في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، تتزايد الضغوط الدبلوماسية على بريطانيا لتعليق مبيعات الأسلحة إلى كيان الاحتلال. وانعكس هذا الأمر على الجلسة الأخيرة لمجلس العموم البريطاني، بعد اقتراح بتعليق تراخيص تصدير الأسلحة إذا مضى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو قدماً في هجوم بري محتمل على رفح جنوبي غزة.
انزلق مجلس العموم البريطاني إلى حالة من الفوضى، بعد أن أدانت الحكومة والحزب الوطني الاسكتلندي رئيس البرلمان ليندسي هويل لتعامله مع تصويت على دعم وقف إطلاق النار في غزة الذي وقف ضده. حيث انسحب مشرعون من الحزب إضافة لأعضاء حزب المحافظين الحاكم من القاعة في احتجاج على تصرفات هويل الذي لم يدعم هذا القرار.
تركز الجدل الذي حصل داخل المجلس على رأيين، الأول عبّر عنه زعيم الحزب الوطني الاسكتلندي في وستمنستر ستيفن فلين بأن "60٪ من المباني في غزة إما تضررت أو دمرت، والكثير من الأراضي الزراعية في حالة خراب، وحوالي 30،000 شخص لقوا حتفهم، و 70،000 جريح، و 1.4 مليون شخص يحتمون حاليا في رفح، في انتظار هجوم إسرائيلي وشيك". متوجهاً إلى رئيس الوزراء بالقول انه عليه "القبول بأن هذا لا يرقى إلى الدفاع عن النفس". وهو الأمر الذي رد عليه ريشي سوناك، بأنه "يشارك المخاوف بشأن ارتفاع معدل الخسائر في صفوف المدنيين والأزمة الإنسانية المتزايدة".
هذا الأخذ والرد انتهى بتذكير فلين لسوناك بأن "مجلس العموم ستتاح له الفرصة للانضمام إلى غالبية المجتمع الدولي والقول إن الكيل قد طفح لوقف القتل في غزة وإطلاق سراح الرهائن... وأفضل طريقة للقيام بذلك هي إرسال رسالة واضحة وموحدة بأننا ندعم فوريا لإطلاق النار. بالتأكيد يمكننا جميعا، بغض النظر عن ولائنا السياسي، أن نتفق على هذه القضية بالذات". لكنه لم ينته إلا بانقسام سياسي يتبلور تدريجياً مع استمرار الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد المدنيين في قطاع غزة، وازدياد عدد الجرائم وأنواعها، التي لم تترك سبلاً إلا واستخدم ضد الشعب الفلسطيني.
وبحسب صحيفة الغارديان البريطانية أنه "في حين لم يتم اتخاذ قرار بشأن تعليق تراخيص تصدير الأسلحة، فإن بريطانيا لديها القدرة على الرد بسرعة إذا قالت المشورة القانونية للوزراء إن إسرائيل تنتهك القانون الإنساني الدولي".
ثمة من يقول بأن قرار هويل بإجراء تصويت ساعد حزب العمال المعارض - الذي من المرجح أن يفوز في الانتخابات العامة القادمة - على تجنب تمرد واسع بين مشرعيه بشأن موقفه من حرب إسرائيل على غزة. اذ أن الطريقة التي تم فيه التصويت أتت على شكل سابقة. حيث قدم الحزب الوطني الاسكتلندي، الذي قدم اقتراحاً يدعو إلى "وقف فوري لإطلاق النار" في غزة. ثم اقترح حزب العمال والمحافظون تعديلات على الاقتراح قبل أن يكون هناك اتفاق لوقف إطلاق النار كهدنة إنسانية وفورية. استغل هويل هذا الأمر ليقدم هذين التعديلين للتصويت، مخالفاً بذلك المبدأ الذي يقوم على عدم قدرة الحزب المعارض تغيير اقتراح حزب آخر.
هذا التصرف الذي وصف بأنه "مثير للسخرية، ويسبب بأزمة دستورية، افضى أخيراً إلى الموافقة على تعديل حزب العمال شفهياً، دون تصويت رسمي حيث يتم تسجيل آراء المشرعين الفردية، على رغم رفض شريحة واسعة.
زعيمة الحكومة في مجلس العموم، بيني موردونت، قالت إن "هويل اختطف النقاش وقوّض ثقة المجلس".
من جهته، قال وزير الخارجية البريطاني، ديفيد كاميرون، وفي رسالة إلى لجنة الشؤون الخارجية بشأن ضوابط تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، إنه لا يرى كيف يمكن لهجوم في رفح أن يمضي قدماً دون الإضرار بالمدنيين وتدمير المنازل.
انضمت المملكة المتحدة إلى عدد من الدول للضغط على إسرائيل لتجنب هجوم بري في رفح، بحسب صحيفة الغارديان البريطانية. في حين أن السلوكيات التي تنتهجها لندن في التعامل مع هذه القضية تشير إلى عدم الجدية البريطانية. اذ ان بريطانيا المتورطة عسكرياً في اليمن، والتي امتنعت عن التصويت في الأمم المتحدة في تصويت لصالح وقف إطلاق النار، هي داعمة ومشاركة في الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني منذ أكثر من 4 اشهر.
الكاتب: غرفة التحرير