أدرك كيان الاحتلال بعد معركة "سيف القدس" وما ثبّتته من معادلات ردع، فشل الخيار العسكري مع المقاومة الفلسطينية، فلجأ الى الأسلوب المعتاد هو الخيارات الاقتصادية، والاستثمار في حصاره المستمر على القطاع منذ أكثر من 16 عشر عاماً والذي شدّد اجراءاته بعد انتصار الفصائل في المعركة في أيار الماضي.
وينقل مسؤولو الاحتلال في الفترة الأخيرة ما يسمى خطة "الاقتصاد مقابل الأمن" والتي يدّعي فيها الاحتلال تسهيلات في الحركة التجارية، وفي إدخال مواد أولية لإعادة الاعمار، لكنها توجب بالتأكيد تنازلات سياسية من المقاومة، وقد ذهب الاحتلال بعيداً في تقديم "الاغراءات المالية والاقتصادية"، من خلال الوساطة والاشراف المصري الى "الإغراق الاقتصادي"، واستخدامه كورقة ضغط تماشياً مع كل الممارسات الإسرائيلية والأمريكية في الساحات العربية كافة لا سيما في لبنان.
وقد شرح الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة الأسبوع الماضي الخطة الإسرائيلية التي تطمح لتأسيس "مدينة ترفيهية تجارية" الى جانب غزّة على الحدود المصرية من ناحية رفح، تضم تجمعات سكنية والعديد من المراكز التجارية، على ان يدخلها الفلسطينيون دون تأشيرات. وقد عُرض تمويل "المشروع" والاستثمار فيه من دول خليجية منها السعودية والامارات والكويت وقطر بالإضافة الى البحرين.
كما يدّعي الكيان الإسرائيلي "السماح" لعاملين من قطاع غزّة بالعمل في الداخل المحتل.
الموقف وخطورة الأبعاد
لكن للجهاد الإسلامي موقف واضح من هذا الطرح الإسرائيلي، عبّر عنه نخالة بانه "محاولة إسرائيلية لترويض غزّة وتحييدها عن أي معركة قادمة"، بالإضافة الى فك التلاحم بين القدس وقطاع غزّة، وعلى الرغم من ان حركة حماس قد ترحّب به كبادرة حسن نية للتخفيف عن سكان قطاع غزّة الأعباء الاقتصادية والمعيشية جراء الحصار، الا ان نخالة يؤكد انه يهدف الى تفكيك "القنبلة الموقوتة" في غزّة وبنية المقاومة التي تراكمت منذ سنوات.
وفي حديث للخنادق، يقول القيادي في حركة الجهاد الإسلامي الدكتور جميل عليان، ان هذه الخطة هي أيضاً محاولة للتفرّغ للجبهة الشمالية بعد التخلّص من جبهة غزّة.
ويضيف القيادي عليان، ان هذا الطرح لن ينجح في تنحية المقاومة، لأن الانتفاضتين الأولى والثانية والعمليات الاستشهادية وزخم العمل العسكري المقاوم بدأ عندما كانت الظروف الاقتصادية في قطاع غزّة جيدة، وبل في أحسن حالاتها قبل الحصار، بالإضافة الى ان 160 ألف عامل من الضفة الغربية يعملون في الداخل المحتّل لكن ذلك لم يؤدي الى تراجع العمليات الشعبية في الضفة.
"الخطة": مشروع أمريكي
ويقول الدكتور عليان ان هذا الطرح هو "مشروع" الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وان الكيان الاحتلال لا يزال يعمل بالخطط الموضوعة أثناء ولايته. وعلى الرغم من ادعاءات الإدارة الجديدة في البيت الأبيض، وزعم الرئيس الحالي جو بايدن ان برنامجه مختلف عن سابقه ترامب (دعم "التهدئة"، ورفض مشاريع الاستيطان، وتقديم مساعدات للشعب الفلسطيني...) إلا ان واشنطن ليست بعيدة عن هذه الطروحات الإسرائيلية، وهي تحاول تمرير الوقت فقط لكنها في نهاية المطاف ترغب بحل القضية الفلسطينية، وهي ماضية على "نهج" ترامب.
مواجهة المشروع الاسرائيلي
ويؤكد القيادي في حركة الجهاد الإسلامي الدكتور عليان للخنادق "ان تأجيج فعاليات المقاومة في الضفة الغربية سيربك مشروع الاحتلال في غزّة"، ويضيف ان كل الأحداث الحالية في الضفة هي مؤشرات "انتفاضة تنضج على نار هادئة"، وبالتالي ستكون الضفة هي ساحة المقاومة المقبلة التي ستحفظ القضية الفلسطينية.
ويُذكر ان الاعلام العبري يشير الى ان الأجواء مهيأة لاندلاع انتفاضة وتفجير الأوضاع في الضفة.
الكاتب: غرفة التحرير