لم يكن وجود حزب الله في الدولة والمشاركة في مجلسيها النيابي (عام 1992) ثم الوزاري (عام 2005)، الا ضمن أهداف "واضحة ودقيقة"، قد اختصرها الحزب في وثيقته السياسية الصادرة عام 2009. وعلى أساس هذه الأهداف التي صارح بها الشعب اللبناني علناً يخوض الحزب الاستحقاق الانتخابي في كلّ دورة بجديّة، ويقدّم رؤيته للواقع اللبناني المستجد مع البقاء على ثوابته الأولى.
وقد وضع حزب الله للمشاركة في الحياة السياسية أولويتين متكاملتين:
1. حماية المقاومة وسلاحها
يصف حزب الله المقاومة بأنها "ضرورة وطنية دائمة دوام التهديد الإسرائيلي ودوام أطماع العدو في أرضنا ومياهنا ودوام غياب الدولة القوية القادرة، وفي ظل الخلل في موازين القوى ما بين الدولة والعدو" (حسب الوثيقة). وقد وجب حمايتها وحماية وجودها من خلال منع تمرير أو إقرار القوانين النيابية أو تنفيذ القرارات في مجلس الوزراء التي تمسّ بالسلاح. كما تصدّى حزب الله لكل الحملات السياسية لـ فريق"14 آذار" (أو ما بقي منه) التي هدفت بطريقة ممنهجة الى "شيطنة" سلاح المقاومة وتحميله مسؤولية الانهيار الاقتصادي والمالي في البلد، أو لدسّ القرار 1559 في التحركات في الشارع على اعتباره "أولوية" في ظل الازمات المعيشية!
2. حماية الناس وبناء الدولة القوية
إن الدور الأساسي لوجود حزب الله في المجلس النيابي وفي مجلس الوزراء هو محاولة إسقاط التشريعات والقوانين التي تطال جيوب المواطنين، وفي حال عدم قدرته على تأمين الأغلبية للإسقاط، فقد مثّل حزب الله الصوت الرافض لكل ما يحمّل الشعب اللبناني الضرائب أو الأعباء الإضافية، حيث امتنع عن التصويت لأغلب الميزانيات في سنوات مشاركته (باستثناء الموازنة العامة للعام 2019)، وفي ما يخصّ موازنة العام الحالي التي وصفها رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد "أنها لا تبشر بالخير" في القراءة الأولية فقد أعاد التأكيد على أن حزب الله "لن يوافق على أي موازنة تحمّل الناس المزيد من الأعباء ولا تعطيهم حقوقهم".
ومنذ العام 2018، مع استفحال الفساد لكل مفاصل الدولة ومؤسساتها ما أدى الى هدر مواردها، ومن ثم تفاقم الازمات الاقتصادية والمالية (خاصة ما بعد العام 2019)، دخل حزب الله معركة مكافحة الفساد، ووضع أولويته في شعاره "نحمي ونبني" النهوض الاقتصادي والتنموي بالدولة (مع عدم غياب أولوية المقاومة) وقد حقّق في فترة 2018 – 2021 الإنجازات التي أعادت لخزينة الدولة بعضاً من إيراداتها، وفضحت الفاسدين. ومن ناحية ثانية، عملت كتلة الوفاء للمقاومة على إقرار القوانين الإصلاحية (قانون المنافسة، قانون الوكالة الوطنية للدواء...)
ويستكمل حزب الله معركة الإصلاح في البرنامج الانتخابي الجديد للعام 2022 حيث طرح رؤيته للنهوض العام ضمن عناوين واضحة. بالإضافة الى أن رؤية حزب الله الاقتصادية تتحدّد ضمن خطوات عملية لا تتطلّب سوى التطبيق الجدّي.
رؤية حزب الله للدولة
وفي الوثيقة السياسية، يطمح حزب الله الى المشاركة – مع بقية اللبنانيين – للوصول في نهاية المطاف الى الدولة:
_ القادرة التي تحمي الأرض والشعب والسيادة والاستقلال ولها جيش وطني وقوي ومقتدر ومجهّز ومؤسسات أمنية فاعلة.
_ القائمة في بنيتها على قاعدة المؤسسات الحديثة والفاعلة وتستند الى مهام واضحة.
_ الدولة التي تلتزم تطبيق القوانين على الجميع.
_ الدولة التي تتوافر فيها سلطة قضائية عليا ومستقلة بعيدة عن تحكّم السياسيين.
_ الدولة التي تقيم اقتصادها بشكل رئيسي على قاعدة القطاعات المنتجة وتعمل على استنهاضها وتعزيزها.
_ الدولة التي تطبّق مبدأ الانماء المتوازن بين المناطق.
_الدولة التي تعتمد على أصحاب الكفاءات العلمية وأهل النزاهة.
-إن بناء الدولة سيكون المشروع الطويل الذي سيحتاج الى تكمل أدوار جميع المكونات والأطراف السياسية في البلد، وليس حزب الله وحده.
الكاتب: غرفة التحرير