عاصر الامام المغيّب السيد موسى الصدر قيام الكيان الإسرائيلي واجتياحه لأراضي فلسطين عام 1948، وعايش عن كثب نهوض أولى حركات ومجموعات المقاومة الفلسطينية، وترك رؤية واضحة للصراع الإسرائيلي – العربي، والإسرائيلي – الفلسطيني، وحول مشروع وجود هذا الكيان المحتل في المنطقة وتداعيته على القدس وعلى المقدسات الإسلامية والمسيحية أيضاً.
ويذكر الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، في إحدى خطاباته، عن السيد الصدر أنه "لم أسمع من يتحدث عن القدس أو عشق القدس أو فكّر فيها، كما كان الامام الصدر".
النضال لأجل القدس يتعدّى فلسطين
تحمّل السيد موسى الصدر مسؤولية استنهاض الأمة – في مرحلة ما قبل انتصار الثورة الإسلامية - لمواجهة المشروع الغربي والإسرائيلي في المنطقة والدفاع عن القدس وفلسطين التي وضعها في قلب هذه الأمة حين قال "إن القضية الفلسطينية ليست ملك أحد إنها مسؤولية هذه الأمة"، معتبراً أن "نضال الشعب الفلسطيني تصحيح لحدث تاريخي خطير، فهو يتعدّى فلسطين بل هو دفاع عن الأديان وعن قداسة القدس".
القدس من المقدسات المسيحية أيضاً
من مبدأ اعتقاد السيد الصدر أن "القدس ترمز الى تلاقي الاسلام مع الاديان الاخرى، وتفاعل الدين مع الثقافات والحضارات"، فقد تميّز السيد باستنهاض المسيحيين أيضاً ليدافعوا الى جانب المسلمين عن القدس وفلسطين التي تشكّل مهد الديانة المسيحية ، فقال "السعي لتحرير فلسطين سعي لإنقاذ المقدّسات الإسلامية والمسيحية، سعي لتحرير الإنسان، سعي لعدم تشويه سمعة الله في الأرض...إنّ رجال الدين المسيحيين الفاعلين وقادة الفكر المسيحي أخبرونا بأنّ المهمّة الأولى للمسيحيين العرب هي تحرير فلسطين... تعالوا إلى القدس، حيث محمد والمسيح يُسجنان، والكنيسة والمسجد يُهدمان، والمسلم والمسيحي يُضطهدان، والمسيحية والإسلام يُحرقان... عدوّنا في القدس واحد ينتهك المقدّسات ويهدّد المسيحية والإسلام"، و"عندما يتنازل الانسان المسلم أو المسيحي عن القدس فهو يتنازل عن دينه".
السيد الصدر: يجب إزالة "إسرائيل"
ومن ناحية ثانية، حدّد السيد الصدر الموقف من الكيان الإسرائيلي المحتل ورفض الاعتراف به وبالعلاقات معه، وقال إن "إسرائيل شرّ مطلق وخطر على العرب مسلمين ومسيحيين، وعلى الحرية والكرامة، ومكافحة إسرائيل خير مطلق... ان اسرائيل نعتبرها خصمنا الأول وإنها تشكل خطراً علينا، خطراً ثقافياً حضارياً اقتصادياً وسياسياً".
لذلك سعى السيد ميدانياً الى تسخير كل الإمكانات في سبيل إزالة هذا الكيان من الوجود، بدءً من الطاقات والقدرات البشرية، "نحن وضعنا الجيل ثمناً لتحرير القدس، ومن وضع الجيل ومن وضع نفسه في سبيل تحرير أمته ينتصر"، ثمّ الإمكانات المادية، فقد بارد الى تحويل ريع حفل إفطار في العام 1969 في فندق "الكارلتون" في العاصمة اللبنانية بيروت لدعم المقاومة الفلسطينية، وصولاً الى إطلاق أولى مجموعات المقاومة من لبنان "أفواج المقاومة اللبنانية – أمل"، بمعرفته أن هذا الكيان يحمل أطماع التمدّد في المنطقة.
وترك السيد موسى الصدر جملته الخالدة التي يُسمع صداها مع كل فعل مقاوم يتطوّر ويعجّل على زوال هذا الكيان، "إن شرف القدس يأبى الا أن يتحرّر على أيدي المؤمنين الشرفاء".
الكاتب: غرفة التحرير