افتتح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أولى الخطابات الانتخابية (والتي تتوزّع على ثلاثة أيام لا تتعارض مع الصمت الانتخابي، بالأمس في منطقة الجنوب، اليوم في العاصمة بيروت، وخِتامها الجمعة في بعلبك – الهرمل). تجاوز الخطاب تفاصيل المعارك الانتخابية الصغيرة وحديث المقاعد والدوائر، ليكون ذا أبعاد استراتيجية، حاكى فيه البيئة الناخبة، والخصوم في الداخل الذين "فشروا أن ينزعوا سلاح المقاومة"، والعدو في الخارج (الكيان الإسرائيلي).
نزع سلاح المقاومة: ليس مطلباً شعبياً
على عكس ما يروّج له الأحزاب السياسية والمجموعات غير الحكومية التي توهم اللبنانيين أنها "معارضة" للطبقة الحاكمة وهي بالأساس شريكة في هيكلة النظام الحالي، على الأقل منذ اتفاق الطائف عام 1992، ناهيك عن دورها الرئيسي في الحرب الأهلية أو تحالفت مع هؤلاء المشاركين في السطلة (على سبيل المثال "المستقلون" الذين تحالفوا مع الكتائب اللبنانية أو شخصيات حزبية أو شخصيات لها تاريخ سياسي طويل)، كشف السيد نصر الله أن الشعب اللبنانيين لم يُدرج موضوع سلاح المقاومة و"شرعيته" في لائحة اهتماماته، "ولكن للأسف الشديد جاءت بعض القوى السياسية مبكراً واستلّت من كعب لائحة الاهتمامات سحبت موضوع سلاح المقاومة وجعلته عنوان المعركة الانتخابية الحالية" متجاهلين – عمداً و خدمةً لأجندات خارجية – هموم الشعب ومشاكله الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية وغلاء الأسعار.
حزب الله يخوص حرباً سياسية
هذا الخطاب التحريضي فرض على حزب الله أن يخوض الانتخابات على أساس معركة سياسية شبّهها بـ "بحرب تموز" على غرار المستوى العسكري عام 2006، حيث يتكرّر في هذا العام التآمر على سلاح المقاومة وتجريدها من دورها الحقيقي في حماية البلد فـ"من يحمي لبنان الآن؟ بصراحة بصدق بدون مجاملة المقاومة كجزء أساسي من في المعادلة الذهبية "الجيش والشعب والمقاومة"، قال السيد نصر الله.
أما التضليل الذي تنتهجه هذه الأطراف وعلى رأسهم ذاك الذي "يختبئ اليوم في مكان ما من لبنان خلف عباءة الإمام الصدر"، فقد شرّح السيد نصر الله سلاح المقاومة في فكر الامام المغيّب الذي أوجب على كلّ "إنسان، أرادت السلطة، أم لم ترد، أن يتدرّب ويتسلح"، "فهل يقبل بهذا المنطق؟". أو تجرّ هذه الأطراف بلبنان نحو فخّ "الحياد" الذي يسلب البلد القدرة على حماية ثرواته من أطماع الكيان المؤقت أو وضع السلاح بيد الجيش اللبناني الذي لا يملك قراره في أغلب المواجهات، فهم بهذه الطروحات إذاً، "هم لا يُقدمون بديلاً، هم يَدفعون بالجيش اللبناني، لأنه المشكلة الأخرى غير الجيش اللبناني ستكون مشكلة القرار السياسي، من في لبنان يُريد أن يأخذ قرار سياسي، إذا قصفت "إسرائيل" قرانا، أن يقصف المستوطنات؟ من؟ دُلوني من؟"... الإمام الصدر كان دائماً يحتج عليهم بهذا الأمر، كان يقول لهم: "هذا جيش شجاع، ولكن أنتم لا تَجرؤون على اتخاذ القرار". كما أوضح السيد نصر الله.
كما أكّد السيد نصر الله أن حزب الله على استعداد دائم لمناقشة الاستراتيجية الدفاعية الا أن هذه الأطراف هي التي ترفض الحوار ولا تحضر في جلسات النقاش.
معادلة حماية النفط: "إذا منعتم لبنان نمنعكم"
ليست المرة الأولى التي يعلن السيد نصر الله أن مسؤولية سلاح المقاومة هي حماية نفط لبنان واستخراجه حسب ما تتوصّل اليه الدولة اللبنانية مع المفاوض "غير النزيه"، الا أنه أطلق معادلة جديدة مفادها أن الكيان الإسرائيلي الذي سيمنع لبنان من التنقيب عن نفطه ستمنعه المقاومة بدورها عن استخراج النفط و"نحن قادرون على أن نمنعهم، نملك الشجاعة والقوة والقدرة، وأنا أضمن لكم ذلك ولن تجرؤ شركة في العالم أن تأتي الى كاريش او إلى اي مكان في المنطقة المتنازع عليها إذا أصدر حزب الله تهديدا واضحا جديا في هذه المسألة"، هدّد السيد نصر الله.
اذاً، فإن الشعب اللبناني أمام استحقاق مهم في 15 أيار يفصل بين جهة تحمي لبنان وتدفع عنه المخاطر الإسرائيلية وبين جهة مفلسة سوى من بعض الأوهام التي لا يمكن الرهان عليها للنهوض بالبلد، فمن سيختار الناخب اللبناني في صناديق الاقتراع؟
الكاتب: غرفة التحرير