مع تصاعد وتيرة الانتهاكات الجسيمة التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في حق المدنيين في قطاع غزة والضفة الغربية، ترتفع أيضاً وتيرة الاعتداءات على النساء، والتي تتضمن اعتداءات جنسية وجرائم اغتصاب وإخفاء قسري، وتعتبر التقارير الأممية التي أطلقها الخبراء المعينين من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والتي تحدثت صراحة عن ارتكاب جنود الاحتلال لانتهاكات واعتداءات جنسية ضد النساء والفتيات في قطاع غزة والضفة الغربية، ذات مصداق وواقعية، خصوصاً أنها مبنية على شهادات موثّقة للعديد من عمليات الاعتداء التي حصلت والتي تنذر المجتمع الدولي بضرورة التدخل العاجل لكشف الممارسات الإجرامية واللاإنسانية واللاأخلاقية التي ينتهجها الاحتلال، وإضافة هذه الجرائم إلى سجل جرائم الإبادة الجماعية التي يتفق جلّ المجتمع الدولي اليوم بمؤسساته الحقوقية والقضائية على أنّ الكيان الإسرائيلي بترسانته العسكرية ضالع ومتورط فيها إلى أبعد الحدود.
حيثيات تقارير الأمم المتحدة حول الانتهاكات الجسيمة بحق النساء الفلسطينيات
يقول خبراء الأمم المتحدة إنهم رأوا "ادعاءات موثوقة" بأن نساء وفتيات فلسطينيات تعرضن لاعتداءات جنسية، بما في ذلك الاغتصاب، أثناء وجودهن في السجون الإسرائيلية، ويطالبون بإجراء تحقيق كامل. وحسب تقرير بصحيفة الغارديان، قالت لجنة الخبراء إن هناك أدلة على حالتي اغتصاب على الأقل، إلى جانب حالات أخرى من الإذلال الجنسي، والتهديد بالاغتصاب. وقالت ريم السالم، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد النساء والفتيات، إن المدى الحقيقي للعنف الجنسي قد يكون أعلى بكثير. وأضافت قائلة "قد لا نعرف لفترة طويلة العدد الفعلي للضحايا". وأشارت إلى أن التكتّم في الإبلاغ عن الاعتداءات الجنسية أمر شائع بسبب الخوف من الانتقام، مشيرة إلى أنه في موجة اعتقال النساء والفتيات الفلسطينيات بعد اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كان هناك موقف متساهل بشكل متزايد تجاه الاعتداء الجنسي في مراكز الاعتقال الإسرائيلية. وقالت ريم التي عيّنها مجلس حقوق الإنسان الأممي مقرراً خاصاً في 2021، "أود أن أقول إن العنف وتجريد النساء والأطفال والمدنيين الفلسطينيين من إنسانيتهم، بشكل عام، أصبح أمراً طبيعياً طوال هذه الحرب". كيف ظهرت هذه الاعتداءات؟
- الاستهداف المتعمد والقتل خارج نطاق القضاء للنساء والأطفال الفلسطينيين في الأماكن التي لجأوا إليها، أو أثناء فرارهم. وقال الخبراء إن بعضهم كان يحمل قطعاً من القماش الأبيض عندما قتلهم الجيش الإسرائيلي أو القوات التابعة له.
- الاعتقال التعسفي لمئات النساء والفتيات الفلسطينيات، بما في ذلك المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والعاملين في المجال الإنساني، في غزة والضفة الغربية منذ بدء الصراع في 7 أكتوبر.
- تعرّض العديد من المعتقلات لمعاملة غير إنسانية ومهينة، وحُرمن من فوط الدورة الشهرية، والطعام والدواء، وتعرضن للضرب المبرح.
- احتجاز نساء فلسطينيات في غزة في قفص تحت المطر والبرد، دون طعام.
- الاعتداء الجنسي على النساء والفتيات أثناء الاحتجاز مثل تجريدهن من ملابسهن وتفتيشهن من قبل ضباط الجيش الإسرائيلي الذكور.
- ما لا يقل عن معتقلتين فلسطينيتين تعرضتا للاغتصاب بينما ورد أن أخريات تعرضن للتهديد بالاغتصاب والعنف الجنسي.
- التقاط جيش الاحتلال الصهيوني لصور مهينة للنساء والفتيات وتحميلها على الإنترنت.
- الاختفاء القسري لعدد غير معروف من النساء والأطفال الفلسطينيين، بما في ذلك الفتيات، بعد الاتصال بالجيش الإسرائيلي في غزة.
- رضيعة واحدة على الأقل نقلها الجيش الإسرائيلي قسراً إلى داخل الكيان، وعن فصل أطفال عن والديهم، ولا يزال مكان وجودهم مجهولاً.
المطلوب من المجتمع الدولي ومن المؤسسات الدولية: التحرك الفوري من أجل وقف هذه الاعتداءات والانتهاكات الجسيمة في حق النساء والفتيات والأطفال لأنها تشكّل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وتصل إلى مستوى الجرائم الخطيرة بموجب القانون الجنائي الدولي التي يمكن مقاضاتها بموجب نظام روما الأساسي.
ثبوت المسؤولية الجنائية الدولية يستوجب المحاسبة والعقاب
هذه الجرائم المذكورة تضاف إلى جملة من الانتهاكات الأخرى التي ارتبطت بأفعال الإبادة الجماعية والتي أثارتها دولة جنوب أفريقيا في الدعوى المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية بشأن اتخاذ التدابير المستعجلة في إطار الانتهاك لاتفاقية منع الإبادة الجماعيّة. وتتعزّز هذه الدعاوى اليوم بالتقارير الدولية التي أفادت بتعرض نساء وفتيات فلسطينيات بغزة للضرب أو الاعتقال أو الإهانة أو الاغتصاب أو الإعدام على يد ضباط إسرائيليين، واعتبارهم أهداف "عسكرية".
من الضروري تفعيل هذه التقارير الأممية بتحقيق دولي محايد يدعم الوقائع والشهادات الحيّة للعديد من الضحايا الذين قدّموا إفادات تفنّد مزاعم الاحتلال الذي أنكر قيام جنوده بتلك الجرائم، على الرغم من الإثباتات والقرائن الواضحة. كما تجدر الإشارة أيضا إلى أنّ التقارير الأممية الصادرة عن خبراء يتمتعون بمهنية فائقة، ويتمتعون بمصداقية كبيرة على المستوى الدولي. بالتأكيد هذه الخطوة ستكون دليل إضافي واضح على جريمة الإبادة والتطهير العرقي التي يرتكبها الاحتلال بقيادة مجرم الحرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وجيشه ضد الشعب الفلسطيني.