يؤشر اللجوء إلى عمليات الاغتيال إلى ضعف رصيد منجزات الكيان في الحرب العسكرية، وعجزه عن ردم الهشاشة التي كشفتها المعركة الميدانية، وانكشاف دوره الوظيفي الخائب في المنطقة. فبعد 106 أيام على معركة طوفان الأقصى تم اغتيال 5 من المستشارين العسكريين الإيرانيين، بغارة إسرائيلية على حي المزة بالعاصمة السورية. يسعى الكيان من خلالها إلى مراكمة النقاط بكل الوسائل المتاحة مستفيداً من القدرات التكنولوجية المتقدّمة. حدثت عملية الاغتيال في سياق تدمير إحدى المقرات التجسسية الرئيسية لجهاز الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) في إقليم كردستان العراق، وفي ظل الخلافات الأميركية الإسرائيلية والخلافات الداخلية الإسرائيلية، وضبابية الأفق السياسي. يفتح هذا الاغتيال مجدداً المجال أمام إيران للرد وتسديد ضربة أكثر إيلاماً على المصالح الإسرائيلية في ربوع الإقليم.
الدوافع الإسرائيلية وأهدافها
هي المحرك العام الكلي لإعادة تفعيل الكيان برنامج الاغتيالات واغتيال المستشارين الخمسة في سوريا:
- الرد على الضربات المؤلمة التي نفذتها إيران في المنطقة ومنها استهداف قاعدة أربيل.
- استدراج الأمريكي عبر التصعيد ضد إيران من خلال توسيع رقعة العمليات في الإقليم، مما يجعلها في مواجهة مع الولايات المتحدة.
- تسجيل إنجازات تراكمية وصور نصر لتصديرها خارجياً وداخلياً، وخصوصاً في ظل الضغط الداخلي الذي يتعرض له نتنياهو في الداخل الإسرائيلي، إن كان على المستوى الشعبي أو السياسي في الحكومة.
- ردة فعل على ضربات تتلقاها من طهران، لا سيما أن الأخيرة قد فككت العشرات من الخلايا التجسسية الإسرائيلية خلال الأشهر الماضية.
- الانتقام والرد على عمليات محور المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق واليمن.
- محاولة رفع معنويات المستوطنين والمؤسسة العسكرية والأمنية.
- محاولة ردم الخسائر الميدانية في الحرب على غزة. حيث تأتي في سياق سياسة حكومة اليمين الإسرائيلي لفتح جبهة جديدة تنقذها من مصيدة غزة.
- محاولة ردع حركات المقاومة عن تهديد الكيان، أي استعادة الردع وكبح التهديد.
- إظهار القدرة على استعادة الإمساك بزمام المبادرة والتحكّم بالمواجهة.
- كبح تنفيذ العمليات ضد الكيان وإرباك العمل الميداني.
- اختبار النوايا والاستعدادات وجسّ نبض الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
- توليد حالة من الخوف والهلع والتوتر لدى البيئات الحاضنة للمقاومة وقواعدها.
- الانتقال من حالة التردد وإظهار ضعف الردع إلى مستوى الضربات الأمنية دون سقف الحرب الشاملة.
ختاماً، استهداف الشخصيات البارزة لتقويض هيكلية وتنظيم حركات المقاومة لا يضعف عزيمة المقاومة، بل يعززها، ويؤدّي إلى تعاقب الأجيال في سعيها لتحقيق الهدف المنشود، ولا ضمانة للأميركي والإسرائيلي أن من سيخلف القائد المستهدَف لن يكون تهديده أشد وطأة على المغتال. ولم تُحدث هكذا عمليات ضرر لا يمكن إصلاحه لدى منظومة الجهة المستهدفة، كما أن الاغتيالات لن تغيير في مسار عمليات القتال أو مسار الحرب، بل على العكس منذ بداية الاستهدافات الأمنية الإسرائيلية تصاعدت الردود من المحور، وانتقل إلى مرحلة الأهداف النوعية الإقليمية، مع الحفاظ على المبادرة الفعالة، وفعالية الأداء، بالإضافة إلى استمرار الدعم الشعبي والتفاف قواعد المقاومة الشعبية داخل كل ساحة من ساحات المحور.
الكاتب: غرفة التحرير