"اللي بدو يكتب لفلسطين، واللي بدو يرسم لفلسطين، بدو يعرف حاله ميّت"، هكذا استشرف ناجي العلي أنه سيكون من عِداد الشهداء لا محال.
34 عامًا على إطلاق رصاصتين على عنق العلي وأسفل عينه، ليدخل بغيبوبة في مستشفى "تشارينغ كروس" ويرتفع شهيدا بعد 37 يوما -29 آب 1987- ويدفن في "بروك وود" في لندن، بعد تعذّر تنفيذ وصيته بأن يدفن في مخيم عين الحلوة جنوب لبنان.
ناجي العلي، أحد أيقونات مقاومة الاحتلال، وفنان الكاريكاتير المناضل الذي احكم الخناق على رقاب المتخاذلين حتى بات يشكل تهديدا لهم، الأمر الذي تُرجم باعتقاله عدة مرات واجباره على السفر، حيث تنقل بين لبنان والكويت ولندن "في رسوم فعلا بتغيظ معينين فبصير عليها رد فعل عنيف بحسب حساباتها انه يعني بدهم يمصعوا رقبتي".
شخصية حنظلة
"هذا رمز لذاتي انا يعني كإبن مخيم حافي ما عندوش استعداد انو يراوغ بالحقيقة ويقول الحقيقة وما يخسر شي".
في العاشرة من عمره انتقل العلي مع عائلته إلى لبنان وبعد احتلاله عام 1982 ظهرت شخصية حنظلة -صبي يبلغ من العمر 10 سنوات أي عمر ناجي عندما غادر فلسطين- وهو يقدم وردة لبيروت في لوحته الشهيرة "صباح الخير يا بيروت"، والتي جسدت المدينة على انها شابة جميلة تخرج رأسها من فجوة جدار محطم.
ظهر حنظلة بشكل علني لأول مرة عام 1969 على صفحات جريدة "السياسة الكويتية" وقد أدار ظهره للعالم وهو مكتفا يديه وراء ظهره، رفضا للسياسات الأميركية لتسوية القضية الفلسطينية "كتفته بعد حرب تشرين الأول 1973، لأن المنطقة كانت تشهد عملية تطويع وتطبيع شاملة، وهنا كان تكتيف الطفل دلالة على رفضه المشاركة في حلول التسوية...فهو ثائر وليس مطبعا".
وعندما سئل ناجي العلي عن موعد رؤية وجه حنظلة أجاب: "عندما تصبح الكرامة العربية غير مهددة، وعندما يسترد الانسان العربي شعوره بحريته وانسانيته".
تلقى الشهيد ناجي العلي العديد من التهديدات نتيجة رسوماته التي كانت بمثابة مقاومة من نوع آخر، واعتقل عدة مرات، وهذا ما زاد من جرأته في فتح كل جبهات القتال دفعة واحد، دون مهادنة أو مساومة، الأمر الذي وسّع دائرة أعدائه، وجعل من مسألة اغتياله أمرا متوقعا في أي لحظة.
استشهد ناجي العلي عن 40 ألف رصاصة أطلقها من زناد ريشته وقدم للعالم حقيقة ان فلسطين قضية لا تنسى، وان لوحاته الأربعين الفا ستثمر وعيا وقد أثمرت.
الكاتب: غرفة التحرير