شهد العراق في الأيام القليلة الماضية، إطلاق مبادرتين من أجل حلّ مشكلة الانسداد السياسي. بحيث قدم تحالف الإطار التنسيقي بالأمس الجمعة، مبادرةً موجّهةً للتيار الصدري، تقوم على أساس تذليل العقبات أمام التفاهم بين القوتين، واحترام المواعيد الدستورية للاستحقاقات وخصوصية كل طرف.
وأعلن الإطار في بيانه عن المبادرة، انه مستعد للحوار مع جميع الكتل والمستقلين، بهدف الخروج من هذه الحالة. داعياً جميع من وصفهم بالمخلصين الى تحمل المسؤولية، وعدم الإصرار على معادلة كسر الارادات، التي ستزيد المشهد تعقيدا بدون جدوى، وسيكون المتضرر الوحيد منها هو الشعب العراقي.
وعدّد الإطار أسس مبادرته، التي سيقدم تفاصيلها خلال حواراته مع القوى السياسية وهي التالية:
1)الالتزام بالمدد الدستورية وتسجيل الكتلة الاكثر عددا من الطرفين، لضمان حق المكون واكتمال الاستحقاق الوطني للمكونات الاخرى بالرئاسات الثلاث، ضمن رؤية موحدة يشترك فيها الإطار والمتحالفون معه والكتلة الصدرية والمتحالفون معها.
2)بعد اعلان الكتلة الاكثر عددا، يتم الاتفاق على المرشح لمنصب رئيس الوزراء وفق الشروط والمعايير المطلوبة كالكفاءة والنزاهة والاستقلالية، ويكون ذلك عبر لجنة مشتركة من الإطار التنسيقي والكتلة الصدرية.
3)الاتفاق على البرنامج الحكومي ضمن سقف زمني محدد، يتم الاتفاق عليه ويشترك في ادارة تنفيذه من يرغب من الكتل الفائزة التي تلتزم بالبرنامج، ويتم ترشيح المؤهلين لإدارة البلاد على ان يمتازوا بالكفاءة والنزاهة والاختصاص.
4)تتولى المعارضة داخل مجلس النواب مراقبة الحكومة ومحاسبتها على اخطائها وتجاوزاتها، ويتم تمكين المعارضة من القيام بعملها بصورة صحيحة وحمايتها وفق القانون.
مبادرة التيار الصدري
وقد جاءت مبادرة الإطار هذه، بعدما فاجأ زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر- الذي تعدّ كتلته الجهة الأبرز في تحالف "إنقاذ الوطن"- "الإطار التنسيقي" بمنحه مهلة 40 يوماً لتشكيل حكومة جديدة دون التفاوض مع كتلته، تبدأ في اليوم الأول من شهر رمضان المبارك، وتنتهي في الـ 9 من شهر شوال القادم.
وجاءت هذه المبادرة، بعد فشل تحالف "إنقاذ الوطن" للمرة الثالثة، من عقد جلسة انتخاب لمرشحه لرئاسة الجمهورية ريبر أحمد، لعدم استطاعته على تأمين النصاب، بسبب غياب النواب الذين يشكلون الثلث الضامن، والذي استطاع تأمينه الإطار التنسيقي. بالرغم من محاولات تحالف الصدر استمالة جزء من الإطار التنسيقي وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، وكذلك محاولاتهم لاستمالة نواب من المستقلين.
لكن المشكلة في مبادرة السيد الصدر، أنها مخصصة لمدة 40 يوماً، فيما منحت المحكمة الاتحادية العليا البرلمان العراقي، مهلة وجيزة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، تنتهي في الـ 6 من نيسان /أبريل الحالي. ما يعني أنها سوف تتخطى المهلة الدستورية، الأمر الذي من الممكن أن يترتب عليه موقف جديد من المحكمة.
وبالطبع فإن موقف الإطار من هذه المبادرة واضح تماماً، بعدم وجود الرغبة لديه في التوجه نحو تشكيل حكومة أغلبية، بل هو يشدد دائماً على رغبته بتشكيل حكومة توافقية، لا تستبعد تمثيل أي طرف من الأطراف العراقية.
وعليه، ستشهد الأيام القليلة المقبلة، حركة كثيفة من المشاورات والمفاوضات، يتم فيها استثمار أجواء الشهر الرمضاني، من أجل حلّ هذه العقد.
الكاتب: غرفة التحرير