هو الشهيد القائد والمعلم محمد إبراهيم همت، الذي كان كما رفاقه في مؤسسة حرس الثورة الإسلامية في إيران، من القادة العسكريين الاستثنائيين في العالم، الذين يجمعون المميزات الأخلاقية الدينية والبطولات العسكرية في شخصية واحدة. ما دفع البعض الى وصف الشهيد الفريق همت بـ "فاتح القلوب".
فلم تقتصر ساحات جهاد الفريق همت على ميدان دون آخر، فمن التعليم في المدارس، الى القيادة في جبهات القتال، التي أبى إلا أن تكون مكان نهاية مسيرته. لكنًه في المدارس أو في الجبهات، أورث الكثير من مزاياه لقادة آخرين، منتشرين في كل ساحات محور المقاومة.
فما هي أهم المحطات في مسيرة الشهيد همت النضالية؟
_ ولد محمد إبراهيم في الـ 2 من نيسان 1955، في مدينة "شهرضا" بمحافظة أصفهان. ولظروف ولادته قصة إعجازية، تدلً على مدى تعلق والداه بأهل البيت (ع).
_أمضى حياته في مدينة "شهرضا"، التي التحق بمدارسها، وتفوق في دراسته، حتى حصوله على الدرجة الدبلوم من كلية تدريب المعلمين. لكنه في عطله لا سيما الصيفية، كان يعمل بكل جد لتأمين نفقات دراسته ليعين بذلك أسرته الكادحة في عيشها.
_وبعد أن أكمل خدمته العسكرية الإلزامية، عاد إلى مدينته وقام بتدريس مادة التاريخ. واستغل الحصص التعليمية، لتوعية وتنشئة الطلاب حول أفكار الإمام الخميني(رض). وهذا ما دفع منظمة المخابرات والأمن القومي "السافاك" الى تهديده عدة مرات.
_ثم غادر بعدها إلى مدينة قم المقدسة لتحصيل العلوم الدينية، فكان إضافة إلى قيامه بالتدريس يلقي المحاضرات في المجالس والاجتماعات الخاصة. ما دفع بـ"السافاك" الى مراقبته، ما اضطره الى الهروب نحو مدن مختلفة.
_ وبعد اندلاع الثورة رجع الفريق همت إلى "شهرضا"، حيث قاد فيها الاحتجاجات، ما دفع بالسلطات الى الحكم عليه غيابيا بالإعدام، لكنه اختفى حتى نجاح الثورة في مطلع شباط 1979.
بعد انتصار الثورة الإسلامية
_ كان له الدور الكبير بعد انتصار الثورة الإسلامية، في إعادة النظام إلى بلدته "شهرضا"، والدفاع عنها عبر تشكيل لجنة الثورة فيها. وهو ممن أسس فيها فرعاً لحرس الثورة، بالتعاون مع 2 من إخوته و3 من أصدقائه.
وقد استطاعوا بفطنتهم وحسن تدبيرهم، من أن يحصلوا على مكان جعلوه مقراً للحرس، وأحضروا كميات من الأسلحة التي كانت تمتلكها شرطة الشاه إلى هذا المقر، واستعانوا بأبناء المنطقة لسد باقي الاحتياجات. وبعد انتظام هيكلية حرس الثورة، تولى الشهيد همت مسؤولية العلاقات العامة هناك. وقد استطاعوا حينها من تخليص المدينة من اللصوص ورجال العصابات، حينما كانوا يلقون القبض عليهم ويحولوهم الى محكمة الثورة.
_ كما كان من مهامه الأساسية تنظيم النشاطات الثقافية والإعلامية في المنطقة، ما أعطاه دوراً كبيراً في توعية الشباب هناك.
_ ولخبرته في المجال الثقافي، توجه أواخر العام 1980 إلى مناطق "خرمشهر" ومن ثم "بندر شابهار" و"كنارك"، في محافظة "سيستان وبلوجستان"، ليمارس نشاطه الثقافي بفاعلية كبيرة هناك.
دوره العسكري
_ أولى مشاركاته العسكرية في الجبهات، كانت في العام 1980، من خلال التصدي للمجموعات الانفصالية الإرهابية هناك. ولم يكن هدفه قتال هذه المجموعات فقط، بل حاول اجتذاب الجماهير الكردية المحرومة وحل مشكلاتهم. وعندما جاءه أمر الانتقال من هذه المنطقة، أخذ أهلها بالبكاء رافضين تبديله بشخص آخر.
أما على صعيد الإنجازات العسكرية، فقد استطاعت مجموعات الحرس هناك في ظل قيادته، من النجاح بـ 25 عملية تطهير لقرى "باوه" من العناصر الإرهابية، وتحرير المرتفعات ومواجهة جيش صدام هناك.
كما استطاعوا في تشرين الأول من العام 1981، تحرير منطقة "اورامان" مع سبع قرى تابعة لها، واعتقال حوالي 300 عنصر من الجماعات الانفصالية من القوات التعيسة، وقتل 100 عنصر منهم، واغتنام الحرس لأكثر من 600 قطعة سلاح.
_ أما فيما يتعلق بمشاركته في الدفاع المقدس، فقد كان الشهيد همت من معاوني الفريق "أحمد متوسليان" الذي كلفه القائد العام لحرس الثورة، بالتوجه إلى الجبهة الجنوبية من أجل تشكيل اللواء 17- محمد رسول الله (ص).
وقد اشترك الشهيد في العديد من العمليات أهمها: عمليات بيت المقدس وفتح المبين، ولعب دورًا مهماً في استعادة مدينة خرمشهر باستخدام أفضل الفنون العسكرية.
_ وبعد اجتياح جيش الاحتلال الإسرائيلي للبنان عام 1982، كان الشهيد همت ورفاقه من أوائل قادة الحرس، الذين جاءوا لمساعدة وتدريب أولى مجموعات المقاومة ضد الاحتلال.
_ وبعد مرور شهرين، عاد الشهيد همت بعد بدء عمليات "رمضان" في منطقة شرق البصرة، وأوكل حينها قيادة فرقة قتالیة ثم عيّن قائدًا للجيش.
وفي عمليات "مسلم ابن عقيل" و"محرم"، تولى قيادة المقر، وتولى ذلك أيضاً في كثير من العمليات. فكان يبادر خلالها الى الإشراف والرصد بنفسه، ولهذا كانت قواته مميزة بأنها الأكثر شهامة وسرعة.
استشهاده
_شارك الشهيد همت في عمليات "خيبر"، وكانت منطقة مسؤولياته في جزيرة "مجنون"، حيث استشهد في الـ 8 من آذار وهو في الخطوط الأمامية. وقد كان يقول لرفاقه أثناء العمليات "يجب علينا المقاومة وأن نمنع العدو من استعادة المناطق المحررة، أو نستشهد هنا جميعا أو نحتفظ بجزيرِة مجنون".
_ دفن الشهيد الفريق محمد إبراهيم همت في مدينته في "شهرضا"، بجوار مقام شاه رضا أحد أبناء الإمام موسى بن جعفر(ع).
الكاتب: غرفة التحرير