بعد ثلاث سنوات من عدوان 1993، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي بدعم أمريكي عدوانًا أقل ما يقال عنه "وحشي" على جنوب لبنان، وجاء هذا العدوان بعد مؤتمر "صناع السلام" والذي عقد في شرم الشيخ برعاية مصرية. عدوان 1996 أطلقت عليه حكومة الاحتلال برئاسة شيمون بيريز آنذاك "عناقيد الغضب" بحجة استهداف المقاومة لمستوطنات في شمال "إسرائيل"؛ والتي جاءت بعد سلسلة من الاعتداءات الإسرائيلية.
الأهداف الإسرائيلية ونتائجها
أهداف إسرائيل في هذا العدوان لم تختلف عن سابقاتها، أراد العدو تحقيق ثلاثة أهداف سريعة: ضربة تقصم ظهر حزب الله من خلال اغتيال القائد العسكري، تدمير مخازن الصواريخ، تدمير منصات الرماية الأساسية، هذه الأهداف تصب في خانة إجبار المقاومة على وقف العمليات العسكرية في الأراضي المحتلة ونزع السلاح. وبحسب تقرير المقاومة الإسلامية التي أعدته بعد العدوان فإن الأهداف الإسرائيلية بأجمعها باءت بالفشل:
الهدف |
النتيجة |
ضرب بنية حزب الله |
بقي حزب الله متماسكاً كما كل أجهزته والتي عملت بوتيرة تصاعدية سواء السياسية، العسكرية، الأمنية، الاعلامية والاجتماعية... |
تدمير البنية العسكرية للمقاومة الاسلامية |
فضلاً عن عدم القدرة على تحديد القدرة العسكرية للمقاومة وتقدير رد فعلها، فشل جيش الاحتلال واستخباراته في: أ- تحديد أماكن مخازن المقاومة. ب- القضاء على قيادة المقاومة التي بقيت تدير المعركة دون أي ارباك. ج- ايقاف عمليات المقاومة. |
ضرب بطاريات صواريخ الكاتيوشا |
فشل جيش الاحتلال في تحديد أماكن ومرابض منصات الكاتيوشا التي بقيت تطلق الصواريخ حتى اليوم الأخير من العدوان وبالوتيرة نفسها، من دون إصابة حتى بطارية واحدة. |
منع وصول الصواريخ الى شمال فلسطين |
استمر سقوط الكاتيوشا على شمال فلسطين طيلة أيام العدوان وطاول مستعمرات جديدة في عمق الشمال المحتل. |
ايجاد شرخ بين المقاومة وبيئتها وبين المقاومة والسلطة ومؤسساتها. |
التفاف الشعب اللبناني بكل فئاته حول المقاومة، بالإضافة الى السلطة التي اعتبرتها حقاً مشروعاً للبنان لا يمكن التخلي عنه. |
فرض معادلة جديدة على المستوى العسكري لإلغاء تفاهم تموز 1993 وفرض معادلة كريات شمونة ـ بيروت. |
أ- تثبيت روحية تفاهم تموز لناحية حماية المدنيين واستمرار المقاومة. ب- سقوط معادلة كريات شمونة ـ بيروت. |
أهداف سياسية تتعلق بداخل الكيان الصهيوني وخارجه |
أ- عودة الخلافات الى ذروتها بين حزبي العمل والليكود وبروز موجة انتقادات عارمة واتهامات متبادلة بين الطرفين. ب- فشل تحريك عملية التسوية وفق الشروط الاسرائيلية. ج- تعميق التنسيق السوري اللبناني وزيادة اللُحمة بينهما. |
وعلى الرغم من فشل الأهداف، إلا أن هذا العدوان خلف خسائر بشرية ومادية كبيرة، فقد استشهد أكثر من 170 لبنانيًا وجرح المئات نتيجة للمجازر مثل مجزرة قانا (التي راح ضحيتها 108 شهيد)، مجزرة المنصوري، سحمر، النبطية الفوقا وغيرها والتي قامت بها صواريخ الاحتلال؛ فبحسب التقديرات فإن المروحيات الإسرائيلية نفذت أكثر من 1100 غارة بالإضافة إلى أكثر من 25 ألف قذيفة مدفعية قوبلت برد من المقاومة بـ 639 عملية قصف صاروخي فضلًا عن المواجهة البرية مع قوات الاحتلال.
صمود المقاومة أدى لاستسلام "إسرائيل" وتحرير الـ 2000
كل هذه الضربات لم تستطع على ثني عزيمة المقاومين الذين صمدوا طوال أيام العدوان، فأدى صموده إلى فشل أهداف الإدارة الأمريكية آنذاك والتي كانت تسعى للفصل بين سوريا ولبنان في مفاوضات التسوية كانت بدأتها عام 1991 في مدريد الإسبانية. كما أجبر صمود المقاومة كيان الاحتلال على القبول بما يسمى "تفاهم نيسان"، والذي ينص على توقف حزب الله عن قصف شمال الكيان، مقابل توقف جيش الاحتلال الإسرائيلي عن ضرب الأهداف المدنية في لبنان، مع احتفاظ المقاومة بحقها في مواصلة العمليات ضمن منطقة الشريط الحدودي. ويمثل هذا التفاهم نصرًا كبيرًا لحزب الله وبداية لهزائم "إسرائيل" الممتدة حتى هذا اليوم.
بناءً على ما تقدم، يمكن القول بأن المقاومة وبعد انتصارها في عدوان نيسان 1996 وقبله في عدوان تموز 1993، استطاعت تكريس معادلة الردع مع الكيان الاسرائيلي من خلال القوة الصاروخية التي عملت على تطوريها إضافة إلى الخطط التكتيكية في أي مواجهة مع قوات الاحتلال. كل هذه العوامل ساهمت في تحقيق التحرير عام 2000 والانتصار في تموز 2006، ليصبح لبنان البلد الأول عربيًا الذي يوقف الحرب مع "إسرائيل" بعد إعلانها الاستسلام بل أكثر من ذلك ويضع عليها شروطًا وقيودًا.
الكاتب: غرفة التحرير