في 13-6- 2015، إبّان نشر خبر الهجوم الإرهابي على مطار الثعلة العسكري في السويداء وتصدي الجيش العربي السوري وأهالي السويداء لهذا الهجوم نٌقل كلام لافت لمسؤول أميركي قال فيه: "إن الدروز في اسرائيل يسعون الى حشد التأييد لإرسال أسلحة الى سوريا". كلام كبير، مر مرور الكرام، يؤكد أبناء السويداء مدى خطورته، وصلته بالمخطط الاسرائيلي-الأميركي من أجل ربط المحافظة بمرجعية دينية من شمال فلسطين المحتلة متعاملة مع الاحتلال، وسياسياً بأحد الزعماء الدروز في لبنان، وليد جنبلاط.
الخبر مرَّ، في عجقة الأحداث التي مرّت على سوريا، وكأنّه غير موجود، ونقل في أوج المعركة على مطار الثعلة، وهو يختصر ما كان يخطط للسويداء، وحتى الأمس القريب لم يزل يعاني السويدائيون من الهجمات الإرهابية على قراهم وارتكاب المجازر بحقهم.
وفي آخر العام 2013، أشار تقرير لقناة فرانس 24 الى خطف وقتل حوالي 50 شخصاً من السويداء ومن الطائفة الدرزية، وهو رقم ليس بقليل، وتحدث التقرير عن ارتباط المعارضة الدرزية بوليد جنبلاط، وربط باقي أهالي السويداء سياسياً بكل من الأمير طلال أرسلان أو الوزير السابق وئام وهاب. كلام يرفضه المهندس خالد ابن السويداء، ويقول: "نحن نرحب بمن ترحب بهم دولتنا، ولا نقبل بالإنتماء إلى غيرها، وأبناء السويداء مازالوا على عهدهم وعهد قائدهم سلطان باشا الأطرش وموقفه الثائر ضد التقسيم".
هذه الحقيقة نشرها معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى في مقال بعنوان "الدروز والرئيس الأسد: حلفاء استراتيجيون، وجاء فيه"...عندما بدأ التمرد... في آب/أغسطس 2011، انشق الملازم أول الدرزي خلدون زين الدين عن الجيش السوري، وشكل تنظيمًا مسلحًا معاديًا للأسد أطلق عليه اسم كتيبة سلطان باشا الأطرش، وانضمت هذه الجماعة إلى تنظيمات المتمردين من السنة في درعا. وشارك التنظيم في عدة هجمات ضد أهداف تابعة للنظام في "جبل الدروز" ولكنه فشل في كسب تأييد السكان المحليين".
كما يتحدث المقال عن الشيخ البلعوس الذي ظهر في العام 2014، وقام عام 2015 بتشكيل قوة من 1000 مقاتل، "ميليشيات موالية للنظام"، بحسب تعبير الكاتب، ولكنه ما لبث أن انقلب واطلق حملات انتقاد طالت معيشة الناس وغلاء الأسعار، وتجنيد الدروز للقتال خارج الجبل. واتضح بحسب المقال أنّ البلعوس المنقلب: "كان يتلقى التمويل اللازم لشراء الأسلحة من جهات خارجية، بما في ذلك من الدروز الإسرائيليين القلقين على مصير إخوانهم في سوريا، وفي الخامس من أيلول/سبتمبر من ذلك العام، اغتيل الشيخ البلعوس في ظروف غامضة وتم حل ميليشايته".
يؤكد المهندس خالد، إن أهداف الحرب على سوريا واضحة، وقد تم التمهيد لذلك قبل العام 2011، وكان المطلوب سلخ سوريا عن محور المقاومة، والسيطرة على المعابر وطرق الغاز والبترول فيها، ولذا فقد استُخدمت أدوات كثيرة في هذه الحرب، وأهمها وأقذرها اللعب على الوتر الطائفي، حيث تم استهداف السويداء، من هذه الزاوية، فغالبية أهلها من الموحدين الدروز، بالاضافة الى أن تواصلهم مع دروز فلسطين المحتلة ودروز لبنان وحضر السورية والجولان مستمر، مما سيشكل باعتقاد الصهاينة حزامًا حدوديًا يحميهم من أي حروب تقام ضدها من سورية ولبنان، حزام يشبه جيش لحد اللبناني. وكان عملهم يرتكز على:
1-بناء خلاف داخل الطائفة، والتأسيس لردة دينية غير حقيقية، حيث بدأ الصبية بارتداء لباس المشايخ، واستخدمت في سبيل ذلك الإغراءات المالية الكبيرة والقنوات الدينية. شيء لم تشهده سوريا منذ أكثر من نصف قرن! أهل الجبل متدينون معتدلون وعلمانيون بطبيعتهم، لكن بسبب الفقر والعوز لدى بعضهم جاءت الإغراءات المالية لتجعل البسطاء يقبلون باستمالة رجال دين جدد _ نموذج يشبه العرعور_ لم يكن يفهم هؤلاء المغرر بهم عمق المشروع الإستعماري، فقام بتسليح الشباب، الذين انتحل بعضهم صفة رجال الدين، بحجة حماية السويداء من حروب يسوقها النظام وليس لهم يد فيها، فحمل البعض السلاح، ومن ثم تشكلت فصائل دينية.
2-هدف تشكيل المجموعات المتدينة المسلحة كان سحب البساط من تحت مشايخ العقل الثلاثة التقليديين، الذين تُوكل إليهم أمور السويداء الروحية، ويتوارثون سلطتهم الروحية بعرف الطائفة التوحيدية، ولديهم قاعدة شعبية دينية، ويمثلون باعتدالهم ووطنيتهم غالبية سكان المحافظة.
لذا كان يينبغي تغيير موقف السويداء، وجرها لتصبح أداة للمشروع العدواني، فعملوا على تشويه سمعة المشايح الثلاثة. وارسال الأموال لهم عبر الشيخ موفق طريف، الذي عينته "اسرائيل" شيخًا لطائفة الموحدين بفلسطين، خلفًا لخاله الشيخ أمين طريف، ومهدًت "اسرائيل" الطريق له ليصبح الزعيم الروحي المطلق للموحدين الدروز، ومن خلال تستطيع اسرائيل سحب البساط من تحت مشايخ العقل بعد توريطهم وتشويه سمعتهم، ثم تعيين بدلاء من عملائهم كالبلعوس او غيره الذين بايعوا موفق الطريف بالزعامة الروحية، وساعد بذلك بروز مجموعة مستجدة ممن ارتدوا لباس المشايخ، التي عملت مع موفق طريف بالتنسيق مع غرفة الموك من اجل تكوين دولة درزية بزعامة سياسية وروحية موالية للاحتلال الاسرائيلي.
يتابع المهندس خالد، "فهم أغلبية الشعب في الجبل المشروع، ووقفوا مع مشايخ العقل، وفندوا كذب الإشاعات، ورفضوا مظاهر التسليح والردة الدينية المشبوهة، فظهرت الحاجة لتنفيذ المشروع الاسرائيلي قسراً. حيث أوعزوا للعصابات بخلق الفوضى والخطف والقتل، حتى تطلب الناس الحماية من الفصائل الدينية الجديدة، والتي تنتمي لفصائل الخطف، لكن الدولة تصدّت لهؤلاء عبر إنشاء فصيل الدفاع الوطني، وكتائب البعث.
الكاتب: عبير بسّام