جرياً على عادته في خلط الأوراق السياسية العراقية، نفذ زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر بالأمس الأحد تهديده، بالانسحاب من العملية السياسية، عبر إغلاق كل المقرات التابعة له مع بعض الاستثناءات، وتقديم نواب كتلته في البرلمان استقالاتهم، التي تم قبولها من رئيس المجلس محمد الحلبوسي، بعد يومين من تلويحه بالذهاب إلى المعارضة أو الانسحاب من العملية السياسية، إذا لم يتم تشكيل الحكومة.
هذه الخطوة قد تساعد نحو الانفراج السياسي بعد الانسداد السياسي، الذي أصاب البلاد منذ الانتخابات المبكرة في تشرين الأول / أكتوبر العام 2021، والتي تمثلت بعدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية، والأهم اختيار رئيس لتشكيل الحكومة الجديدة.
هل القرار قانوني؟
علّق أحد الخبراء القانونيين، أنه بحسب القانون رقم 49 لسنة 2007/ تعديل قانون استبدال أعضاء مجلس النواب رقم 6 لسنة 2006/ ثالثاً: تسري الفقرة أولا من الأمر رقم (9) لسنة 2005، على عضو مجلس النواب وأعضاء هيئة الرئاسة في حالة تقديم استقالتهم وقبولها من قبل المجلس بالاغلبية المطلقة، على ألا تقل فترة عضويتهم في مجلس النواب عن سنة واحدة. ما أوصله لنتيجة مفادها ألا قيمة قانونية للاستقالات الجماعية التابعة للكتلة الصدرية.
وتحدّث خبير آخر في نفس السياق، بأن هذه الاستقالات ليست نافذة، لأنها جاءت مع دخول البرلمان في عطلته التشريعية لمدة 30 يوماً (تنتهي في التاسع من تموز / يوليو المقبل).
فيما أعلن الرئيس الحلبوسي، أن استقالة نواب الكتلة الصدرية نافذة، وسيخلفهم من حلّ بعدهم في عدد الأصوات في الانتخابات. مبيناً أن عضوية أي نائب تنتهي بشكل مباشر (أي لا تحتاج الى تصويت برلمان)، عند تقديم الاستقالة أو الوفاة أو المشاركة في عمل تنفيذي.
الإطار التنسيقي وتشكيل الحكومة
وفي ظل اختلاف الآراء الدستورية والقانونية، وإذا ما صحّ إعلان الحلبوسي، فقد يتحقق تغيير في اصطفافات النواب، مما يزيد من مجموع مقاعد الإطار التنسيقي ليصبح 122، من خلال التعديلات التالية:
1)دولة القانون: 41 مقعد.
2)الفتح: 44 مقعد.
3)قوى الدولة: 15 مقعد.
4)إشراقة قانون: 7 مقعد.
5)تحالف العقد الوطني: 9 مقاعد.
6)حركة حقوق: 6 مقاعد.
فيما يحصل تحالف امتداد على 16 مقعد.
فما هي سيناريوهات ما بعد هذه الاستقالة؟
-الذهاب نحو الانفراج السياسي وتسمية رئيس لمجلس الوزراء يكون مرشح الكتلة البرلمانية الاكبر من الاطار التنسيقي، لاسيما وأن خطوة التيار الصدري تمت بقرار ذاتي، ولم تحصل تحت الضغوط من أي طرف، بل كانت نتيجة تعذر تشكيل كتلته لحكومة منفردة، ما يؤدي الى انتفاء أي مبرر شعبي وسياسي للاحتكام للشارع، مع الإشارة إلى أن قيادة التيار حرصت في الفترة السابقة على حفظ العراق، من خلال إبقاء التنافس محصوراً بالأطر السياسية والقانونية والمؤسساتية.
_ يرى البعض أن التيار الصدري قد يتراجع عن استقالات نوابه قبل مرور شهر، وان الخطوة التي قام بها ما هي الا مجرد ورقة ضغط أخيرة على الإطار، تحذيراً من احتمالية انزلاق البلد نحو الفتنة والعنف، ودفعهم للقبول بمشروع حكومة الأكثرية.
_ انضمام كتل أخرى الى هذه الخطوة، وربما تصل الى مرحلة حل البرلمان نفسه، وإجراء انتخابات مبكرة العام القادم، الامر الذي ترفضه الكتل البرلمانية والاحزاب والقوى السياسية العراقية.
إن خطوة التيار والسيناريوهات المطروحة تفتح باب الأمل للخروج من الانسداد السياسي القائم، رغم اعتقاد آخرين بأن هذه الخطوة قد تزيد من ضبابية وتعقيد المشهد السياسي في العراق، لما يمثله التيار من مكون شعبي وسياسي وازن (وهذا ما يدفع لعدم استبعاده من العملية السياسية القادمة حتى ولو استقالت كتلته)، لا سيما في هذه المرحلة الزمنية الحساسة في المنطقة والعالم، والتي تظهر فيها مؤشرات حطيرة على رغبة أمريكية وبريطانية بالتدخل قي الشؤون العراقية الداخلية، عبر تحفيز احتجاجات فوضوية في البلد بما يؤمن مصالحهما.
والجدير ذكره انه قبل تقديم الاستقالات، أجرى السيد الصدر اتصالا هاتفياً، مع حليفه في تحالف "إنقاذ وطن"، رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، كما ضمّن في بيان له شكر حليفه الثاني الرئيس الحلبوسي على ما أبداه من وطنية وثبات، مضيفاً بأنهما (البارزاني والحلبوسي) الآن في حل منه. في إشارة إلى إمكانية ذهابهما نحو تشكيل حكومة مع باقي الأطراف العراقية. كما قدم السيد الصدر شكراً خاصاً لابن عمه جعفر الصدر، الذي كان مرشحه "المستقل" لرئاسة الحكومة، والذي سارع إلى إعلان ذلك عبر تغريدة له، شاكراً السيد مقتدى وتحالف الإنقاذ على ثقتهم به.
الكاتب: علي نور الدين