يمكن تلخيص خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بمناسبة يوم الجريح والأسرى، الذي أُقيم الثلاثاء 13/02/2024، بأن خطاب تثبيت معادلات الردع، والتأكيد على أن قرار فتح جبهة المقاومة في جنوب لبنان الداعمة للمقاومة الفلسطينية في غزة، بمواجهة الكيان المؤقت، كان انطلاقاً من واجب ومسؤولية شرعية دينية وواجب ومسؤولية وطنية، قبل أي اعتبار آخر قد يحاول البعض إثارته من منطلق السفالة لا أكثر.
فقد بيّن السيد نصر الله في الخطاب بأن إسرائيل التي كانت تستبيح كل لبنان، وتضرب وتدمر أبنية في العاصمة بيروت، قبل العام 1982 عند حصول أي عملية للمقاومة الفلسطينية أو الوطنية، باتت اليوم أمام واقع جبهة مفتوحة تحصل فيها عمليات يومية للمقاومة الإسلامية على مواقع جيش الاحتلال وتجمعاته وآلياته، بصواريخ ثقيلة ونوعية تلحق فيه خسائر فادحة (بشرياً ومادياً: أكثر من 800 قتيل في الجيش الإسرائيلي، وما يفوق 3.5 مليار دولار خسائر عسكرية مباشرة)، وأن الإسرائيلي بالرغم مما يلحق به من خسائر، يضطر لأن يقاتل ضمن حدود وضوابط معينة. وبالتالي فإن واحدة من اهم إنجازات هذه المعركة هي تثبيت موازين الردع، وتثبيت أن لبنان لديه قوة رادعة حقيقية (بعكس تحليلات البعض من أن معادلات الردع هي فقط لما قبل معركة طوفان الأقصى). وشدّد السيد نصر الله بأن الإسرائيلي طوال الأشهر الماضية، لا يزال يحسب ألف حساب "عندما يريد أن يوسع ويمتد كما ونوعا، لأنه يوجد حسابات مع لبنان".
الردع أعطى قيمة دولية للبنان أيضاً
كما أشار السيد نصر الله الى بعد آخر لتثبيت موازين الردع، وهو إعطاء القيمة الدولية للبنان، من خلال مجيء الوفود الأمريكية والفرنسية والألمانية والبريطانية والأوروبية والعربية اليه، بسبب هذه الجبهة وبسبب هذه المقاومة.
فهذه الوفود الدولية تأتي الى لبنان في إطار تحقيق هدف واحد لا غير، هو أمن وحماية إسرائيل، ووقف إطلاق النار على المواقع الإسرائيلية، وتمكين مستوطني المنطقة الشمالية في فلسطين المحتلة من العودة، وهم الذين يتراوح عددهم ما بين 100 ألف و250 ألف مستوطن.
التوسعة يقابلها التوسعة أيضاً
توازن الردع الذي بيّنه السيد نصر الله، أتبعه بتهديد ومعادلة، يقابلا كل التهديدات الإسرائيلية في الفترة السابقة. وبالرغم من تأكيد السيد نصر الله إلى أن كل الاحتمالات في المنطقة مفتوحة. إلّا أنه أعاد التأكيد بأن جبهة اللبنانية تقاتل وعينها على قطاع غزة، أي بمعنى ربط الوتيرة الميدانية فيها بما يحصل هناك.
وربما هذا ما يفسر تطوراتها اليوم الأربعاء (14/02/2024)، عندما استهدف حزب الله بضربات صاروخية دقيقة (وصفت بالأعنف خلال 129 يوماً) قواعد عسكرية إسرائيلية في محيط مدينة صفد شمالي فلسطين: القيادة الشمالية دادو والقاعدة الجوية في ميرون وقاعدة عسكرية في صفد. وقد أدّى هذا الهجوم الصاروخي الى مقتل جنديين وإصابة 7 عسكريين بعضهم في حال حرجة.
وبالعودة الى رد السيد نصر الله على التهديدات الإسرائيلية، خاصةً تلك الصادرة عن وزير الحرب يؤاف غالانت، فقد وضع المعادلات التالية:
1)وقف إطلاق النار في غزة سيقابله وقف إطلاق النار في جبهة الجنوب اللبناني.
2)استمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان، مع توقف العدوان على غزة، فإن المقاومة جاهزة لهكذا احتمال، وكل اعتداء إسرائيلي سيقابله رداً متناسباً وفعالاً ومنتجاً ومؤثراً من المقاومة.
3)في حال حصول توسعة للمعركة أو الذهاب الى حرب، فعندها على الإسرائيلي أن يهيّئ الملاجئ والفنادق والمدارس والخيام لمليونين مُهجّر من شمال فلسطين المحتلة وليس فقط لـ 100 ألف أو 200 ألف مستوطن مهجّر في المرحلة الحالية. مضيفاً: "ومن يُهدّدنا بالتوسعة، أنا أقول له، طبعًا نحن أناس عقلاء ودقيقون ومنضبطون، ولكن تُوسّع نُوسّع، تُوسّع نُوسّع، بتعلّي منعلّي".
4)موقف المقاومة ومحورها قوي جداً: من أجل "حسابات العدو وحسابات الصديق وكل الذين يأتون وسطاء"، عدم التصوّر بأنّ المقاومة في لبنان خلال كلّ هذه التجربة ومن خلال فعلها الميداني وتضحياتها أيضًا وما تملكه من عناصر القوة أنّها تشعر ولو للحظة واحدة بخوف أو مأزق أو ضعف أو ارتباك، لأنه يكون بذلك مُشتبه ومُخطئ تمامًا ويبني على حسابات مُخطئة تمامًا. وشدّد السيد نصر الله بأن هذه المقاومة "هي أشد يقينًا بفعل المعادلات التي حصلت ومُجريات الميدان في لبنان وفي غزة وفي محور المقاومة هي أقوى يقينًا وأشد عزمًا من أيّ يوم مضى على الاستعداد والقرار لمواجهة العدو في أيّ مستوى من مستويات المواجهة وبدون أيّ تردّد وبدون أيّ قلق. هذا كله يجب أن يحسبه العدو ويجب أن يلتفت إليه الصديق ولذلك لن يكون هناك خيار أمام هذا العدو سوى أن يعترف في نهاية المطاف، حتى لو لم يعترف، أن يُمارس فعل الهزيمة ويوقف العدوان على غزة. هذه معركة هذه هي نتيجتها إن شاء الله، هزيمة العدو، عدم انتصار العدو، انتصار غزة والمقاومة في غزة ومعها كلّ محور مقاومة".
الكاتب: غرفة التحرير