رفع حزب الله في الانتخابات الماضية للعام 2018، شعار مكافحة الفساد في برنامجه الانتخابي ضمن مشروعه في بناء الدولة وحمايتها (نحمي ونبني). فدخل الى مفاصل المؤسسات العامة التي أنهكها الهدر والفساد وسوء الإدارة لعقود طويلة، ما جرّدها من دورها الحقيقي وأفقدها قدرتها الفعّالة على تأمين إيرادات الخزينة في بلد تتعاقب عليه الأزمات المالية والاقتصادية.
بالتالي وظّف حزب الله كوادره، كلّ من موقع مسؤوليته، خدمةً لهذا الهدف، وقد تحمّلت كتلة الوفاء للمقاومة في دوريها التشريعي والرقابي من داخل المجلس النيابي الجزء الأكبر من المسؤولية.
تابعت الكتلة في لجنة الاعلام والاتصالات العديد من الملفات الإصلاحية، وصبّت جلّ عملها في التوصّل الى ضرورة ضبط الإنفاق وتحصيل إيرادات الدولة ومنع الهدر ، ومنها:
توفير 100 مليون دولار
في ما يتعلّق بسوء الإدارة في شركتي الاتصالات "ألفا" و"تاتش"، تم رصد هدر مالي بقيمة مئات ملايين الدولارات كان المسؤول عنها وزراء الاتصالات المتعاقبون وإدارة الشركتين. عملت الكتلة على إحالة هذا الملف الى قاضي التحقيق الأول في بيروت غسان عويدات، كما أحيل 3 وزراء الى المجلس الأعلى للقضاء لمحاكمة الرؤساء والوزراء. وقد استطاعت الكتلة في نهاية المطاف تخفيف 100 مليون دولار من الانفاقات في الشركتين.
الخصخصة الفاشلة: هدر إيرادات الدولة
تابعت كتلة الوفاء للمقاومة المخالفات في عقد "ليبان بوست" التي كانت تعود بالإيرادات على خزينة الدولة الى العام 1998 – قبل خصخصتها – حوالي الـ5 مليار ليرة لبنانية. مع خصخصتها (بنسبة 100% من الأسهم) لم تُوضّح في وثائق رسمية بين الشركات المستثمرة والدولة حصّة الأخيرة من الإيرادات.
بالنتيجة، تتقاضى "ليبان بوست" تعويضاً شهرياً غير خاضع لمشاركة الدولة فيه، يبلغ حدّه الأقصى 50 ألف دولار أمريكي تقتطع من الدفعات المستحقة على شركات نقل البريد الدولية، وما يزيد عن التعويض الشهري يتم تسليمه الى وزارة الاتصالات. الا أن هذه الفقرة ضمن العقود تعتبر غير منطقية بحسب ديوان المحاسبة حيث أنها لا تحدّد عديد الشركات وحجم الإيرادات المحصّلة منها مما يؤدي الى عدم تحديد المبلغ الفائض الذي هو حق الوزارة.
مما أدى منذ العام 2001 الى العام 2021 الى هدر إيرادات الدولة التي تصل الى عشرات المليارات (بالليرة اللبنانية). وقد تقدّم رئيس لجنة الاعلام والاتصالات النائب حسين الحاج حسن بإخبار في ديوان المحاسبة.
الانترنت غير الشرعي
شكّل الانترنت غير الشرعي قطاعاً ضخماً يتنشر في كافة المناطق اللبنانية وسيطر على أكثر من 30% من سوق الانترنت. ويتم ذلك عبر استجرار الانترنت بطريقة غير شرعية من تركيا، مع التهرب من دفع الضرائب. كما بيّنت وزارة الاتصالات أن الشركات المرخّصة في لبنان وعددها 120، تستأجر سعات دولية من الوزارة الا أنها توزّع الانترنت عبر شبكات غير شرعية ولا تصرّح للوزارة عن عدد زبائنها (أكثر من 450 ألف مشترك يحصلون على الانترنت عبر الشبكة غير الشرعية)، ولا تدفع الرسوم المستحقة عليها والمقّدرة بحوالي 32 مليون دولار سنوياً. وفي هذا الاطار، تابعت كتلة الوفاء للمقاومة في اللجان النيابية الملف منذ العام 2016 الى أن كشفت أن قيمة الهدر تجاوزت الـ 300 مليون دولار.
لم تنتهِ مهمة مكافحة الفساد، سواء في ملفات الاعلام والاتصالات أو غيرها، فان إصرار حزب الله على شعار "باقون نحمي ونبني" دليل قاطع على أن كتلة الوفاء ستتابع في الدورة النيابية القادمة ما قد بدأته لا سيما في مهمة محاربة الفساد ومكافحة الهدر. فماذا قد تكشف بعد؟ وهل يكون المجلس القادم – بمختلف كتله - أكثر جرأة على إعلان المتورطين في صفقات الفساد وإحالتهم الى القضاء، خاصة مع تعالي أصوات اللبنانيين المطالبة بالمحاسبة أم أن بعض الأطراف السياسية ستظل تبيع الأوهام الانتخابية للبنانيين؟ ولأن مهمة المكافحة تحتاج الى تظافر جهود الجميع في المجلس وتأمين النّصاب اللازم.
الكاتب: غرفة التحرير