في توقيت مفصلي تتشابك فيه الأحداث على الساحة الدولية، وتأكيداً على ثوابت الجمهورية الإسلامية بأن "التنازل أمام امريكا أو أي قوة اخرى لتفادي العقوبات هو خطأ كبير يسبب ضرراً للقوة السياسية"، جاء خطاب الامام السيد علي الخامنئي، وضع خلاله جملة من المبادئ الأساسية بالنسبة لطهران والتي لم تتأثر بعد مرور أكثر من 42 عاماً على انتصار الثورة الإسلامية وعلى الرغم من العقوبات المجحفة، وتساهم بالتالي برسم مسار بناء الدولة المقتدرة، وعلى رأسها عدم التخلي عن الحضور الإقليمي أو تعزيز القوة الوطنية والاستمرار في التقدم العلمي. وهنا عرض لأبرز ما جاء في كلمة السيد الخامنئي خلال استقباله أعضاء مجلس خبراء القيادة في الجمهورية الإسلامية:
ضرورة التمسك بتطوير القدرات الدفاعية: أكد السيد الخامنئي أنه "من السذاجة حقاً أن يقترح أحد تقليص قدرتنا الدفاعية حتى لا يصير الأعداء حساسين تجاهنا! أو ألا نكون حاضرين في قضايا المنطقة حتى لا تستاء القدرة العظمى الفلانية، أو على سبيل المثال التنازل أمام أمريكا أو أي قوة أخرى من أجل البقاء في مأمن من الحظر!.. أن التنازل أمام الولايات المتحدة لتفادي العقوبات هو خطأ كبير يوجه ضربة للقوة السياسية لإيران". مؤكداً "أننا لن نقلّص قوّتنا الدفاعية في إيران".
الحضور في القضايا الإقليمية: وشدد السيد الخامنئي على ان "الحضور الإقليمي يمنحنا عمقًا استراتيجيًا وقوة وطنية أكبر فلماذا نتخلى عنه؟...التقدم العلمي النووي مرتبط بتلبية احتياجات الدولة وإذا تجاهلنا ذلك فإلى من سنمدّ يدنا؟"...لا يحقّ لنا قطع أي من عناصر القوة على أساس أنها تتعارض مع أي عنصر آخر... لو سُمح خلال تلك السنوات لأولئك الذين أرادوا قطع بعض أذرع القوة هذه بذلك، فإن البلاد كانت ستواجه اليوم خطراً كبيراً".
الاقتصاد والتقدم العلمي والتكنولوجي: وقد أشار إلى ان "تعزيز النظام يسهم في تعزيز الاقتدار الوطني...القوة الوطنية تحظى بأهمية بالغة لأي بلد، وأي شعب إذا حرص على استقلاله وعزته والإفادة من مصادره على أساس ارادته والصمود امام مطالب الآخرين يجب ان يكون قوياً لأنه إذا سيطر عليه الضعف سيكون دائما في حالة القلق امام اطماع الأجانب". مؤكداً على ان "التقدم العلمي النووي مرتبط بتلبية احتياجات الدولة وإذا تجاهلنا ذلك فإلى من سنمدّ يدنا؟".
تحصين الجبهة الداخلية من الحرب الناعمة: ولفت إلى ان "المستكبرين شنوا أشد حرب ناعمة في التاريخ ضد الشعب الإيراني بهدف خداعه كي يبقي بعيداً عن الحقائق... أن لجوءهم لهذه الحرب مؤشر على تعزيز البنية التحتية والامكانيات التي أجبرت العدو على ذلك". في حين نوّه بمستوى التصدي للحرب الناعمة في مواقع التواصل الاجتماعي ودعا في الوقت نفسه إلى تحسين هذا المستوى وبذل الجهود في هذا المجال...ان الأمن والقدرات الدفاعية والاقتصاد والرفاهية العامة ومعيشة الشعب وسلطة صنع السياسات والتفاوض لضمان المصالح الوطنية إلى جانب الثقافة تعد من أدوات القوة وتخلق عمقاً استراتيجياً لكل دولة".
في اللحظة المفصلية التي تنعقد فيها الأطراف الدولية للتوصل إلى الاتفاق النووي في العاصمة النمساوية فيينا، وتناور الولايات المتحدة لكسب مزيداً من الأوراق عبر طرحها رفع العقوبات عن حرس الثورة مقابل مناقشة الدور الاقليمي للبلاد والبحث في مشروع الطاقة النووية السلمية، جاءت كلمة السيد علي الخامنئي لتشدد على هذه الثوابت، وتدحض كل الادعاءات التي تقول بأن المتغيرات الدولية والاقليمية لن تؤثر على مكانة إيران، و على أن ما لم تستطع أن تأخذه الولايات المتحدة عسكرياً لن يكون باستطاعتها أن تصل إليه من خلال اتفاق من هنا أو ضغط من هناك، خاصة مع التجربة التي خاضتها طيلة الـ 43 عاماً الماضية، والتي أثبتت فيها انها واجهت كل خيارات واشنطن المتاحة بصلابة.
الكاتب: غرفة التحرير