في ظل التطورات المتسارعة التي أعقبت العدوان الصهيوني على إيران، برزت تباينات واضحة في المواقف السياسية والإعلامية داخل مجتمع الاحتلال حول مدى نجاح العملية في تحقيق أهدافها الاستراتيجية. فبينما أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن "نصر تاريخي"، حذر آخرون من أن الاتفاق مع إيران لا يحمل ضمانات كافية، وأن النظام الإيراني لم يسقط ولا تزال قدراته النووية والصاروخية تشكل تهديداً مستمراً.
يركز هذا التقرير على تحليل تصريحات وآراء رسمية وسياسية وإعلامية صهيونية نشرت بعد وقف إطلاق النار مع إيران، ويهدف إلى تصنيف المواقف بين من يرى أن العدو حقق أهدافه المعنية بـ إضعاف البنية النووية والصاروخية الإيرانية، وتحقيق انتصار عسكري استراتيجي. ومن يرى أن العدو لم يحقق أهدافه بالكامل أو أن الاتفاق يحمل مخاطر مستقبلية (عدم وجود ضمانات، استمرار التهديد الإيراني، خيبة الأمل من عدم إسقاط النظام). كما يسلط الضوء على اتجاهات ثانوية أخرى مثل التركيز على غزة، الشكوك حول التعاون الأمريكي، والانتقادات المتعلقة بالخسائر البشرية والمعدات الدفاعية.
الاتجاه الأول: من يرى أن الكيان المؤقت حقق أهدافه
رئيس الوزراء نتنياهو:
"حققنا نصرًا تاريخيًا سيبقى لأجيال. أزلنا تهديدين مباشرين: التهديد النووي وتهديد العشرين ألف صاروخ باليستي... دمرنا المشروع النووي الإيراني... موقع التخصيب العميق تحت الأرض في فوردو تم تدميره".
تصريح رسمي وحاسم يعلن النصر العسكري وإزالة خطر استراتيجي.
وزير المالية سموتريتش:
"انتصارنا على إيران سيُضعف حماس بشكل كبير... نحن نزيل اليوم تأثير أربعين سنة من سيطرة نظام الملالي... هذا لا يعني أنهم سيرفعون الراية البيضاء غداً، لكننا بدأنا تغييراً جوهرياً".
يربط بين النجاح العسكري في إيران وتأثيره الإقليمي، ويؤكد أن الهزيمة النفسية لإيران ستُحدث فرقاً استراتيجياً.
رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت:
"نجحنا في جر الولايات المتحدة للهجوم على إيران... الهجمات على إيران كانت نجاحاً باهراً لإسرائيل وجيشها".
يرى في الدعم الأمريكي ومشاركة إسرائيل بالضربات إنجازاً عسكرياً وسياسياً مهماً.
هيئة البث الرسمية عن مصدر أمني إسرائيلي:
"إيران فقدت القدرة على تخصيب اليورانيوم وعلى عسكرته... غير قادرة على إنتاج مئات الصواريخ شهرياً".
يشير إلى تقديرات استخبارية تدعم فكرة إضعاف البنية التحتية الإيرانية.
ايتمار آيخنر - واينت
"عملية 'الأسد الصاعد' هي إنجاز غير مسبوق... ضربة قاسية للمشروع النووي الإيراني... حرية عمل جوية غير مسبوقة... تصفية كبار القادة والعلماء النوويين... تعزيز مكانة إسرائيل كقوة ردع مركزية".
مراجعة شاملة ترى أن العملية كانت ناجحة جداً على المستويات العسكرية والاستراتيجية.
الاتجاه الثاني: من يرى أن الكيان المؤقت لم يحقق أهدافه / أو أن الاتفاق خطير
القناة 13 العبرية:
"الأهداف التي وضعها نتنياهو للعملية ضد إيران لم تتحقق... وزراء بالمجلس السياسي الأمني طالبوا باستمرار الحملة حتى سقوط النظام الإيراني".
انتقاد مباشر للاتفاق واعتباره أقل من المتوقع، مع تفضيل لمواصلة الحرب حتى إسقاط النظام.
ونين برغمان - يديعوت أحرونوت:
"بدأت علامات استفهام تحوم حول وعد نتنياهو... هل دُمر فوردو حقاً؟ ألا تمتلك إيران قدرة تخصيب متبقية؟ ما عدد الصواريخ المتبقية؟ هل تم تدمير البنية التحتية أم مجرد تأجيل؟"
شكّ في مدى فعالية الضربات، وتركيز على الثغرات في المعلومات والبنية التحتية الإيرانية.
نيف درومي:
"هناك شعور بالخسارة لأن النظام الإيراني لم يسقط... ولكن يجب علينا أن نؤمن بأنه سوف يحدث على أي حال".
موقف مشوش بين الفرح بالإنجازات وبين خيبة الأمل من عدم إسقاط النظام.
قناة "كان" العبرية:
"التفاهمات بين إيران وإسرائيل غير مكتوبة... ليست واضحة فيما يتعلق بإمكانية إعادة إحياء البرنامج النووي... من المشكوك فيه قدرة إسرائيل على منع ذلك بدون آلية واضحة".
تركيز على هشاشة الاتفاق وعدم وجود ضمانات طويلة الأمد.
الكاتب غادي عزرا - يديعوت أحرونوت:
"البرنامج النووي الإيراني هو أداة وليس هدفاً... النظام الإيراني لا يزال موجوداً... قد يعود بعد فترة... العيون الآن على روسيا والصين... إن لم نحل قضية الرهائن، فإننا لن نستطيع المضي قدماً".
تحذير من أن الحرب لم تنتهِ وأن النظام الإيراني ما زال قائماً، مع تركيز على التحديات الداخلية مثل قضية الرهائن.
اتجاهات أخرى
التركيز على غزة واستخدام النجاح العسكري كورقة ضغط:
ايتمار آيخنر - واينت: " نجاحات العملية قد تسرّع المفاوضات حول صفقة تبادل أسرى مع حماس... حماس التي كانت تعوّل على دعم إيراني ستجد نفسها معزولة".
ربط بين النجاح في إيران وفرص استغلاله في الجبهة الجنوبية.
التخوف من فشل ضياع الإنجازات:
الكاتب غادي عزرا: " الحرب بين إسرائيل وإيران ليست فقط عسكرية، بل أيديولوجية... إذا لم تتحول الإنجازات العسكرية إلى ضمانات سياسية، فقد تتحول إلى لحظة عابرة في صراع طويل".
إشارة إلى أهمية الجانب السياسي والدبلوماسي لتحويل النصر العسكري إلى إنجاز مستدام.
الانتقادات حول الخسائر البشرية والتقصير الدفاعي:
ايتمار آيخنر - واينت: "فقدت إسرائيل 28 قتيلاً في الجبهة الداخلية... بعض الصواريخ اختراق الدفاعات... هناك نقص في الاستجابة الكاملة".
تركيز على الثمن الباهظ للعملية، وخاصة من حيث الخسائر والمعدات الدفاعية.
الشكوك حول التعاون الأمريكي ومدى التزامه المستقبلي:
الكاتب غادي عزرا: "الانضمام الأمريكي ليس ضماناً دائمًا... العيون الآن على روسيا والصين... وقد تسعى الدولتان لتعويض إيران". تقييم استراتيجي يحذر من الاعتماد الزائد على الحليف الأمريكي دون خطة بديلة.
فيما يلي خمسة أسباب لانتصار الجمهورية الإسلامية في العدوان الإسرائيلي على سيادتها:
- فشل خطة الكيان الأولية لشل إيران في الليلة الأولى: اعتقد الكيان أنه قادر على شل حركة إيران بهجوم عنيف في الليلة الأولى؛ لكن الأمور وصلت إلى حد سعي الكيان نفسه لوقف إطلاق النار بعد ردود إيران.
- هجمات مباشرة وعنيفة على أراضي الكيان المؤقت: لأول مرة في التاريخ، استهدفت إيران مراكز حيوية في الأراضي المحتلة بهجمات غير مسبوقة ومحددة الأهداف، محطمة بذلك هيمنة الكيان الأمنية.
- تلاشي ادعاءات الكيان بتدمير القدرات الصاروخية والنووية: زعم الكيان الصهيوني تدمير القدرات الصاروخية والبنية التحتية النووية الإيرانية، لكن رد إيران الفوري والواسع دحض هذا الادعاء
- إدارة ذكية للتوتر مع الولايات المتحدة وتوجيه رسالة عبر مهاجمة قاعدة: بهجومها الموجه على القاعدة الأمريكية في قطر، أظهرت إيران أنها لا تتحرك ضمن قواعد اللعبة الأمريكية، وفي الوقت نفسه أرسلت رسالة حاسمة إلى دول المنطقة
- الدعم الإقليمي والرأي العام العالمي: بدءاً من دعم جبهة المقاومة، وصولاً إلى موجة الاحتجاجات العالمية ضد الكيان أصبحت هذه الحرب مسرحا للتضامن العالمي مع الشعب الإيراني وكشفت عن الوجه العدواني للكيان المؤقت