في سبتمبر عام 2018، وفي تقرير سري تمّ الكشف عنه لاحقًا، كان ثمة انتقاد شديد اللهجة بشأن الثقافة التنظيمية للجيش الإسرائيلي. وادعى التقرير أنه في الحرب القادمة، لن تكون القوات الجوية والاستخباراتية والسايبرانية كافية لوقف إطلاق الصواريخ على الجبهة الداخلية، ولكنها ستتطلب مناورات برية في عمق أراضي العدو وربما على عدة جبهات في وقت واحد.
في أعقاب الانتقادات، عين رئيس أركان الجيش الإسرائيلي آنذاك الجنرال غادي آيزنكوت لجنة لفحص استعداد القوات البرية للحرب ("اللجنة")، برئاسة مراقب الجيش الإسرائيلي العميد (احتياط) إيلان هراري. ولخص هراري عمل اللجنة قائلا إن وضع القوات البرية تحسن بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، وأعلن: "نحن نقرر أن القوات البرية مستعدة للحرب". ومع ذلك، أشارت اللجنة أيضا إلى ثغرات كبيرة في استعداد القوات البرية في جوانب معينة. ومن بين النتائج التي تم التوصل إليها: وجود ثغرة في تنفيذ نظام القيادة والسيطرة في كتائب الاحتياط؛ ووجود ثغرة في بناء نظام للقيادة والسيطرة في الكتائب الاحتياطية. فجوة في نظام التنقل اللوجستي، تنعكس في نقص كبير في الشاحنات لنقل الذخيرة والإمدادات والمركبات القتالية المدرعة؛ الاستحواذ البطيء على الدبابات المتقدمة وناقلات الجنود المدرعة؛ الحاجة إلى زيادة مخزونات الأسلحة في مناطق معينة؛ الثغرات في التوظيف مقارنة بالمعايير في الدعم القتالي والوظائف العادية والاحتياطية؛ فجوة معينة في استدعاء جنود الاحتياط؛ بيئة تدريب لا تحاكي بعض سيناريوهات القتال؛ حوار غير مرض بين القادة والضابطات الشابات. وادعى اللواء آفي مزراحي، الذي ترأس اللجنة التوجيهية للجنة هراري، أنه في أعقاب نجاحات القبة الحديدية، ترسخ تصور خاطئ بين صناع القرار بأنه يمكن تحديد الأنظمة دون مناورات برية، ولكن في رأيه لن يكون من الممكن حسم حرب في لبنان دون مناورة برية. مع الأخذ بعين الاعتبار الثغرات التي تم العثور عليها في الفحص والحاجة إلى مزيد من التعزيز، أوصت اللجنة بزيادة كبيرة في الميزانية لتعزيز القوات البرية (حوالي 2 مليار شيكل سنويا، لمدة خمس سنوات)، بالإضافة إلى الميزانية المنصوص عليها في خطة جدعون.
لكن، رفضت لجنة بارليف ادعاء بريك بأن الجيش الإسرائيلي لم يكن مستعدًا للحرب، مدعية أن هذه مشاكل معروفة تعامل معها رئيس الأركان بشكل مناسب وفقا للأولويات المستنيرة. ونشرت تقريرها الخاص حول استعداد الجيش الإسرائيلي، استنادا إلى الاختبارات التي أجرتها في السنوات الأخيرة. وأشار التقرير، من بين أمور أخرى، إلى أن 6 من قادة الفرق الذين طلب منهم أعطوا درجة 8 من أصل 10 إلى مستوى استعداد وحداتهم، في حين أن 8 من قادة الكتائب الاحتياطية الذين سئلوا أعطوا درجة قريبة من 9. وكجزء من توصياتها، أعطت لجنة بارليف أولوية قصوى لرفع رواتب المقاومين وأوصت بضرورة الرصد لتصحيح أوجه القصور التي وجدتها اللجان المختلفة في التعامل مع نائب رئيس الأركان ومسؤوليته. كما طالبت بأن تتطابق الخطط العملياتية، ولا سيما الجداول الزمنية للإبلاغ عن القتال، مع التقييم القائل بأنه سيحدث تحت نيران كثيفة على شرايين المرور ومراكز التجنيد والقوات الخاصة.
لاحقًا، تمّ تفسير الاختلافات بين التقارير، على أنها الفجوة بين ما هو مرغوب فيه، وما هو متاح من وجهة النظر المهنية، وبعبارة أخرى، تنبع بعض الثغرات من قرار بشأن أولويات الجيش الإسرائيلي في ضوء قيود الميزانية، في حين يرى بريك أنها أوجه قصور خطيرة في استعداد القوات البرية للحرب.
أما فيما يتعلّق بالمشتركات بين التقارير، تمّ رصد ثغرات في استيعاب نظام جيش الاحتلال، والثغرات في التوظيف في مواقع الدعم القتالي في الأنظمة الدائمة والاحتياطية، والثغرات في النظام اللوجستي.
على خطٍّ أخر، وتحت عنوان هل الجيش الإسرائيلي مستعد للحرب القادمة، أصدر معهد القدس للدراسات الاستراتيجية مقالًا طرح فيه الأسئلة الممتدة عن التقارير: هل تحرص قيادة البلاد على تهدئة الجبهة الداخلية وتزويدها بالقوة العقلية التي تحتاجها لتحمل الصراعات القادمة؟ هل الروح القتالية للجيش الإسرائيلي هي حقا ما يفترض أن تكون؟
يقول الكاتب، من ناحية، يبدو أن الجيش الإسرائيلي يبني قدرة مثيرة للإعجاب لسحق حزب الله وحماس والقوات الإيرانية في لبنان وسوريا وغزة، عندما تحدث الجولة التالية الحتمية من القتال. لكن، غادرت هذا الأسبوع مؤتمرا مع مخاوف جدية بشأن استعداد الجيش الإسرائيلي للحرب. أو بالأحرى، عن روحه القتالية. ويورد الكاتب، أن إسرائيل لديها العديد من القدرات: اقتصاد وصناعة قويان، وجيش ومدنيون متحمسون، وجبهة داخلية مرنة. إسرائيل قوة هائلة، ويمكنها إخضاع أي من القوى الإسلامية التي تحيط بنا". ولكن هذا هو المكان الذي تبدأ فيه الشكوك في التسرب. هل تحرص قيادة الاحتلال على تهدئة الجبهة الداخلية وتزويدها بالقوة العقلية التي تحتاجها لتحمل الصراعات القادمة؟ وهل الروح القتالية لجيش الاحتلال هي حقًا ما ينبغي أن تكون؟ ليس حقًا، يجيب نفسه.
عوزي روبين، زميل بارز في معهد القدس للدراسات الاستراتيجية ومؤسس إدارة هوما للدفاع الصاروخي التابعة لوزارة الدفاع (التي طورت صاروخ أرو)، يحذر من أن استراتيجية إيران هي حرب استنزاف طويلة ضد إسرائيل. سلسلة من الحروب "المزعجة" التي ستؤثر على اقتصاد الاحتلال وتجعل الحياة هناك لا تطاق. وبدون استثمارات كبيرة في حماية بنيتها التحتية الوطنية وقدرتها على البقاء - وهو ما يعتقد روبين أن إسرائيل لا تفعله بما فيه الكفاية - هناك قلق، في رأيه، من انهيار "الصمود الوطني" لإسرائيل، مما سيؤدي إلى هجرة المستوطنين.
ثمة رأي في الكيان يضع اللوم على الرسائل الليبرالية التقدمية التي "تضعف تصميم الجنود وروحهم القتالية"، ويدعي أنه على مدى العقدين الماضيين، عهد جيش الاحتلال ب "تعليم القيم" لجنوده إلى هيئات مدنية فصلت بشكل أساسي برامج "إرث المعركة" عن أسسها في "الروح الصهيونية"، وجعلتها أقرب إلى المناهج التي تؤكد على القيم الإنسانية والقانون الدولي.
الكاتب: غرفة التحرير