الأربعاء 22 كانون الثاني , 2025 03:48

طوفان الاستقالات العسكرية الإسرائيلية بدأ.. من التالي؟

نتيناهو وعلى يمسينه هارتسي هاليفي ويارون فينكلمان

ضربت موجة من الاستقالات جيش الاحتلال الإسرائيلي، بدأها أمس الثلاثاء، رئيس هيئة الأركان، هارتسي هاليفي، على خلفية فشل يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر2023، بقوله في كلمة متلفزة "في 7 أكتوبر فشلنا في الدفاع والهجوم، وسأحمل نتائج ذلك اليوم الرهيب معي لبقية حياتي". على أن تبدأ مفاعيل الاستقالة من 6 آذار/مارس المقبل، لتستكمل بذلك التداعيات الأمنية والسياسية لعملية طوفان الأقصى، عقب توقيت التوقيع على صفقة استعادة الرهائن ووقف إطلاق النار في غزة. ومنذ عدة أيام قدّم بن غفير ووزراء كتلته بالكنيست استقالاتهم من الحكومة احتجاجاً على المصادقة على اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس وتبادل الأسرى.

أعقبت استقالة هاليفي استقالة قائد المنطقة الجنوبية بالجيش الإسرائيلي، يارون فينكلمان، والذي يعتبر قطاع غزة من صلب مهامه، ويبدو أن المسؤولين كانا على تنسيق كامل في قرارهما الأخير، وكتب الجنرال المسؤول عن القيادة الجنوبية في كتاب الاستقالة: "في 7 أكتوبر فشلت في الدفاع عن (منطقة) النقب الغربي، وسيبقى هذا الفشل محفوراً في ذهني لبقية حياتي".

لم تكن استقالة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يوم الثلاثاء مفاجئة بالنسبة لمعظم الإسرائيليين. فلقد دار الحديث منذ أسابيع عن نية حكومة نتنياهو إقالته. ولقد ألمح هاليفي عدة مرات منذ عملية طوفان الأقصى إلى أنه مسؤول عما حدث ولن يكمل ولايته على رأس الجيش. زد على ذلك ما أنتجته الحرب في غزة من قتلى وجرحى في صفوف الجنود والضباط الإسرائيليين منذ بداية العملية البرية.

كان من المفترض أن تخدم خطوة إقالته من قِبل نتنياهو غرضين، وكلاهما لا علاقة لهما بالحرب في غزة أو اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم توقيعه مؤخراً.

فبحسب صحيفة هآرتس "المهمة الأولى والأكثر إلحاحاً بالنسبة للائتلاف الحاكم تتلخص في إزالة عقبة من مشروع القانون المثير للجدل الذي يقضي بإعفاء الرجال المتدينين من الخدمة العسكرية ــ وهو الأمر الذي اتخذ هاليفي موقفاً صارماً ضده في الأشهر الأخيرة. فقد حذر من أن التشريع من شأنه أن يحرم الجيش من آلاف الجنود، وأن يلحق الضرر بالأمن القومي الإسرائيلي". نستذكر هنا قرار إقالة وزير الحرب السابق يوآف غالانت، الذي انتقد أيضاً مشروع قانون التجنيد الحريدي، وانتهى به الأمر مطروداً من حكومة نتنياهو، ويرجع سبب صرامة نتنياهو اتجاه الموقف من تجنيد الحريديم وتجاهل تحذيرات القيادة العسكرية، إلى أنه يعتمد في قبضته على السلطة على دعم الأحزاب الحريدية في ائتلافه.

أما السبب الثاني هو "الحملة المستمرة التي يشنها نتنياهو منذ الساعات الأولى ليوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر، لإزالة كل المسؤولية عن الفشل الذريع من على عاتقه. وبدلاً من ذلك، يريد تحميل المسؤولية بالكامل على الأجهزة العسكرية والاستخباراتية".

وبحسب الكاتب "عندما أدرك هاليفي أن الحكومة تخطط لإلقائه، متجاهلةً حقيقة أنه قاد الجيش إلى كل إنجازاته في ساحة المعركة على مدى الأشهر الخمسة عشر الماضية، قرر اغتنام المبادرة بنفسه".

انتقلت الآن الضغوط من المؤسسة العسكرية إلى الحكومة والمستوى السياسي. فقد أصبح الجنرالات الثلاثة الأكثر ارتباطاً بالفشل ـ هاليفي، وفينكلمان، ورئيس الاستخبارات العسكرية أهارون حاليفا، الذي استقال في نيسان/أبريل الماضي ـ خارج مناصبهم.

ستوجّه الحكومة أنظارها الآن إلى الهدف التالي: رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار. وعلى غرار هاليفي، لم ينكر بار مسؤوليته عن إخفاقات 7 أكتوبر. ولكن منصبه، على النقيض من منصب رئيس المؤسسة العسكرية، أكثر حساسية من الناحية السياسية. وليس مستبعداً أن يقوم بتقديم استقالته بنفسه إذا تيقّن بأن نتنياهو ينوي إقالته. في هذا السياق من المتوقّع أيضاً بعد استقالة هاليفي وقائد المنطقة الجنوبية أن تتوالى استقالات أخرى، مثل قادة القوات الجوية والبحرية.


الكاتب: حسين شكرون




روزنامة المحور