يعيش العراق منذ أشهر، حالةً باتت تعرف بـ"الانسداد السياسي"، إثر فشل النواب والقوى السياسية فيه، بانتخاب رئيس جديد للبلاد، ومن ثم اختيار الكتلة النيابية الأكبر، لكي يختاروا رئيساً للحكومة المقبلة.
وما ضاعف من هذه الحالة، إصرار التيار الصدري عبر زعيمه السيد مقتدى الصدر، على انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة تمثل فريق الأغلبية، واستبعاد القوى ذات التمثيل الشعبي الوازن من كل أطياف الشعب العراقي (الإطار التنسيقي، حزب الإتحاد الوطني الكردستاني، النواب السنة المنشقين عن خميس خنجر)، وعدم قبوله بأي مبادرات سياسية تساهم في الوصول الى حلول وسطية.
وبالرغم من ذلك فإن جهوده قد باءت في الفشل حتى الآن، لعدم استطاعته بالتعاون مع حلفائه في تحالف "إنقاذ الوطن"، من عقد جلسة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، لتعذر تأمينهم للنصاب الدستوري للجلسة، الذي حددته المحكمة الإتحادية بـ 210 نائب. فقد تمكن الإطار التنسيقي وحلفاؤه، من تأمين الثلث الضامن، لكي يمنعوا حصول هذا الاستفراد.
وفي هذا السياق، كشفت مصادر مطلعة للخنادق، أن الدول الراعية لرئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي (الإمارات) وشريكه في التحالف خميس الخنجر (تركيا)، قد أعلمتهم بوجوب حصول التوافق مع الإطار التنسيقي، وعدم تجاوزه في حل القضايا العالقة، تحت طائلة بقاء هذه الحال من الانسداد كما هي، والتي لا يمكن توقع إلى ماذا ستؤول حينها.
انفراج كردي
لكن منذ أيام، حصل انفراج في الساحة الكردية، قد تساهم بشكل كبير في حل هذه الأزمة السياسية. فقد كشف رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني، أنه تم التوصل إلى أرضية لحل أزمة الانسداد السياسي الحاصلة في الإقليم والعراق كافة، معلناً في الوقت عينه، الاتفاق على إيقاف الحملات الإعلامية بين الحزبين الرئيسيين في الإقليم (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني). وجاء كلام بارزاني خلال حفل عسكري حضره أيضاً، رئيس الإتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني. وبيّن بارزاني أنه لا توجد مشكلات لا يمكن حلها، ولكن هناك الكثير من العقبات التي تظهر بين الحين والآخر.
وتعلق القوى السياسية الآمال على هذه المبادرة، لأن زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، قادر على حل هذه الأزمة، لما يملكه من ثقل سياسي وكذلك لعلاقاته الجيدة مع كافة الأطراف السياسية.
أما إذا فشلت هذه المبادرة، فعندها قد يكون العراق أمام العديد من السيناريوهات أبرزها:
_ حل مجلس النواب وإجراء انتخابات جديدة، وهذا ما لا تريده أغلبية القوى وخاصةً الإطار التنسيقي وأيضاً المستقلين.
_ إطلاق مبادرة أممية لحلحلة الانغلاق السياسي، يمكن من خلالها رعاية حل سياسي يرضي جميع الأطراف العراقية.
_ أما السنياريو الأخير فهو الأخطر، بحيث قد تعود الاحتجاجات الشعبية للشارع، بسبب تفاقم الكثير من الأزمات (اقتصادية، أمنية، مناخية، غذائية، صحية...)، والتي تتطلب وجود سلطة قادرة على إدارتها وتقديم الحلول الإنقاذية منها. كما توقع البعض، أن يقود هذه الاحتجاجات التيار الصدري لا سيما بعد انقضاء مهلة الـ 30 يوماً، التي حددها زعيمه السيد الصدر للمستقلين لكي يقوموا بتشكيل حكومة.
الكاتب: علي نور الدين