"استجابة لحاجات المواطنين الشرفاء وتلبية لنداء القطاعات الاقتصادية والمهنية والنقابية ومنعًا لاتهامنا الباطل بالتعطيل ونحن الأكثر حرصاً على لبنان وشعبه وأمنه الاجتماعي، نعلن الموافقة على حضور جلسات مجلس الوزراء المخصصة لإقرار الموازنة العامة للدولة ومناقشة خطة التعافي الاقتصادي وكل ما يرتبط بتحسين الوضع المعيشي والحياتي للبنانيين"، في بيان مشترك لحزب الله وحركة أمل، حدّد الثنائي بدّقة أهداف العودة وحصرها في ملف واحد دون غيره، على ان تستمر مقاطعات الجلسات التي ستناقش الملفات الأخرى المطروحة على طاولة الحكومة. وذلك للتأكيد على أن الثنائي الوطني لم يتنازلا عن المطالبة بكف يد القاضي طارق البيطار نظراً لـ " لخطوات غير الدستورية التي اعتمدها في قضية تفجير مرفأ بيروت والمخالفات القانونية الفادحة، والاستنسابية، والتسييس المفضوح وغياب العدالة وعدم احترام وحدة المعايير وبعد إعاقة كلّ المحاولات القانونيّة والسياسيّة والشعبيّة لدفع المحقق العدلي ومن يقف خلفه إلى العودة إلى الأصول القانونية المتبعة"، بحسب ما أوضح البيان المشترك.
كف الاتهامات والاستثمار الانتخابي!
العودة الى جلسات الحكومة لمناقشة الموازنة فقط جاءت بعد حوالي الثلاثة أشهر من المقاطعة وبالتالي تجميد عمل الحكومة، وخلال هذه الفترة الماضية، "رُشق" الثنائي من بعض القوى السياسية ، باتهامات بتعطيل البلد والمساهمة في مفاقمة الأزمات السياسية والاقتصادية، فيما لم يكن تعليق المشاركة سوى "خطوة سياسية ودستورية تهدف إلى دفع السلطات التنفيذية المعنية إلى إيلاء هذا الموضوع عناية قصوى إنصافًا للمظلومين ودفعًا للشبهات وإحقاقًا للحق" امام من تمسّك بأسلوب القاضي البيطار وطريقة معالجته للتحقيق في الانفجار خدمةً وارضاءً للأجندات الخارجية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية التي أعلنت في أكثر من مناسبة دعمها للقاضي بيطار، أو لم يكن الأجدر تحميل هؤلاء مسؤولية تعطيل البلد وبل جرّه الى حيث التوترات الأمنية؟ أم ان هذه الاتهامات تبقى في دائرة الاستثمار الانتخابي عند بعض الأفرقاء عشية الانتخابات النيابية!
الخطوة لأجل الناس فقط!
أما عن تحليلات استثناء هذا التجميد الوزاري التي طُرحت في الأوساط الإعلامية والصحفية اللبنانية منذ إعلان البيان المشترك، والتي تراوحت بين ردها الى إيجابيات إقليمية على ضوء مباحثات فيينا النووية بين إيران ودول 4+1، وبين أجواء إعادة العلاقات الدبلوماسية وفتح السفارات بين طهران والرياض، او الى تسويات سياسية و"مقايضات من تحت الطاولة" قد وقعت في لبنان في الأيام الماضية، فقد ردّ عليها الثنائي بالنفي القاطع، وحسم ان المشاركة في جلسات الموازنة إنما انطلاقاً من الحسّ الوطني وتغليب المصلحة العامة، وتخفيفاً عن الشعب اللبناني، حيث أكّد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله على "جرأة إعلان الموقف وشجاعة القرار لمصلحة الناس"، وأضاف "قررنا تقديم هذه الخطوة في إطار البحث عن حلول ومعالجات، لأنه إذا كانت عدم المشاركة تترك الوضع المالي والاقتصادي يتأزم، فنحن حاضرون لنذهب إلى هذا الخيار بالمشاركة من أجل الناس، إذا كان ذلك يريح البلد ويساهم في تحسين الأمور وتسريع عجلة المؤسسات فليكن، لأن الأولوية عندنا للقضايا الملحة للناس في الجوانب المالية والاقتصادية". وبدوره قال رئيس مجلس النواب نبيه برّي ان القرار هو من "عِنديّات" الثنائي.
بحث الموازنة قريباً
وعلى المقلب الآخر رّحب رئيس الوزراء نجيب ميقاتي بالخطوة وأعلن أنه "سيدعو مجلس الوزراء إلى الانعقاد فور تسلّم مشروع قانون الموازنة من وزارة المال"، وتشير أوساط لبنانية الى انّ ميقاتي يريد ان تكون الجلسة الاولى المقبلة للمجلس بعد انتهاء المقاطعة، مخصّصة لمشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2022، على ان تكون الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء خلال عشرة أيام.
وتشكّل الموازنة وإقرارها الأولوية على جدول أعمال الحكومة في وقت تأرجح سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية صعوداً وهبوطاً إما بسبب تعاميم المصرف المركزي أو بسبب "خضّة" سياسية تترك البلد رهينة التجاذبات بين الأطراف السياسية، مع كل ما يعكس هذا التأرجح من تداعيات اقتصادية فمعيشية على الشعب اللبناني.
الكاتب: غرفة التحرير