بعد 141 يوماً من معركة الأمعاء الخاوية، ينتزع الأسير هشام أبو هواش حرّيته من الاعتقال الإداري في 26 من شهر شباط المقبل، بعد سلسلة من التصعيدات شهدتها الساحة الفلسطينية منذ أكثر من أسبوع. وبالمؤشرات العملية والواقعية، فان كل الأحداث، بتداعياتها ورسائلها، تؤكد على معركة حقيقيّة خاضتها الفصائل والشعب الفلسطيني بكل إصرار لحفظ المعادلات التي ثبتت بعد معركة "سيف القدس" .
فقد شكّلت قضية الأسرى ومعاناتهم وحرّيتهم أحد أهم الخطوط الحمراء التي لن تتراجع عنها الفصائل الفلسطينية، وان المساس بحياتهم يفتح الأبواب أمام تصعيد عسكري ميداني حيث أعلنت الجهوزية التامة في صفوف أجنحتها العسكرية اذا تطوّرت قضية الاسير أبو هواش. فيما كان الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة قد اكّد أن "إذا استشهد الأسير هشام أبو هواش فإننا سنعتبر ذلك عملية اغتيال قام بها العدو مع سبق الاصرار، وسنتعامل مع الأمر وفقا لمقتضيات التزامنا بالرد على أي عملية اغتيال"، وذلك يعني أن الرد بحده المتوقّع سيكون قصف "تل أبيب". أما اللافت المهم في مسألة فرض الاسرى كمعادلة ردع جديدة للاحتلال، هي كشف رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية ان "كتائب القسام ستزيد الغلّة عبر أذرعها الممتدّة في كلّ مكان" في حال رفض الاحتلال الانصياع للشروط الفلسطينية وظل ينتهج سياسية المراوغة، في وقت حاكت المناورتين الأخيرتين "درع القدس" و"الركن الشديد 2" إمكانية اسر جنود الاحتلال لإجباره على إبرام صفقات التبادل.
وكانت الفصائل قد بعثت "بالرسائل الساخنة" عبر الوسيط المصري للتأكيد لكيان الاحتلال على جدّية خيارها العسكري لو استلزم الأمر وأمعن الاحتلال في مراوغته.
تلاحم الجبهات
وأعادت قضية الأسير أبو هواش التأكيد على التلاحم بين كلّ مكونات الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده في فلسطين المحتلّة، وتجاوز الداخل نحو اللحمة أيضاً مع فلسطينيي الخارج او ما يسمى بالشتات، حيث شهد قطاع غزة والقدس والضفة الغربية والمناطق الفلسطينية المحتلة عام 1948 المظاهرات اليومية الاسنادية للأسير والتي تحمّل الاحتلال مسؤولية حياة أبو هواش وتدعو الصليب الأحمر والمجتمع الدولي للقيام بدوره الحقيقي.
ووقعت العديد من الاشتباكات بين الشباب الفلسطينيين وشرطة الاحتلال في مناطق الضفة وعند حاجز الجلمة في جنين، وأيضاً في مدينة أم الفحم حيث حاول الاحتلال قمع المسيرة. وفي الخليل أعلن اليوم إضراباً شاملاً، فيما تشهد مدينة رام الله مسيرات واسعة تضامناً مع أبو هواش. فيما كانت الفصائل الفلسطينية قد دعت إلى جعل يوم الجمعة المقبل يوم غضب شعبي في فلسطين والشتات.
معركة الحفاظ على "السلاح"
ومن ناحية أخرى، فان صمود الأسير أبو هواش في معركة الأمعاء الخاوية يُعد محافظة على معادلة التي كرّسها الأسرى والتي تعتبر السبيل الوحيد لانتزاع الحرية من الاعتقال الإداري، فالاحتلال بمراوغته يحاول كسر هذا السلاح كي لا يبقى بيد أسرى آخرين.
وبحسب الأوساط الفلسطينية يعمد الاحتلال الى "رفع سقف تحمّل الاسرى للاستجابة الى مطالبهم" فيعلم الأسير الجديد الذي يقرّر المواجهة بسياسية الاضراب عن الطعام "ان معاناة الأسير السابق هو الجزء الهيّن مما ينتظره هو من معاناة" وبمعنى آخر ان الأسير الجديد سيكون عليه تجاوز الحد الأقصى الذي وصل له الأسير الذي سبقه في المعركة. في المقابل وقبل ساعة تحديداً من إعلان الاحتلال توقيف الاعتقال الاداري للأسير أبو هواش، كانت هيئة حركة الجهاد الإسلامي في سجون الاحتلال تستعد لإضراب جماعي عن الطعام في مزيد من الضغط على مصلحة سجون الاحتلال.
وكان الأسير أبو هواش يصرّ على متابعةمعركته ضد الاحتلال بلحمه الحي، على الرغم من ان عائلته كانت قد أوضحت ان حالته الصحية تنذر بالخطر الجدّي على حياته، فوزنه وصل الى حوالي 35 كلغ، ودخل في حالة شبه غيبوبة حيث أنه لم يعد قادر على التحرّك أو الإحساس بأطراف جسده وكذلك بدأ يفقد حواسه ومنها السمع.