جعتون هي مستوطنة تقع في الجليل الغربي شمالي فلسطين المحتلة، وتخضع لسلطة مجلس "ماتي آشير" الإقليمي. سُمّيت المستوطنة بهذا الاسم نسبة إلى نهر جعتون الذي يمر قربها ويتدفق عبر مستوطنة نهاريا إلى البحر الأبيض المتوسط. تأسست مستوطنة جعتون في تشرين الأول/ أكتوبر 1948، على التلال الواقعة شرق نهاريا، على يد مجموعة من المستوطنين القادمين من المجر، بالتزامن مع مرحلة تثبيت الاحتلال وبناء شبكة مستوطنات تخدم أهدافه.

أهمية الموقع
تتمتع جعتون بموقع حساس في عمق الشمال الفلسطيني المحتل، إذ تبعد:
9 كيلومترات فقط عن الحدود اللبنانية الفلسطينية.
12 كيلومتراً من شاطئ البحر الأبيض المتوسط.
11 كيلومتراً شرق مستوطنة نهاريا.
نحو 30 كيلومتراً شمال شرقيّ حيفا المحتلة.
حوالي 110 كيلومترات من تلّ أبيب.
هذا الموقع يجعلها ضمن منطقة الاحتكاك المباشر مع عمليات المقاومة، ويضعها تحت الاستهداف الدائم، خصوصاً مع تواجد الجيش الإسرائيلي في المستوطنة واستعمالها في العمليات العسكرية.
الدور
رغم تقديمها ككيبوتس “زراعي–سكني”، إلا أنّ طبيعة الاستيطان في الجليل الغربي تجعلها جزءاً من المشروع الأمني الإسرائيلي القائم على التواجد الدائم لجنود واحتياط جيش الاحتلال، حيث يتخذ الاحتلال من بيوت هذه المستوطنة ثكنات له خصوصاً أنها قريبة من الحدود اللبنانية. وتُعدّ جعتون من شبكة المستوطنات التي يعتمد عليها الاحتلال كـ "خط دفاع أول" في مواجهة لبنان.
ظروف المستوطنين خلال الحرب مع لبنان
أبرز ما كشفته الحرب أن جعتون، كسائر مستوطنات الشمال، تعيش ارتباكاً كبيراً ونقصاً في البنى التحصينية.
وفق تقرير "تايمز أوف إسرائيل"، يواجه المستوطنون:
انعدام في الغرف المحصّنة في المنازل القديمة.
اعتماداً واسعاً على الملاجئ الجماعية.
صعوبات في وصول كبار السن إلى الملاجئ خلال ثوانٍ.
إغلاق عيادة المستوطنة وتحويل الخدمات الطبية إلى مناطق أبعد.
تعطّل الحياة الاقتصادية، ومغادرة عشرات المستوطنين.
وتؤكد سمادار طال، مديرة الخدمات الاجتماعية في المستوطنة، أن المستوطنين كانوا يستعدون للحرب منذ أشهر عبر تفقد الملاجئ، وتركيب مراتب جديدة، ومعالجة التسربات، لكن ذلك لم يكن كافياً لمواجهة وتيرة الاستهداف.

الوضع في المستوطنة
تواجه المستوطنة أزمة تحصين حقيقية حيث أن أغلب منازلها قديمة وغير محمية، كذلك المدارس فيها والروضات بحاجة إلى غرف تحصين لا يموّلها الاحتلال لأنها خارج شروط المسافة المطلوبة.
وبسبب الخطر الذي يشكله حزب الله، قام نحو 20 منزلاً ببناء غرف محصّنة بتمويل شخصي تراوح بين 130 ألفاً و200 ألف شيكل للغرفة الواحدة، ما يعادل 35 إلى 53 ألف دولار.
لكن معظم المستوطنين لم يستطيعوا تحمل هذه الكلفة.

حجم الخسائر
تكبّدت المستوطنة خسائر كبيرة خلال الحرب، من أبرزها:
مغادرة نحو 100 راقص من "فرقة الرقص المعاصرة" التي تعمل في جعتون، ما أدى إلى خسائر مالية كبيرة.
خسارة نصف مليون شيكل خلال ثلاثة أشهر فقط نتيجة تراجع الإيجارات والرسوم.
توقف العديد من المشاريع وإغلاق العيادات.
اعتماد بعض المرافق على التبرعات من الخارج لتأمين التحصين.
وتؤكد المديرة الاجتماعية أن "الكيبوتس اضطر لدفع نصف مليون شيكل لتحصين منطقة واحدة فقط من أجل إعادة إحدى النساء المسنّات إلى منزلها".
الاستهداف وتاريخه وتأثيراته
في 19 تشرين الثاني 2024، استهدفت المقاومة الإسلامية المستوطنة بصليّة صاروخية دعماً للمقاومة الفلسطينية في غزة وإسناداً لها، ودفاعاً عن لبنان وشعبه. ونشرت المقاومة الإسلامية بياناً قالت فيه: "هاجمنا بمسيّرة انقضاضية تجمعاً لجنود الجيش الإسرائيلي في مستوطنة جعتون". ما أكد هشاشة الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وزاد من حجم الضغط على المستوطنين، كذلك عمّق أزمة عدم الثقة بين المستوطنين والاحتلال، ودفع المزيد من العائلات إلى المغادرة.
الترميم والوقت
تعاني جعتون من بطء واضح في عمليات الترميم، إذ:
لم تتلق المستوطنة أي مساعدة حكومية مباشرة.
أنشأ المستوطنون غرفاً محصّنة على نفقتهم الخاصة.
تأخر الكيان في إصدار تصاريح البناء أو في تقديم منح رمزية قيمتها 10 آلاف شيكل فقط.
تصريحات المسؤولين
تصريحات مسؤولي المستوطنة كشفت عن عمق الأزمة:
أوفير أدار (سكرتير المستوطنة)
"المسنّون لا يستطيعون الوصول إلى الملاجئ. نعيش وضعًا يُفرض علينا قسرًا، وعلينا أن نتحمّل كلفة التحصين من جيوبنا".
إنبار بيزك (مديرة المجلس الإقليمي للجليل الأعلى)
"الدولة تموّل تحصين مستوطنات الجنوب حتى 20 كيلومتراً من غزة، بينما في الشمال لا تتحرك إلا ضمن نطاق 2 كيلومتر فقط. هذا تمييز واضح".
بينما اكتفت وزارة المالية الإسرائيلية بتصريح ضبابي يفيد بأن خطة التحصين قيد الدراسة، من دون التزام فعلي بالمواعيد أو التمويل.
الكاتب: غرفة التحرير