كأحد أفلامها الملفقة التي اعتمدت عليها في الآونة الأخيرة ذريعة لاستهداف المنشآت الحيوية اليمنية، أنشأت السعودية مجلساً "حربياً" يتقاسم الصلاحيات فيه أصحاب النفوذ وزعماء الميليشيات، خاصة أولئك الذين يحملون مشروعاً مغايراً عن أجندتها، كرئيس مجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، الذي كان يحمل "قضية الانفصال"، بغية احكام سيطرتها على كامل الخريطة العسكرية للميليشيات التابعة لها وهو ما اعتبره مراقبون "بداية مرحلة جديدة تتهيأ فيها الرياض للتصعيد لا السلام".
فمنذ إعلان الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي عن تشكيل مجلس قيادة رئاسي، اعتبر المجلس السياسي الأعلى في صنعاء أنها "مسرحية هزلية". مؤكداً على ان مفتاح السلام هو برفع الحصار وان كل ما يحدث هو "زيف الشرعية التي تم الانقلاب عليها من قِبَل مَن اتّخذها يافطة لتدمير اليمن وقتال شعبه وحصاره لأكثر من 7 سنوات".
وبرصد تحركات ما يسمى "مجلس القيادة"، فإنها تأتي في سياق استكمال ما أعلن عنه، رئيسه رشاد العليمي، والذي توعّد باستمرار ما أطلق عليها اسم "معركة استعادة الدولة ومواجهة الميليشيات الموالية لإيران"، مبدياً رغبته ببقاء القوات الأجنبية في البلاد بحجة "مكافحة الإرهاب"، وهو ما ينم عن ان الاجتماعات التي عقدت مؤخراً ما هي إلا إعادة ترتيب الأوراق وتقسيم الجبهات الداخلية، ورص الصفوف للمرحلة المقبلة، خاصة بعد الخلافات العميقة التي تسببت في كثير من الأحيان بخسائر كبيرة في العديد والعتاد والمواقع بين الميليشيات المدعومة اماراتياً والأخرى المدعومة سعودياً.
أما عن كواليس اعلان هادي للمجلس، فحسب ما سرّب مستشار وزير الاعلام في الحكومة الموالية للرياض، مختار الرحبي، أنه "قد تم استدعاء كل القيادات السياسية للديوان الملكي السعودي، وتم عزلهم عن بعض من الساعة السابعة إلى الساعة الثانية بعد منتصف الليل دون معرفة أي تفاصيل عما حدث ويحدث، وما كان مريباً هو استدعاء هادي إلى الديوان عكس المرات السابقة التي كان يذهب بها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى مقر إقامة الأول".
وأضاف الرحبي "وصل الرئيس هادي إلى الديوان الملكي مع أولاده والحارس الشخصي وبعض الموظفين، ثم تم عزله عن كل المساعدين، مع منع كل وسائل الاتصال عن جميع من وصولوا إلى القصر وهو ما يدل على حدوث شيء كبير، هام، مفصلي وخطير".
بالتالي، فقد فعلتها الرياض مرة أخرى، عند استخدامها للمشاركين كمنصة لإطلاق مشروع سياسي عسكري، يهدف إلى تنصيب أدوات السعودية والامارات في البلاد، ومن خلفهم الولايات المتحدة وبريطانيا الذين لديهم قوات فعلية في المحافظات الجنوبية والشمالية، في واجهة المشهد بدلاً من هادي، الرئيس الذي جرد من صلاحياته عنوة بعدما أدى دوره كذريعة لاستمرار الحرب لـ 7 سنوات.
بالمقابل، فإن عزل نائب هادي، علي محسن الأحمر، بكل ما يمثل من نفوذ قبائلي وعسكري على مدى أكثر من 25 عاماً، بهذا الشكل المهين، إضافة لمحاولة اقصاء حزب الإصلاح، قد ينتج عنه ردود فعل في الجبهات قد لا تكن الرياض قد حسبت لها حساباً.
الكاتب: غرفة التحرير