يسعى الكيان الإسرائيلي جاهداً للخروج من مرحلة سياسية حرجة استمرت طيلة السنوات الماضية تتمثل بشلل سياسي نتيجة فشل القوى السياسية، فعلى مدار ثلاث دورات انتخابية لم يحصل أي من الأحزاب ولا حتى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على أغلبية 61 مقعداً لتشكيل حكومة ضيقة، ما دفع لإجراء انتخابات إسرائيلية جديدة هي الرابعة خلال عامين.
انتخابات برلمانية انطلقت يوم الثلاثاء يصوّت بها حوالي 6 ملايين ناخب إسرائيلي لقوائم حزبية، تتنافس فيها الأحزاب على 120 مقعداً ما يعني ضرورة حصول الحزب الواحد على 4 مقاعد برلمانية حتى يدخل الكنيست. فيما أعدت لجنة الانتخابات أكثر من 15 ألف مركز اقتراع مقابل 11 ألفا كانت تجرى من خلالها عملية الاقتراع في السنوات الماضية.
زعيم حزب الليكود بنيامين نتانياهو الملاحق بقضايا فساد واحتيال عدة يحاول استغلال مجموعة من الأوراق أبرزها ابرام اتفاقيات تطبيع مع عدة دول عربية، إضافة للترغيب وإطلاق الوعود للمسلمين والإسرائيليين العرب، في هذا الإطار نشر نتانياهو مقطع فيديو على "تويتر" وأرفقه بجملة قال فيها: "لدي بشرى كبيرة لمواطني إسرائيل المسلمين - طيران مباشر من إسرائيل لمكة، الحلم سيتحقق"، ما يعني انه حصل على موافقة السعودية لإطلاق هذا الخط الجوي المباشر بين تل أبيب والرياض.
وتعطي استطلاعات الرأي لحزب الليكود أكبر الأحزاب عدداً للمقاعد الا أنه قد لا يملك من التحالفات ما يكفي للحصول على 61 مقعدا، وقد أشارت نتائج عيّنات الانتخابات الأولية إلى تقدّم حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو بـ30 مقعداً ، فيما حل حزب"هناك مستقبل ثانيا.
وأظهرت ثلاثة عينات انتخابية لقنوات اسرائيلية ان الكتلة المؤيدة لنتانياهو تحصل على 61 مقعدا الى جانب تحالف "يمينا"، الامر الذي وصفه نتانياهو انتصاراً عظيماً لليمين ، في حين سجل كل من "تكفا حداشا" و"يمينا" نتائج مخيبة مقارنة بنتائج الاستطلاعات التي منحتهم أكثر من عشرة مقاعد، والقائمة الموحدة وفقا للعينات لا تجتاز نسبة الحسم.
ووفقا لنتائج عينة القناة (13) الاسرائيلية فإن "ويش عتيد" يحصل على 16 مقعدا، تحالف "يمينا" على 7 مقاعد، حزب "شاس" 8 مقاعد، حزب "إسرائيل بيتنا" 8 مقاعد، حزب "يهدوت هتوراة" 7 مقاعد ، حزب العمل 7 مقاعد، حزب "ميرتس" اليساري 7 مقاعد ، حزب الصهيونية الدينية 6 مقاعد، "تكفا حداشا" 5 مقاعد، والموحدة تتراوح مع نسبة الحسم ولم تنجح باجتيازه ، وبذلك فان مؤيدي نتنياهو بدون تحالف "يمينا" يحصلون على 54 مقعدا فقط، فيما يحصل معارضو نتنياهو على 59 مقعدا.
وجاءت النتائج بعد تسجيل نسبة مشاركة منخفضة نسبيا بلغت 67.2%.
وعقّب النائب الليكودي ميكي زوهار على الانتخابات بالقول: ان بقي "ساعر" في المعسكر "ضد نتنياهو" فان سيرته السياسية سوف تنتهي.
وفي تعقيبه على النتائج، لفت رئيس تحالف "ازرق ابيض" بيني غانتس بأنه سيبذل قصارى جهده لتوحيد الكتلة التي تسعى للتغيير.
ورداً على نتائج الانتخابات الأولية قال رئيس حزب "ميرتس" نيتسان هوروفيتش "من يعرف ميرتس يعرف اننا لن نتنازل عن قيمنا وسنواجه جميع كل القوى الظلامية، ميرتس هنا حتى تبقى، هناك يسار فخور وقوي والنتائج تظهر ذلك".
بدوره قال رئيس "هناك مستقبل" يائير لبيد: نحن بصدد اختتام الحملة الانتخابية كثاني أكبر حزب في "إسرائيل"، في الوقت الحالي لن يتم تشكيل حكومة على أصوات الكهنة العنصريين والظلامين - لقد بدأت الليلة بالفعل محادثات مع بعض قادة كتلة التغيير وسأواصل في الأيام المقبلة - سنبذل قصارى جهدنا لإقامة حكومة مستقرة في "إسرائيل".
حدة التنافس والتصريحات تظهر شدة احتدام المعركة القائمة بين أطراف القوى السياسية وشراستها وتأثيراتها لاحقا على أداء الحكومة الاسرائيلية.
وترى معظم اطياف القوى السياسية داخل الكيان ضرورة العمل لوضع حد لولاية نتنياهو صاحب اطول فترة حكم في تاريخ الكيان، والذي يتهمه خصومه بغض الطرف عن المتطرفين الذين يشكلون قاعدة لشركائه الرئيسيين في الائتلاف الذي يقوده. فيما تواجه معارضي نتنياهو عدة عقبات لإزاحته عن السلطة أبرزها عدم الاتفاق على برنامج او مرشح واحد لمواجهة نتنياهو في صناديق الاقتراع.
أبرز منافسي نتنياهو هم رئيس المعارضة ووزير المالية السابق يائير لابيد والذي يقود حاليا حزب "هناك مستقبل" وهو مرشح ليكون في المركز الثاني بعد الليكود، بالاضافة الى الجنرال السابق بيني غانتس الذي تمزق حزبه "ازرق ابيض" وخسر الكثير من مناصريه بعد انضمامه الى حكومة نتنياهو.
ومن المتوقع أن تتبلور الملامح الأولية للوائح بعد ظهر الأربعاء فيما تصدر النتائج النهائية في 31 من الشهر الجاري.
فهل ستُعمّق الانتخابات الإسرائيلية الخلافات الداخلية ويتمخض عنها كما سابقاتها حكومة إسرائيلية هزيلة غير قادرة على اتخاذ القرارات الكبرى؟
المصدر: وكالات وصحف عبرية
الكاتب: غرفة التحرير