مهما حاول "أيتام صدّام" من صحافيين وكتّاب ومحللين وسياسيين، تبرئته من المسؤولية عن جريمة العصر في منطقة غرب آسيا، أي "الحرب المفروضة – الدفاع المقدّس"، فإنهم لن يستطيعوا ذلك، لأن حقائق هذه الحرب ومجرياتها كما آثارها، لا تزال حاضرة في إيران والعراق وكذلك في المنطقة.
فصدام حسين لم يرتكب هذه الجريمة بحق بلده والجمهورية الإسلامية فقط، بل كان كحصان طروادة، تريد من خلاله أكثر من 80 دولة في العالم في مقدمتهم الدول الكبرى كالولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد السوفياتي (بالرغم من الحرب الباردة بينهما) وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، وأغلب الدول العربية التابعة للمعسكر الغربي الأمريكي، بهدف ضرب الثورة الإسلامية التي انتصرت، والتي خافوا منها ومما انتجته من جمهورية إسلامية (الديمقراطية الدينية الأولى في العالم).
وهذا ما تحدّث عنه اليوم الأربعاء، قائد الثورة الإسلامية في إيران الإمام السيد علي الخامنئي، في لقائه مع جمع من عائلات الشهداء والفنانين والكتّاب وعمال الإغاثة وقادة "الدفاع المقدس" ومجاهديه، حيث قال بأن صدام كان هدفه تهديد سلامة الأراضي الإيرانية (وهذا ما لم يخفيه صدّام أصلاً حينما أعلن بنفسه عن أهداف الحرب بأنها لاستعادة حقوق عربية مزعومة في خوزستان والجزر الثلاثة طنب الصغرى والكبرى وأم موسى وغيرها من الأراضي، ومحوّلاً الحرب الى صراع عرقي بين العرب والفرس فيما الحقيقة غير ذلك تماماً)، أما الأطراف الأخرى فكان هدفها ضرب الجمهورية والثورة الإسلامية.
كيف توزعت أدوار الدول الداعمة لصدام بحسب الإمام الخامنئي؟
_ يقال بأن الأمريكيون هم الدافع الرئيسي لهجوم صدام على إيران. ومن ثم كانت مساعدتهم الأهم خلال الحرب، هي المساعدة الاستخباراتية، التي قامت برسم مواقع القوات الإيرانية وزودت صدام وجيشه بالخرائط الجوية بشكل مستمر ومتتالي، كما زودتهم بالتكتيكات (ويعدّ كتاب حرب الشفق من أبرز الكتب الصادرة في أمريكا والتي سلطت الضوء على تفاصيل الدور الأمريكي).
أما بالنسبة لما أشار له الإمام الخامنئي عن دور أمريكي شجّع صدام على شن الحرب، فهو يعود الى زبغنيو بريجنسكي - مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، الذي كان يبحث عن طريقة لاحتواء الثورة الإسلامية والحؤول دون تصديرها على حد زعمه. وقد اعتبر بريجنسكي بان بدء حرب إقليمية على إيران يعتبر الحل المناسب للحؤول دون تصدير الثورة، وقد صرح بذلك علناً: "ان أمريكا في مواجهة الثورة الإيرانية، عليها ان تقوي الدول التي لم تمتلك القوة للقيام بالعمليات العسكرية على النظام الإيراني". لذلك ومن خلال لقاء جمعه بصدام، خلق فكرة لد الأخير بان أمريكا تقدم الدعم له كاملا في حال شن الحرب على الجمهورية الإسلامية.
_ قام الأوروبيون والفرنسيون بتزويد صدام بأحدث المعدات الجوية والمقاتلات والمروحيات. أما الألمان فقاموا بتزويده بوسائل إعداد الأسلحة الكيماوية (6 آلاف قذيفة ورأس صاروخ كيميائي)، التي تسببت في الكثير من الكوارث في إيران وفي العراق نفسه أي في حلبجة بإقليم كردستان (وهنا نشير إلا أنه حتى يومنا هذا ما زال هناك ضحايا مدنيين وعسكريين يقضون جراء استخدام صدام لهذا السلاح الكيماوي).
_قدمت الكتلة الشرقية بزعامة الاتحاد السوفييتي السابق ودول أوروبا الشرقية لصدام كل التسهيلات البرية والجوية التي أرادها وأعطته كل ما يحتاجه، خاصة فيما يتعلق بتزويده بالقذائف المدفعية بدلاً عن الصواريخ لكي يستطيع استهداف العاصمة الإيرانية طهران بسهولة، دون إنفاق الكثير من الأموال على الصواريخ.
_ الدول العربية وضعت في متناول صدام أموالاً طائلة، وأتاحت له طريق إدخال المعدات الحربية إلى العراق (ونشير هنا الى أن الإمام روح الله الموسوي الخميني الراحل كان قد حذر قادة دول المنطقة العرب إبان الحرب من دعم صدام حسين، لأنه لو سنحت الفرصة للأخير فإنه سيهددهم أيضاً، وهو ما حصل فعلاً مع الكويت مباشرةً بعد انتهاء حربه على إيران).