دخل العراق في حالة هي أشبه بحالة الاختناق السياسي، بعد ان اوصدت جميع ابواب الحوار بين القوى السياسية، بسبب إصرار التيار الصدري على تحقيق مطالبه وشروطه، قبل قبوله ومشاركته في أي مبادرة للحوار والجلوس على الطاولة، وشروطه هي: حل البرلمان وإقرار الانتخابات النيابية المبكرة.
لكن الجديد في هذه الأوضاع، هو دخول وسعي بعثة الأمم المتحدة في العراق، الى خط الوساطة مع القوى السياسية العراقية، عبر ممثلتها "جينين بلاسخارت"، التي التقت بالأمس الجمعة، زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر في مكتبه بمدينة النجف الأشرف. بينما كانت قد التقت أول من أمس (الخميس)، برئيس "تحالف الفتح" الحاج هادي العامري، المكلّف بالتواصل مع السيد الصدر. وفي تصريحات ما بعد هاتين الزيارتين، فإنها كشفت بأن أجوائهما كانت إيجابية، من دون المزيد من التفاصيل. لكن بلاسخارت أكّدت على ضرورة استقرار الوضع السياسي في العراق، وعلى الوصول إلى حلول مشتركة ترضي جميع الأطراف.
ويبدو أن هناك مساع، لعقد لقاء سيجمع السيد الصدر مع كل من الحاج هادي العامري ورئيس هيئة "الحشد الشعبي" فالح الفياض، لبحث هذه الأزمة.
الحلبوسي يعلن موافقته على مطالب الصدر
وفي تحول مهم ومخالف لكل التوقعات، أعلن رئيس البرلمان محمد الحلبوسي عن تأييده لدعوة السيد الصدر إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، قائلاً في تغريدة له على أن مجلس النواب هو ممثل الشعب، وأن الجماهير التي احتشدت هي جزء من كيانه، والتي لا يمكن بأي حال إغفال إرادتها، في حصول انتخابات مبكرة والتي دعا إليها السيد مقتدى الصدر. معلناً تأييده المضي في ذلك، خلال مدة زمنية متفق عليها، للشروع مجدداً بما وصفها بالمسيرة الديمقراطية تحت سقف الدستور والتفاهم، بما ينسجم مع المصلحة الوطنية العليا للبلاد.
عقبات كثيرة أمام مطالب السيد الصدر
وبعيداً عن المواقف الداعمة حول هذه المطالب، فإن هناك العديد من العقبات والمشاكل التي تقف حائلاً أمام تحقيقها، دون اجتراح حلول أشبه بالمعجزة، وأبرزها:
_ أن حل البرلمان يتم من خلال إحدى هاتين الحالتين:
1)بعد طلب ذلك من قبل ثلث أعضائه وموافقة الأغلبية، وهذا ما لم يتحقق حتى الآن، ويبدو أنه من المستحيل تحققه، لا سيما للقوى التي حققت نتائج كبيرة خلال الانتخابات السابقة، لم تكن تتوقعها أصلاً.
2)بطلب من رئيس مجلس الوزراء وموافقة رئيس الجمهورية. وهنا تظهر إشكالية كبيرة، بأن رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي ورئيس الجمهورية برهم صالح قد انتهت ولايتهما، وهما الآن في مرحلة تصريف الأعمال، وبالتالي لا يمكن لهما حلّ المجلس النيابي الحالي، بل يحقّ ذلك للرؤساء المنتخبين من قبل هذا المجلس.
_ تحقق التوافق على ذلك من جميع القوى، فالإطار التنسيقي أعلن موافقته على ذلك، شرط توافق جميع الكتل النيابية والقوى. أما الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، فقد اعتبر من خلال سكرتيره العام فاضل ميراني، أن الدعوة لحل البرلمان ليست مسألة سهلة، خصوصاً لجهة اعتراض جميع الأطراف والقوى السياسية على قانون الانتخابات، الذي يُشترط لتعديله وجود برلمان، ولكي يصار الى تشكيل مفوضية جديدة تشرف على الانتخابات بجميع مراحلها.
_ أما الأمر الأهم، فإن إجراء الانتخابات يتطلب وجود حكومة انتقالية وحيادية من جميع الأطراف، تكون المسؤولة عن حسن إجرائها، وهذا ما هو غير متحقق في حكومة الكاظمي الحالية.
_ حصول هذه الخطوة قد يؤدي الى تكريس هذه الطريقة من الممارسة السياسية في العراق مستقبلاً، بحيث تتحول السيطرة على المقار الرسمية وسيلة لفرض المطالب، دون الرجوع الى أصول العمل السياسي الديمقراطية والدستورية.
الكاتب: غرفة التحرير