تستدعي الأحداث التراجيدية الانكباب على كتابة الروايات الأدبية، كنوع من الإفراغ العاطفي، كما تجذب الانكسارات المتتالية القارئ نحو الكلمات التي تعبّر عن المآسي الوجدانية المرتبطة بالصدمات.
تأثر المشهد الثقافي في "إسرائيل" بشكل كبير بحدثين شكلا تأثيراً عميقاً في الوعي العام والخاص الإسرائيلي، هجوم 7 تشرين الأول والحرب على غزة. فلم تقتصر التبعات على السياسة والأمن، بل تعدّ ذلك إلى إعادة تشكّل المشهد الثقافي والأدبي داخل الكيان.
وتزامناً مع أسبوع الكتاب السنوي في إسرائيل الذي يقام في كل عام من شهر حزيران، نشرت المكتبة الوطنية الإسرائيلية تقريرها السنوي حول إصدار الكتب في إسرائيل للعام 2023. وأشار التقرير أن ما لا يقل عن 82 كتاباً تم نشرها حول موضوع عملية 7 تشرين الأول والحرب على غزة وذلك حتى نهاية أيار 2024.
كتب تتناول التحليل السياسي للحرب، وكتب أخرى تروي تجارب الأفراد
تشمل الكتب الرائجة في إسرائيل عناوين متنوعة تحكي عن أحداث وقصص الحرب، وآثار الحرب على المجتمع الإسرائيلي، وبالتأكيد مظاهر معاداة السامية، بالإضافة إلى الكتب الدينية والثقافية التي تتناول الحرب من منظار عقائدي. ومن جهة أخرى، تنتشر الكتب التي تمجّد الذاكرة والبطولة، والكتب التذكارية التي تتناول آثار الحرب على القتلى والجرحى، سواء كانوا من المدنيين أو الجنود.
من وجهة نظر صحيفة "هآرتس"، يُبرز تدفق مئات الكتب إلى دور النشر الكارثة التي ستطال حياة الإسرائيليين من الآن فصاعداً وإلى الأبد، وبحسب الكاتبة، جيلي إيزيكويتز، "بطريقة قد تكون فريدة لكنها معقدة للغاية، متشابكة في الذاكرة التاريخية، وفي الروح الوطنية، وفي حياة الأمة، ولكنها أيضاً مغروسة في القلب، ومتمسّكة إلى الأبد في الحياة الخاصة والعاطفية للمواطن الإسرائيلي".
وتضيف "في كثير من الحالات يصعب تحديد ما إذا كان هذا الكتاب أو ذاك يدور حول الحرب أم أن الحرب أصبحت ببساطة جزءاً من الدورة الدموية للشخصيات بطريقة لا تنفصم". وتختم جيلي بالقول "إن الكتب الثمانين التي تم نشرها حتى الآن هي مجرد قطرة في محيط".
توثيق الصدمة ونجاح السير الذاتية
"يبدو أنه لا يوجد أحد لم يكتب أو يقوم حالياً بتأليف كتاب عن 7 أكتوبر" بهذه الجملة كتب موقع كالكاليست مقالاً بعنوان "يتفاجأ الناشرون بطوفان الكتب عن الحرب" يتحدّث فيه المدير التنفيذي لدار النشر "يديعوت بوكس"، عن الإبداع في الكتابة الذي نجم عن حرب 7 تشرين الأول، وتمثلت مهمته في توثيق "الصدمة" التي خلفتها هذه الحرب. وأشار إلى استقبال دار النشر لعدد كبير من المخطوطات من شهود الحرب، الذين شهدوا الأحداث من منظورات متعددة. فيقول: "لا أتذكر بعد حروب أخرى مثل هذا الانفجار من الإبداع". ويضيف "إن عدد المخطوطات التي يرسلها الناس إلينا هائل: الأشخاص الذين كانوا في الاحتياط، والذين خدموا في غزة، والذين شهدوا 7 أكتوبر.
أما آفي شومر، الرئيس التنفيذي لسلسلة "تسومت سفريم"، قال في المقال نفسه "لقد اعتقدت في البداية أن لا أحد يريد أن يلمس هذه الكتب، فلدينا ما يكفي من الحرب والأخبار طوال اليوم. ولكن على الرغم من هذا، يتم شراء الكتب. أولئك الذين يكتبون عن الحرب بنبرة صحفية هم الأقل نجاحاً، وأولئك الذين يكتبون بطريقة أكثر شخصية وسير ذاتية ينجحون". وبحسب صحيفة هآرتس، كتاب "يوم واحد في أكتوبر"، الذي يتألف من مجموعة قصص لأربعين إسرائيلياً، وتتميز(القصص) بأنها تتقاطع بين الواقع والخيال في مختلف القوائم الأدبية، حقق(الكتاب) نجاحاً تجارياً نادراً، حيث احتل قوائم الكتب الأكثر مبيعاً.
أشار التقرير السنوي للمكتبة الوطنية آنف الذكر بأن العام المقبل سيشهد استمراراً واهتماماً بمثل هذه الأحداث في الأدب والبحث التاريخي والذاكرة. ومن المتوقع أن يشهد العام 2024 نشر مئات الكتب الأخرى التي ستعكس تجارب جديدة وتحليلات إضافية. ووفق التقرير، من المتوقع أن تشمل الكتب المستقبلية موضوعات تتعلق بالذكرى، والبطولة، وآثار الحرب على المجتمع الإسرائيلي، وتحليلات لمعاداة السامية المتزايدة والأحداث المهمة الأخرى التي تلاحق اليهود في جميع أنحاء العالم.
للاطلاع على نبذة من الكتب العبرية باللغة العربية من هنا
الكاتب: غرفة التحرير