الدستورية العليا أمره الرئاسي بإلزام العاملين في الحكومة الفدرالية والشركات التي يزيد عدد موظفيها عن 100 شخص وقطاع الرعاية الصحية بتلقي اللقاح. وتزايد مشكلات سلاسل التوريد، وارتفاع معدلات الجريمة...
شبكة CNBC من ناحيتها، أظهرت في استطلاع للرأي كانت قد أجرته في النصف الأخير من شهر كانون الأول/ ديسمبر عام 2021، على عينة من 800 ناخب أميركي، ان هناك رضا 37% منهم فقط عن أداء بايدن، في حين رفض 56% أداءه، ولم يستطع 7% منهم تحديد موقفهم. وخلصت الشبكة إلى ان هذه النتيجة "تعد ثاني أسوأ نسبة يحصل عليها رئيس أميركي خلال نهاية عامه الأول في الحكم، كما شهد هذا العام تراجع التأييد له من 57% عند بدء حكمه يوم 20 يناير/كانون الثاني 2021، لينخفض بمقدار 20 نقطة كاملة خلال أقل من عام".
يقول المحلل السياسي، إد كيلغور، في مقالة بمجلة نيويورك: "يحب الأميركيون تصنيف أعظم ساكني البيت الأبيض من وقت لآخر. القائمة تبدأ غالباً من أبراهام لينكولن وجورج واشنطن وفرانكلين روزفلت، ولا تنتهي عند جون كينيدي ورونالد ريغان. إلا أن بايدن، لا يسير على الطريق المؤدي إلى الاعتراف به كأحد أعظم الرؤساء الأميركيين، نظراً إلى عامه الأول المخيب لآمال الديمقراطيين... وبالنظر إلى أسلوبه الرئاسي المبتعد نسبياً من الأضواء، فمن المحتمل أن يستهان ببايدن ويتحول إلى "بطة عرجاء" إذا ظن الجميع بأنه سيغادر البيت الأبيض بحلول 2024".
ويكمل كيلغور شارحاً: "يُطلق مصطلح "البطة العرجاء" على الرئيس المنتهية ولايته بينما ينتظر انتهاء فترة حكمه، ويعبر عن النفوذ المتناقص للسياسي خلال هذه الفترة التي يكتفي الرؤساء فيها باتخاذ قرارات ذات تأثير محدود، مثل إصدار أوامر تنفيذية بالعفو الرئاسي كما فعل ترامب قبل ساعات من مغادرته منصبه".
وتأتي الانتخابات النصفية دائماً عند منتصف ولاية الرئيس الأميركي، ويصوت فيها الناخبون لاختيار 35 عضواً في مجلس الشيوخ من أصل 100 عضو. كما يصوتون لاختيار كافة أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 435 عضواً. ويتم الاقتراع على حكام 36 ولاية و3 أقاليم.
هذا ويتم انتخاب مجلس النواب لولاية مدتها عامان ويحتاج الحزب الذي يسعى للأغلبية في المجلس إلى الفوز بـ 218 على الأقل. فهل يصيب الشلل أجندة بايدن خلال العام الثالث والرابع من فترة ولايته؟
الكاتب: غرفة التحرير