"إسرائيل رسميًا عضو مراقب في الاتحاد الإفريقي"، بهذه العبارة طُعنت القضية الفلسطينية في خاصرتها، والمُستغرَب أن هذا القرار جاء من الدول الأفريقية التي اكتوت على مر العصور بنار العنصرية حتى وقت قريب من الزمن، كما أن من بينها دول كانت ولا تزال حتى الأحداث الفلسطينية الأخيرة، تُطالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين نصرةً لها وشعبها.
فما الذي تغيّر وكيف حصلت "إسرائيل" على هذه العضوية؟
في 22 تموز من العام الجاري، أعلن كيان الاحتلال عبر بيانٍ لوزارة خارجيته انضمامه إلى الاتحاد الافريقي كعضوٍ مراقب "لأول مرة منذ عام 2002، قدّم سفير إسرائيل لدى إثيوبيا، أدماسو الالي، أوراق اعتماده عضواً مراقباً لدى الاتحاد الأفريقي" والذي اعتبره "حصاد عمل عليه الدبلوماسيون الإسرائيليون منذ نحو عقدين من الزمن".
هذا الإعلان جاء بعد اجتماع ضم كُلاً من رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقي، وسفير "إسرائيل" لدى إثيوبيا أدماسو الالي، وكان الاتحاد قد نشر بيانًا عقب الاجتماع جاء فيه أن "صفة المراقب التي حصلت عليها إسرائيل تمثل بداية لمرحلة جديدة في بناء علاقة إسرائيل بالمنطقة على المستوى القاري، وهي خطوة أساسية لتعزيز المبادرات القارية ضمن جدول أعمال إفريقيا 2063".
فكيف تطورت العلاقات الإسرائيلية-الأفريقية؟
على مر التاريخ، مرت العلاقات الإسرائيلية-الافريقية بالكثير من التوترات، منها ما حصل بعد مؤتمر باندونغ -الذي عُقد في اندونيسيا عام 1955- ما جعل أحد الدبلوماسيين في وزارة خارجية الاحتلال بالقول "لقد مثل مؤتمر باندونغ أكبر انتكاسة دبلوماسية لنا، إنه أقسى مأساة عانيناها، حيث تجمع أكثر من مليار ونصف شخص في مواجهة 1.8 مليون في إسرائيل. وهذا، في حد ذاته، تحطيم معنوي لنا".
وامتدت التوترات بعد القطيعة التي شهدتها العلاقات الخارجية مع القارة الإفريقية بين عامي 1967 و1973، وذلك إبان الحروب التي شنتها سلطات الاحتلال على الدول العربية. وفيما بعد عملت تل أبيب جاهدةً لتحسين العلاقات مع الدول الأفريقية وكسر الجدار الجليدي وذلك عبر اتفاقية كامب دايفيد في مصر، وصولًا إلى اتفاقات أبراهام التطبيعية، حيث باتت تحظى بتأييد أكثر من 46 دولة أفريقية بحسب تصريح وزير خارجية الاحتلال يائير لابيد "تتمتع إسرائيل بعلاقات بـ 46 دولة في أفريقيا، ولديها شراكات واسعة النطاق وتعاون مشترك في عدد من المجالات المتنوّعة، بما في ذلك التجارة والمساعدات. وبعد الحصول رسمياً على صفة مراقب في الاتحاد الأفريقي، ستكون الأطراف قادرة على التعاون، من بين أمور أُخرى".
ما هو الهدف الإسرائيلي من الانضمام؟
اليوم يشعر كيان الاحتلال بالتهديد الفعلي والوجودي له في المنطقة، وبالأخص بعد اشتداد عظم فصائل المقاومة الفلسطينية، وهو ما أثبتته الأحداث الأخيرة في معركة "سيف القدس". لكن تقاعس السلطة الفلسطينية، أعطى سلطات الاحتلال دافعًا كبيرًا لاختراق القارة الأفريقية والانضمام الى الاتحاد بغية تعزيز موقفه من خلال الدعم الذي يمكن أن تحصل عليه من الدول الأفريقية المؤيدة لها وبالتالي يمكن أن تصبح باعتقادها "دولة طبيعية".
يُراهن الكيان الإسرائيلي على تأسيس حلف إسرائيلي-أفريقي يضمن من خلاله ألا يصوت أحد ضد "إسرائيل" أو يأخذ موقف الحياد في المحافل الدولية، الأمر الذي سيشجعها على مواصلة الاعتداءات والانتهاكات التي يمارسها ضد الفلسطينيين، وآخرها ما يحصل في حي الشيخ جراح.
موقف بعض دول الاتحاد الإفريقي
وبالتزامن مع رفض لاعب الجودو الجزائري، فتحي نوردين، مواجهة المصارع الإسرائيلي في أولمبياد طوكيو 2021، كي "لا ينجس يديه بمصافحته"، تقود الحكومة الجزائرية بالتعاون مع 13 دولة حملة لطرد "إسرائيل" وسحب عضويتها من الاتحاد الإفريقي، ونقلت وسائل إعلام جزائرية أنّ الدول هي جنوب أفريقيا، وتونس، وإريتريا، والسنغال، وتنزانيا، والنيجر، وجزر القمر، والغابون، ونيجيريا، وزمبابوي، وليبيريا، ومالي، والسيشل.
وكان وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، قد أكد على "أنّ الدبلوماسية الجزائرية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الخطوة التي قامت بها إسرائيل والاتحاد الأفريقي دون استشارة الدول الأعضاء. وأضاف انّ قبول الاتحاد الأفريقي لإسرائيل عضوا مراقبا يهدف لضرب استقرار الجزائر التي تقف مع فلسطين والقضايا العادلة".
هذا وسيبدأ الوزير بدءًا من اليوم الثلاثاء، جولة من الزيارات إلى كل من تونس، ومصر، وإثيوبيا، والسودان، بغية "محاصرة" المدّ الإسرائيلي في مؤسسات الاتحاد الأفريقي" كما جاء في الخبر الرسمي للوزارة.
الكاتب: غرفة التحرير