فتحت صفحة أحد الأصدقاء في السويداء، واذ به ينعي صديقه وأخا زوجته، مجد أجود الجزار الذي استشهد في كمين بدرعا مع ستة آخرين بعد انتهاء معركة درعا البلد، ومنهم الملازم أول شرف تامر فايز سعد، وهو أخ لثلاثة شهداء آخرين. حدث يناقض ما يشاع أن السويداء ترفض أن يُجز بها في معركة ليس لها فيها ناقة أو جمل. أخبار سمعناها كثيراً، وملأت رأس الكثيرين بالترهات التي تروج أن هذه المحافظة ترى أن الحرب هي صراع ما بين طائفتين، وما يدحضه ارتقاء عشرة آلاف شهيد من أبناءها.
أشرنا في مقالين سابقين نُشرا على موقع الخنادق، الى المحاولات من أجل زج السويداء في المعركة ضد سوريا، ومحاولة حصار دمشق من الجنوب لإسقاط الدولة، ومحاولة تجنيد عملاء في المدينة وربطهم ببعض المرجعيات العميلة في لبنان وفلسطين، أملاً بإعادة تقسيم سوريا وإنشاء دولة درزية تشكل حزاماً يحمي الكيان الاسرائيلي تبدأ من شمال فلسطين وتمتد على طول الأراضي السورية المحتلة في مرتفعات الجولان.
إن قصص الخطف وعدم الإلتحاق بالتجنيد الالزامي قد تخلق شرخاً بشكل ما، إلا أن اهالي السويداء يرفضون هذا المنطق، ويقول المهندس خالد السويدائي:" لماذا يكون تخلف ابن السويداء وظهور بعض العصابات التي خطفت أمراً يهدد بالإنفصال عن الدولة، ولا يكون ذلك بين أبناء الغوطة أو أي منطقة أخرى، مع أن الأمر لا يتعدى كونه لعب على الوتر الطائفي. لأن استهداف السويداء يتم بخطط مسبقة من قبل غرف الموك مباشرة، ولا شيء مما يحدث فيها مصادفة.
يشرح خالد أسباب تخلف بعض أبناء السويداء عن الخدمة العسكرية الإلزامية، وهو أمر يستغله الإعلام المعادي من أجل بث الفرقة ما بين أفراد المجتمع السوري، خاصة عندما تكون هناك حالات اختطاف لعناصر من الجيش أو الأمن ويقول: "حالات اختطاف عناصر الجيش في السويداء نادرة جدًا! وحدثت خطأً. بمعنى أن الخاطفين لم يكونوا يعرفون أن المخطوفين يتبعون للجيش، وفي هذه الحاله كان يستنفر المدنيون وحتى بعض المسلحين للدفاع عن السويداء في تحريرهم. وأنا كنت حاضراً على تحرير عنصرين، وأحياناً كان يتسبب بذلك عناصر من الإرهابيين كي يحرروا سجيناً لهم لدى الجيش.
وأضاف، منذ يومين تم خطف عنصرين من أمن الدولة من قبل عصابة محمد الحسين، مجرم جرت محاولة لقتله من قبل جماعات مجهولة، فتم إسعافه إلى أحد مشافي دمشق حيث توفي هناك. ظن أخوه وأفراد عصابته بأن الأمن قد اعتقله بعد إصابته، وحاصرت قوات أمن الدولة العصابة في قرية الطيبة، وتدخلت جماعة البلعوس المسماة مجموعة الكرامة للوساطة، وتم تحرير عنصري أمن الدولة مقابل فك الحصار عن المسلحين.
السويداء محافظة فيها من جميع الديانات، يشرح خالد، عدد سكانها حوالي 400 الف نسمة، وعدد سكان سورية 23 مليون، فإذا علمنا أن عدد المجندين قبل الحرب يقارب 300 الف مجند، فستكون حصة السويداء بالتجنيد أقل من ستة الاف، ولو كانت الدعاية صحيحة لكان تعداد الجيش مليونين مجند وهذا مستحيل. الملتحقون بالجندية من السويداء حالياً 10000، والإشاعات تقول بأن المتخلفين عددهم 50 الف، وهذا افتراء، فعدد شهداء المحافظة قارب الـ 5000 شهيد مع الجيش خلال الأعوام العشر الماضية فقط. وأسباب تخلف البعض هو التالي:
1-تسليط كذبة الإشاعة على الدروز بسبب تخلف عدد قليل، مع أن سنّة درعا وغوطة دمشق وريف حلب وحمص وحماة وإدلب لم يتخلفوا عن الجيش فقط، بل انخرطوا بالإرهابيين، كلام يراد منه خلق الفتنة والتقسيم الطائفي.
2-هناك شهداء سقطوا مع قوات الدفاع الوطني التي شكلتها الدولة، ولا يوجد أرقام محددة. ولكن بحسب ما أفاد به بسام مقلد من أهالي قرية رامي: "ارتقى 20 شهيداً من قريتنا من أبناء عمي ليكونوا في عداد كوكبة الشهداء الذين قدمتهم المحافظة من خيرة شبانها دفاعاً عن أرضها".
3-أحد أسباب تخلف البعض: الفقر، الذي يجبر الشاب على ترك أهله دون معيل، بل ويتطلب الإلتحاق بالجيش امتلاك المال غير المتوفر أحياناً. لكن الميسورين التحقوا بالجيش وهم كثر وتجاوزوا العشرة آلاف. وما زاد طينة الفقر بلة هو ضعف تنشيط الحركة الإقتصادية في السويداء، وقرار منع حفر الآبار فيها، واعتماد الزراعة على المياه المستجرة من محافظة درعا والتي قطعها الإرهابيون، رغم أنّ المياه التي تجري في أودية السويداء تصب في مصادر المياه في درعا.
4-بعض هؤلاء الشباب لم يستطيعوا ترك مصير أهلهم لهجمات مسلحي النصرة من درعا وداعش من البادية الشرقية، فدروز السويداء من الأقلية المستهدفة من قبل التكفيريين تماما كما حدث في جبال اللاذقية وبالأزيديين.
5-عندما دافعت السويداء عن مطار الثعلة، التحق الشباب بالدفاع الوطني، وحموا المطار والقرى الشرقية من داعش. علمًا بان السويداء محافظة تعتمد على الزراعة، وخلال الحرب تراجع عمل هؤلاء المزارعين بسبب استهدافهم واختطاف البعض وهم في حقولهم أو في طريقهم للعمل هناك، وخاصة في القرى الشرقية القريبة من قاعدة التنف الأميركية.
6- لا يعرف السويدائيون أيًا من العناصر الملتحقة بالعصابات الإرهابية لمقاتلة الجيش، اللهم إلّا من تم تجنيدهم كعملاء مع المجموعات الدينية المرتبطة بـ "موفق الأمين" العميل "الإسرائيلي" في شمال فلسطين.
7-كما ان المتخلفين عن الجندية لم يقفوا ضد الجيش، والبعض منهم تطوع للذهاب مع الروسي للقتال في ليبيا كي يضمنوا لأهلهم مبلغاً من المال يغطي حاجاتهم.
إن تخلف البعض وبقاءهم للدفاع عن أهاليهم كان خوفاً على أهاليهم خلال الحرب يؤكد اهالي السويداء، هم لم يتهربوا من الجندية لسبب طائفي، فأهل السويداء يعرف عنهم بان معظمهم ليسوا طائفيين، ويختم خالد: "نحن نقرأ واقعنا وبكل صدق، ولا نرضى أن يقال يوماً أن أهل السويداء تخاذلوا. هل تعلمين أن عدد شهداء السويداء في مقاومة المستعمر الفرنسي ضعفي عدد شهداء سورية قاطبة!؟ فكيف سنقبل بعد ذلك أن يتم تلفيق تهمة التخاذل لنا؟
هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة رأي موقع الخنادق
الكاتب: عبير بسّام