سرعان ما وفى الضباط المتخرجون في الجيش السوري بقسمهم، ببذلهم دمائهم لأجل واجبهم، في حماية سوريا وشعبها، بعدما غدرت بهم طائرة دون طيار مفخخة، خلال حفل تخريجهم في الكلية الحربية في مدينة حمص.
لكن هذه العملية الإرهابية أدّت أيضاً الى ارتقاء عدد كبير من الشهداء المدنيين، بحيث أعلنت وزارة الصحة في آخر حصيلة غير نهائية، ارتقاء 89 شهيدا بينهم 31 امرأة و5 أطفال، فيما أشارت إلى أنّ عدد الجرحى بلغ 277. مع الإشارة إلى أن الصور التي انتشرت عن لحظات ما قبل حصول العملية، تبيّن بأن الحضور كان يفوق المئات. وهذا يعني أن الجهة التي نفّذت هذه العملية، لا تكترث في حال ارتقاء عدد كبير من الشهداء عسكريين كانوا أم مدنيين.
كما تمّ الكشف بأن وزير الدفاع اللواء علي محمود عباس، قد سبق له مغادرة الاحتفال قبل دقائق من العملية الإرهابية، وهو ما أدى إلى نجاته. إّلا أن تكرار الهجوم على المدينة اليوم الجمعة، ومحاولة استهداف المنطقة التي يتواجد فيها الوزير عباس، أي منطقة الوعر التي يوجد فيها المستشفى العسكري، والتي تم فيها إجراء التشييع الرسمي للشهداء، يدعو الى الترجيح بأن يكون هو الشخص المستهدف من هاتين العمليتين لاغتياله. ونلفت هنا إلى أن العملية حصلت بُعيد انتهاء حفل التخريج ومغادرة وزير الدفاع والضيوف المشاركين والضباط القادة، ولحظة نزول الأهالي لمعانقة أبنائهم الخريجين والمباركة لهم.
وعلى أثر حصول العملية، أصدرت وزارة الدفاع السورية بياناً اتهمت فيه "التنظيمات الإرهابية المسلحة المدعومة من أطراف دولية معروفة ظهر اليوم باستهداف حفل تخريج طلاب ضباط الكلية الحربية في حمص عبر مسيّرات تحمل ذخائر متفجرة وذلك بعد انتهاء الحفل مباشرة، ما أسفر عن ارتقاء عدد من الشهداء من مدنيين وعسكريين ووقوع عشرات الجرحى بينهم إصابات حرجة في صفوف الأهالي المدعوين من نساء وأطفال، إضافة إلى عدد من طلاب الكلية المشاركين في التخرج". ووصفت الوزارة هذا العمل بالإرهابي الجبان والعمل الإجرامي غير المسبوق. مؤكدةً بأنها "سترد بكل قوة وحزم على تلك التنظيمات الإرهابية أينما وجدت، وتشدد على محاسبة المخططين والمنفذين لهذا العمل الإجرامي الذي سيدفعون ثمنه غالياً".
بدوره سارع حزب الله الى إدانة العملية، حيث أصدر بياناً عزّى فيه القيادة السورية والشعب السوري، متهماً عصابات الحقد والتكفير والإرهاب بارتكاب هذه الجريمة، معتبراً بأن الأخيرة تؤكد مرة اخرى على "طبيعة المعركة المتواصلة منذ أكثر من عقد مع الجماعات الارهابية ومشغليها الاقليميين والدوليين وعلى خطورة المؤامرة الكونية المستمرة ضد سوريا وشعبها الصامد. والتي تعود مجددا بدعم خارجي صريح الى ممارسة ادوارها الاجرامية كلما عادت الحياة في سوريا الى طبيعتها" (وهو ما يشير بوضوح الى الولايات المتحدة الأمريكية والدول التابعة لها في منطقتنا). مؤكداً على وقوفه التام والتزامه القاطع الى جانب القيادة والجيش والشعب السوري في هذه المعركة. ومشدداً على أن "هذه المأساة المفجعة لن تفت في عضد سوريا بل ستزيدها قوة وصلابة وعزيمة على المواجهة والانتصار والحفاظ على وحدة سوريا وسلامة شعبها العزيز".
وتوالت بيانات الإدانة من الدول والجهات الحليفة والصديقة لسوريا، بدءاً من الجمهورية الإسلامية في إيران مروراً بروسيا وسلطنة عمان وبيلاروسيا ومصر وغيرهم.
بدء الردّ السوري
وسرعان ما بدأ ردّ الجيش السوري وحلفائه على هذه العملية، فمنذ مساء الأمس، تشهد المناطق التي تتمركز فيها الجماعات الإرهابية في ريف إدلب وريف حلب، قصفاً عنيفاً بالمدفعية وبالصواريخ والقصف الجوي وحتى بالقصف البحري (تم استهداف أكثر من 180 موقع حتى الآن)، الذي يطال المواقع والمراكز والقواعد التابعة للمجموعات الإرهابية التالية: هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، الحزب الإسلامي التركستاني، أنصار التوحيد، كتيبة المهاجرين، وغيرهم.
فرضيات
ومنذ حصول العملية، يتم التداول بعدة فرضيات أبرزها:
_ مسؤولية جبهة النصرة ومسلحي الحزب التركستاني عن تنفيذ العملية، وأن هاتين المجموعتين قامت بتطوير طائرات سبق لهم امتلاكها سابقاً، بالشراكة ما بينهما وبمساعدة خبراء فرنسيين. وهذا ما تم الاستدلال عليه من أن حطام الطائرة يُظهر بأنها متطورة جداً، وتمتلك تقنيات متقدّمة.
عندها تصبح المسافة 100 كم، التي تفصل ما بين الكلية الحربية شمال غربي مدينة حمص، وأقرب جبهة قتال بمحاذاة معرة النعمان جنوبي محافظة إدلب.
_ أمّا الفرضية الثانية فهي التي تقول بأن أمريكا عبر وكلائها في سوريا قد نفذت هذه العملية، لأنه تم رصد تحليق مكثّف لطائرات التجسس الأمريكية والإسرائيلية، خلال الساعات التي سبقت تنفيذ العملية.
وتبعد الكيلة الحربية عن أماكن تمركز "جيش سوريا الحرة" المدعوم أمريكياً في "التنف" حوالي 160 كم. بينما تبعد المنطقة المستهدفة عن مناطق سيطرة ميليشيا قسد في شرق نهر الفرات أكثر من 300 كم، وعن الرقة نحو 230 كم.
_ هناك فرضية تقول بأن المسافة بين المنطقة التي جرى استهدافها بالأمس وحاولوا استهدافها اليوم، لا تبعد عن الحدود السورية اللبنانية سوى 30 كم كحد أقصى. وبالتالي لا يُمكن استبعاد فرضية انطلاق الطائرة من لبنان، أو من منطقة الحدودية ما بين البلدين بالكامل.
الكاتب: غرفة التحرير