في مثل هذا اليوم من العام 1991، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية عمليتها العسكرية العدوانية ضد العراق وشعبه، التي أطلقت عليها اسم "عاصفة الصحراء" (ضمن حرب الخليج الثانية)، واستمرت حتى الـ 28 من شباط ذلك العام. وكان الهدف المركزي من هذه العملية، الذي على أساسه أخذت التفويض من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، هو "تحرير الكويت" من احتلال جيش صدام، الذي شن حرباً عبثية صاغ لها العديد من الحجج الواهية، مثل سرقة الكويت للنفط العراقي عبر الحفر المائل، أو المضاربة على أسعار النفط، أو الخلاف على الحدود، أو مطالبة الكويتيين لسلطات بغداد بتسديد الديون المترتبة عليهم.
هذه الحرب ومن تسبب بها، وما لحق بها من آثار وخسائر جسيمة، أكدت يومها ما قاله الإمام الخميني الراحل (رض) للدول العربية، بأنهم سيكونون أول المتضررين من أحلام صدام التوسعية، بعدما أغدقوا عليه المساعدات غير المحدودة، إبان حربه العبثية الأخرى على إيران. كما فتحت الباب أمام غزو أمريكا للمنطقة عسكرياً، بقواتها وقواعدها وأساطيلها وطائراتها (الوجود الامريكي في غرب آسيا).
وفي هذا السياق، يكشف المحقق "جون نيكسون" التابع لوكالة الاستخبارات المركزيةC.I. A، أن أكثر ما كان يزعج صدام حسين حين استجوابه، هو عندما تتطرق الأسئلة الى احتلال الكويت، بما أوحى أنها كانت إقراراً منه بعبثيتها كما باقي حروبه.
فما هي أهم مراحل هذه الحرب؟ وماذا كانت نتائجها على العراق؟
_ قادت أمريكا قوات تحالف عسكري مكون من 34 دولة، فبلغ عدد المقاتلات الجويّة المشاركة حوالي 2,430 طائرة، وحوالي مليون جندي من كافة الجنسيات، إضافة للآلاف من الدبابات والمدرعات والمعدات والآليات البحرية.
وامتلك جيش صدام بالمقابل، بضعة زوارق مدفعية وحاملة للصواريخ، و750 طائرة مقاتلة وقاذفة قنابل، إضافة لـ 200 قطعة جويّة أخرى. لكنه عوّض عن هذا الخلل في القوى الجوية، من خلال العديد الهائل للقوات الأرضيّة: 1.2 مليون جندي، 5,800 دبابة، 5,100 مدرعة أخرى، و3,850 قطعة مدفعية.
_ اختلفت تقديرات الخسائر العراقية، لكن بمعدل وسطي لقي ما بين 70 ألف إلى 100 ألف جندي حتفهم، بالإضافة الى استشهاد حوالي 200 ألف مدني تم استخدامهم كدروع بشرية، كما تم أسر 30 ألف جندي.
أما من ناحية الخسائر المادية في جيش صدام، فقد تم تدمير 4 آلاف دبابة، وحوالي 4900 قطعة مدفعية وعربة لنقل القوات، إضافة الى حوالي 240 طائرة حربية.
فيما لم تتجاوز خسائر التحالف الأمريكي الـ 500 قتيل، وتدمر 75 طائرة، 27 منها تعطلت لأسباب غير حربية.
_ استخدمت أمريكا الكثير من الأسلحة المحرمة دولياً مثل اليورانيوم المنضب، كما ارتكبت العديد من المجازر بحق المدنيين، منها عل سبيل الذكر لا الحصر مجزرة ملجأ العامرية، الذي سقط فيه 408 شهيد.
كما نفذ الامريكيون في هذه الحرب أضخم عملية جوية، دامت 35 ساعة، واستخدم فيها 7 طائرات قاذفة للقنابل من طراز B-52، رمت خلالها أكثر من 27 ألف طن من القنابل.
كانت نتائج الحرب على العراق؟
انتهت العملية (الحرب) بهزيمة مريرة لصدام حسين، لكن الخسائر الأكبر كانت على الشعب العراقي، الذي عانى من:
_حصار قاسي دام أكثر من 13 سنة، بعد فرض الأمم المتحدة عقوبات اقتصادية خانقة. الأمر الذي أدى لارتفاع نسبة التضخم لتصل إلى 2400% في العام 1994، وحصول أزمة على صعيد تأمين المواد الغذائية.
كما أدى الحصار ارتفاع معدلات وفيات الأطفال، بسبب ارتفاع نسبة سوء التغذية لديهم، وغياب الأدوية اللازمة لعلاجهم، حيث تعرض أكثر من 4,500 طفل شهريًا للوفاة نتيجة لذلك.
ولم ينفع برنامج الأمم المتحدة "النفط مقابل الغذاء والدواء" في تحسين الأوضاع، بل كان وسيلة أخرى لمسؤولي نظام صدام حسين (حتى أولاده)، كي يزيدوا من ثرواتهم الشخصية.
_ تدمير بنية العراق التحتية والمستشفيات والمنشآت المدنية خاصة تلك المخصصة لتوليد الطاقة الكهربائية.
_ إلزام مجلس الأمن للعراق بدفع تعويضات للكويت قدرت قيمتها بحوالي 386 مليار دولار، تم الانتهاء من دفعها أواخر العام الماضي 2021.
_ وكان من أهم النتائج، قيام الشعب في المحافظات الوسطى والجنوبية، بـ"الانتفاضة الشعبانية" ضد نظام صدام، لكنها فشلت بعدما تم الاتفاق بين القوات الامريكية وقيادات النظام بالسماح لهم استخدام الطائرات المروحية، التي استعملت بكثافة لإخماد الانتفاضة، ضمن ما سمي بـ"اتفاق خيمة صفوان".
الكاتب: غرفة التحرير