وأحكمت القوات المسلحة اليمنية قبضتها على مديرية حرض - حجة، وضاقت الارض على القوات السعودية وفصائلها، ليشكل الامر ضربة قاصمة تؤكد على المستوى الهش الذي صارت عليه الرياض وادواتها بعد ان استنفذت كل ما لديها من قوة عسكرية وما توفر لها من حنكة سياسية.
جاء ذلك إثر اكمال قوات صنعاء السيطرة على” قرية القائم” بمنطقة “الفج”، فيما كانت خلال الأيام الماضية قد سيطرت على “جبال القفل” شمال شرق المديرية وكذا “جبال الهيجة” و “معسكر المحصام” وسط تهاوٍ متسارع لقوات التحالف رغم الإسناد المكثّف من طائراته.
خلال أيام المعركة، كان اللافت انها سعودية "الهمّ والاهتمام"، فكثير من عديدها كانوا من الجنود السعوديين، وأصل هدفها التوغل في محافظة حجة بقصد تأمين الحدود الجنوبية للسعودية، وإقامة عازل حدودي يمنع قوات الجيش واللجان عن التوغل في جيزان، ومن ثم الانطلاق في اتجاه العودة الى الحديدة، فضلا عن رغبة السعودية في طمس تلك الصور المخزية لجنودها وهم يفرون من ارض المواجهة في غير معركة سابقة، وقد أكد صالح الجبواني وزير النقل السابق في حكومة "هادي" ان سقوط مدينة حرض يشكل انتكاسة مباشرة للقوات السعودية.
لم تُحدث -كما ظهر- القوات الاسعافية التي دفعت بها السعودية الى الجبهة لتعزيز مجنديها أي تأثير لجهة تغيير النتائج لصالحها، اذ سارت المعركة وفق المخطط العسكري لجيش صنعاء الذي حقق به انتصاراً كاسحا.
وكانت السعودية قد عززت مقاتليها بلواء سعودي ولواءين من القوات الخاصة واثنين آخرين من ما يسمى بـ”ألوية اليمن السعيد” على امل ان يغير ذلك من معطيات المعركة، لكن دون جدوى.
نهاية يناير الماضي أعلن التحالف السعودي "التحضير لعملية عسكرية بنطاق أوسع"، في محاولة لتخفيف الضغط على الإمارات التي تعرضت لسلسلة هجمات جوية بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة اليمنية، إثر توجهها للتصعيد في جبهات شبوة، واختارت الرياض جبهة حرض منطلقا لهذه العملية الواسعة، فيما توعدت القوات المسلحة اليمنية "النظام السعودي بعمليات موجعة ومؤلمة طالما تمادى في غيه وعدوانه وجرائمه".
ومثّلت حرض محرقة حقيقة لمئات العناصر التي دفعت بهم السعودية حسب مصادر طبية وميدانية، بما فيهم ضّباط وجنود سعوديين وسودانيين وآخرين تابعين للمنطقة الخامسة سواء بالوقوع في كمائن، او بضربات صاروخية باليستية استهدفت تجمعاتهم غرب وشرق المديرية.
ووفقاً لوكالة”شينخوا” لقي تسعة جنود آخرين مصرعهم واصيب ثلاثة آخرين، بـ “عبوة ناسفة” ضربت مركبة عسكرية كان على متنها 12 عسكريا في منطقة “المحصام” بمديرية حرض”.
إثر ذلك بدأت حلقة تبادل الاتهامات بين السعودية التي تقود التحالف وادواتها في الميدان ففيما استنكر مساعد رئيس تحرير صحيفة عكاظ السعودية الرسمية، عبدالله آل هتيله، أسباب توقيف معارك مأرب، واصفاً ذلك بـ”الخيانة”، واتهم إعلاميون في المنطقة العسكرية الخامسة التحالف بإيقاف المعركة وإصدار أوامر بالانسحاب.
كما اعترف الناطق الإعلامي باسم المنطقة العسكرية الخامسة “راشد مبخوت معروف”، التابعة لقوات التحالف، بالهزيمة في حرض الحدودية، وأرجع ذلك في تغريدة له على تويتر الجمعة، "إلى وجود ضغوطات دولية للتراجع عن تحرير حرض والخروج إلى خارج المدينة"، الا ان ناشطي حكومة هادي على مواقع التواصل الاجتماعي استخفوا بهذه التبريرات، واعتبروا "أن ما حدث هزيمة واضحة".
يذهب مراقبون الى ان استماتة الرياض في السيطرة على حرض لا يقف وحسب عند الدلائل الظاهرة، لكنه يخفي مطامع اقوى ذات طابع اقتصادي، تتمثل بالسيطرة على "حوض حرض النفطي" الذي يعدّ جزءاً من قطاع تهامة، وهو الحوض الذي كانت السعودية منعت اليمن من استكشاف النفط فيه في عهد الرئيس الراحل إبراهيم الحمدي، قبل اغتياله أواخر عام 1977، ويقع هذا الحوض حسب مسوحات اجرتها شركة «شل» الأميركية مطلع عام 1977، على أراض تمتد لـ"10 كلم"، حاولت السعودية عام 2015 أخذها من قبائل يمنيين.
هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة رأي الموقع
الكاتب: وديع العبسي