بعدما كانت المحكمة الاتحادية العراقية قد قضت في منتصف شباط/فبراير الماضي، بعدم دستورية قانون النفط والغاز في إقليم كردستان العراق، وألزمت سلطات الإقليم بتسليم النفط إلى الحكومة الاتحادية.
ها هي سلطات الإقليم تعتدي من جديد على صلاحيات الحكومة الاتحادية، وعلى موارد البلاد الطبيعية، من خلال توقيعها لمذكرة تفاهم مع شركة "باور شاينا – Power China" الصينية، لبناء 4 سدود جديدة دون علم حكومة بغداد، حسب ما نشرت ذلك جريدة الصباح الرسمية العراقية.
فالعراق يعاني منذ سنوات، من أزمات مائية خطيرة تتفاقم في فصول الصيف، ويعتمد بنسبة 30% من حاجته للمياه، على تلك القادمة من الإقليم.
ومنذ الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، انخفض منسوب نهري دجلة والفرات بنحو 50% عن معدلاته الطبيعية، مما تسبب بخروج حوالي 260 ألف دونم من الأراضي الزراعية المنتجة عن الخدمة، خاصة في المحافظات الجنوبية. مما أجبر وزارة الزراعة على خفض الحصص المائية، وسط تخوفها من الجفاف. كما دفع ذلك منظمات حقوقية ونقابات، إلى التحذير من آثار كبيرة على القطاع الزراعي، واحتمال توقف بعض محطات مياه الشرب في تلك المحافظات.
لذلك فإن بناء هذه السدود، وبالطريقة التي أعلن عنها (على أن تحصر المياه وليست لتوليد الكهرباء فقط)، ستؤدي إلى آثار سلبية كبيرة على المياه في العراق، خصوصا تغذية الأنهر وتحديدا نهر دجلة. كما أنه لا يحق لسلطات الإقليم اتخاذ أي قرار في هذا الشأن، فبحسب دستور البلاد للعام 2005، وفي الباب الرابع من اختصاصات السلطة الاتحادية المادة 110/ ثامنا تم منحها اختصاصات عديدة، من ضمنها تخطيط السياسات المتعلقة بمصادر المياه من خارج العراق، وضمان مناسيب وتدفق المياه إليه وتوزيعها العادل داخل العراق، وفقا للقوانين والأعراف الدولية.
لكن وعلى الرغم من خطورة هذا الملف وتأثيراته وعدم قانونيته، إلا أن الحكومة الاتحادية والسلطة التشريعية، لم تصدرا أي تعليق حتى الآن حول هذا الموضوع. إلا أن ذلك ليس لمدة طويلة، فعلى الأرجح بأن هذا الملف، سيولد أزمة اقتصادية وسياسية بين بغداد وأربيل، كون بناء السدود دون موافقة حكومة بغداد، سيجبرها على اتخاذ طرق قانونية للرد. وبالتالي ستنج هذه الأزمات أضراراً، ستكون انعكاساتها على المواطن العراقي بالدرجة الأساس أينما كان.
تحذيرات دولية من نقص المياه في العراق
وفي هذا السياق، سبق وأن حذرت الممثلة الخاصة للأمم المتحدة في العراق "جينين بلاسخارت" في الـ 22 من آذار/مارس الماضي، ان هناك تحديات تواجه العراق جراء النقص الحاصل في المياه، داعية الدول المجاورة له إلى الانخراط في مناقشات، من أجل الاتفاق على كيفية تقاسم المياه وإدارة الموارد.
وفي وقت سابق من هذا العام أيضاً، حذر معهد بروكينغز للأبحاث الأميركي، من أزمة تغير مناخي في منطقة الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن العراق يقع ضمن الأماكن الأكثر عرضة في العالم لهذه الأزمة، لا سيما على الصعيد المائي.
الكاتب: غرفة التحرير